من أعلام جازان.. محمد منصور بهلول مدخلي رحمه الله    الإحصاء: استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.2% خلال مايو    توقيع 11 اتفاقية لانضمام شركات ومراكز بحوث هولندية للتحالف السعودي لتقنيات الزراعة والغذاء    اختبارات بعد العيد.. ويوم دراسي كامل يرهق الطلاب ويثير الجدل    تحطم طائرة مروحية شمال الهند    أجواء شديدة الحرارة ورياح مثيرة للغبار على عدة مناطق بالمملكة    الأخضر يفتتح مشواره في الكأس الذهبية بمواجهة هايتي    باحثون يابانيون يطورون جهازًا يحاكي الرؤية البشرية بدقة عالية وذاتية التشغيل    «أرويا كروز» ترسّخ مكانة السعودية السياحية    ولي العهد يُعزي رئيس وزراء الهند في ضحايا تحطم الطائرة    طهران تمتلك 20 ألف صاروخ لن تتحملها تل أبيب    35 قتيلاً قرب موقع توزيع مساعدات.. مطالبات بالتحقيق في مجازر الاحتلال بغزة    وزير الخارجية العماني: محادثات واشنطن وطهران لن تعقد    ولي العهد يُعزي رئيس وزراء جمهورية الهند في ضحايا حادث تحطم طائرة الركاب الهندية    ناقش تداعياتها على الأمن والاستقرار الدولي.. وزير الخارجية يستعرض مع نظرائه في خمس دول التطورات الإقليمية    كالزادا الرئيس التنفيذي لنادي الهلال: واثقون في فريقنا.. والمطالب"الجنونية" عطلت التعاقدات    المملكة تعرب عن تعازيها ومواساتها للهند في ضحايا حادث سقوط الطائرة المدنية    الاحتفاظ ب820 ألف أضحية بتقنيات التجميد الصناعي    "التخصصي " يستضيف اجتماع مستشفيات العيون العالمية    الإطاحة ب4 متورطين في سلب حقيبة امرأة    1.3 مليار عملية استعراض للبطاقات الرقمية ب"توكلنا"    توعية الحجاج المغادرين ب 6 لغات في مطار المؤسس    فنون الطهي السعودي ترسو في معرض تذوق بلندن    الخوف والحظر ايام لا تنسي    هيئة الأفلام تشارك في مهرجان شنغهاي السينمائي الدولي    تقديم تجربة مريحة للقاصدين وتسهيل حركة المصلين.. 1.2 مليون مستفيد من الفرق الراجلة بالمسجد الحرام    خادم الحرمين يوجه بتسهيل احتياجات الحجاج الإيرانيين وتوفير الخدمات لهم حتى عودتهم إلى وطنهم    طبيبة تحذر من جفاف الجسم في الطقس الحار    وزارة النفط الإيرانية تعلن إصابة خزانين للوقود بضربات إسرائيلية    النصر ينهي علاقته ببيولي بالتراضي    سيتي وريال أبرز المستفيدين من الانتقالات الاستثنائية    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه فرنسا في نهائي بطولة تولون الدولية    مختار علي يُعدد مكاسب الكأس الذهبية    ثول تحتفل بالاتحاد بحضور نخبة من نجوم الرياضة والإعلام    الأردن يعلق حركة الطيران في أجواء البلاد حتى إشعار آخر    64.5% من القروض الزراعية للشركات الكبرى    11.8 مليار ريال حجم سوق التصنيع بالأحساء    منظومة متكاملة    ضبط 9639 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    أنفاسك تحدد هويتك بدقة    مفارقة صحيّة لافتة    من النفط إلى الغاز: إسرائيل توسع مسرح عملياتها    فيلم «Memento» يطلق في المملكةط للمرة الأولى    نجاح استثنائي.. حلول مبتكرة ومستدامة    هيئة الأفلام تشارك في مهرجان شنغهاي السينمائي    النقوش والخطوط على جدران المسجد النبوي تجسدان إرثاً حضارياً    ولي العهد يعزي الرئيس الإيراني ويجدد إدانة المملكة للاعتداءات الإسرائيلية    القبض على يمني في جدة لترويجه 194 ألف قرص من مادة الإمفيتامين المخدر    3 كراتين مياه زمزم للفرد عبر تطبيق نسك    دعوات سعودية بريطانية تركية: خفض التصعيد وحل الخلافات بالحوار    المملكة آمنة من مخاطر المنشآت النووية الإيرانية    بالصور مدينة الأخدود الأثرية بمنطقة نجران تاريخ من الآثار والتراث العريق    حاج سوداني أول القادمين وآخر المغادرين عبر منفذ الرقعي    صوت العصر السعودي الجديد    التوتر اضطراب طبيعي واستمراره لفترة طويلة دون تدخل يكون ضارًا    توصيات طبية: تجنب الشاشات قبل النوم بساعتين لحماية النظر    خادم الحرمين يوجه بتسهيل كافة احتياجات الحجاج الإيرانيين حتى تتهيأ الظروف لعودتهم إلى وطنهم سالمين    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه خطباء الجوامع بتخصيص خطبة الجمعة لشكر الله على نعمة نجاح موسم حج 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وللجط كلام آخر..
نشر في الرياض يوم 22 - 08 - 2024

فن (الجط) أو (القط) له خصوصية ذات انعكاس على الشخصية في المنطقة الجنوبية لما تتبادله من تأثير مع البيئة.. فإذا ما تأملنا ألوان مادته سنجدها واضحة صريحة غير غائمة، وهي إحدى سمات الشخصية، كما أنها تأخذ الوضوح من الشخصية ذات البيئة المشجرة المزهرة والشمس الساطعة وهو ما يفسر الشخصية ذاتها..
لقد اشتهر فن الجط في منطقة الجنوب من المملكة العربية السعودية، وهو فن له فلسفته وله مفهوم غير مبرم بين أفراد المجتمع، ولذا فقد أصبح من مفردات التراث المادي المهم، لما له من انعكاس لخصوصية هذه المنطقة ولما لهذه البيئة من انعكاس على فنونها وبالتالي على الشخصية التي تأخذ منها فنونها خصائصها.
والقط أو (الجط) هو نقش تقوم به نساء متخصصات في هذا الشأن، وهو مكون إما من خطوط عريضة تشكل ما بين 20 وثلاثين سنتيمتراً تقريباً، تعلو بعضها مع ترك مساحة بيضاء بين كل خط والآخر يساوي نفس العرض الملون، أو أشكال هندسية تتوسط هذه الخطوط. ويختلف عدد الخطوط بين منازل الأغنياء والفقراء. ولفن الجط مبدعة تأخذ منزلة فنية بين النساء ويطلق عليها (كاتبة) ولها تقديرها المجتمعي -وهو مفهوم الفنانة التشكيلية في يومنا هذا- لأنها تكتب لغة مضمَّنة يفهمها الجميع ويحترمون تضمينها، إذ إنه فن لا تبدعه إلا ماهرة متمرسة في هذا الفن، وقد تتقاضى عليه أجرا في بعض الأحيان.
وللجط مادة خاصة في ذلك الحين، فلم يكن العرب قد ركنوا إلى الأصباغ الحديثة والألوان الصناعية، بل يستخرجون كل ما يحتاجونه في حياتهم اليومية من الطبيعة، ولذلك تأخذ الفنانة مادتها دائماً من الطبيعة، فالأسود ليس من الفحم المطحون، كما يذكر البعض؛ وإنما من تكتلات الدخان المتجمع على إناء مقلوب على أعواد من سيقان النبات أُشعِلت ثم أُطفِئت نارها، ويبقى الدخان يتصاعد على الإناء المقلوب (أشبه بعملية تقطير الماء)، واللون الأسود عنصر أساسي في القط. أما اللون الأحمر فيؤخذ من طينة حمراء تسمى (المشقة) وعادة ما تستخدم في الصباغة. أما الأخضر فيؤخذ من عصير البرسيم، والأزرق يؤخذ من مسحوق النيلة الأزرق ثم الصمغ حتى يثبت.
ونحن نرصد هذا الفن ونتحدث عنه لما له من خصوصية ذات انعكاس على الشخصية في المنطقة الجنوبية لما تتبادله من تأثير مع البيئة. فإذا ما تأملنا ألوان مادته سنجدها واضحة صريحة غير غائمة، وهي إحدى سمات الشخصية، كما أنها تأخذ الوضوح من الشخصية ذات البيئة المشجرة المزهرة والشمس الساطعة وهو ما يفسر الشخصية ذاتها.
أما أدواته من إناء مجوف لجمع الدخان وبعض الآنية لخلط المواد، والريشة –الفرشاة هي أهم أداة في عملية الجط- فيؤخذ من فرو الضأن وخاصة أذنابها الذي يثبت على عصاة صغيرة وتتنوع المقاسات بحسب أنواع الخطوط، فلكل لون فرشاته وحجمه. وهو معلم من معالم منازل أهل الجنوب كما أسلفنا.
أما خطوطه فهي أشكال هندسية متفق عليها، وقد تطور الجط حتى أن إحدى لوحاته قد وضعت في مبنى الأمم المتحدة مؤخراً، تكريماً لهذا الفن الرائع، لكنه لم يتعرض للتحليل والتفسير في مفهومه وفي وظيفته، سوى بعض الدراسات التي أكدت أن "هذا الفن الذي يحاكي الفن التجريدي بمختلف مكوناته وعناصره الإبداعية، أبدعت المرأة في وضع النقوش والألوان بفطرتها وسليقتها ونظرتها الجمالية نحو الأشياء فعبرت من خلال بساطتها عن فن فريد لفت انتباه عدد من الدارسين الذين عملوا على دراسة هذا الفن ومعرفة جذوره التاريخية"..
وظيفة القط:
لا تقتصر وظيفة الجط على تزيين المنازل والأواني كوظيفة جمالية، بقدر ما له من وظيفة أبستمولوجية مهمة، في البعد الاجتماعي والاقتصادي أيضاً، كما أن له قوانينه التي لا تجرؤ الأفراد على تخطيها احتراما لما تحمله من مفهوم أبستمولوجي.. وخاصة لأن الغرباء يفدون بدون معرفة لقطاني المكان، فيدخلون من الأبواب المشرعة على الدوام وبدون استئذان، ومن هنا تأتي الوظيفة، بالتعرف على مكانة قاطني المنزل وحالتهم ووضعهم التدرُّجي في قريتهم أو مدينتهم سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية. فالوجهاء أو الشيوخ يعرف لأول وهلة من مستوى الجط على الجدار، فيقال عنه (القط لمنتصف الجدار) كناية عن مكانته الاجتماعية، لأن الغريب يدخل أي بيت يقابله فيمكث ويأكل ويبيت ثم يواصل مسيره بدون أن يسأل عن غرض وفوده، وبالتالي فعليه أن يعرف قدرات هذا البيت ومكانته.
والجط لا يوضع على الجدران فحسب وإنما تزين به الآنية كالمباخر والفناجين من الخارج وغير ذلك من الأواني، ويختلف القط بين مجالس الرجال ومجالس النساء، فالاهتمام بالقط في المجالس الكبيرة للرجال يعود إلى وظيفته التي ذكرناها.. والجط من أهم المعالم التراثية في جنوب المملكة.
يقول أحد الباحثين: "وجدت أن فن القط أو النقش يقسم إلى أربعة أنواع، طبقاً للمفردات المحلية الدارجة والمستخدمة:
1- الختام: وعرضها في الجدار بين 30 و40 سنتيمتراً، تحفها الحظية دائماً وتعلوها البناة والأمشاط غالباً وتزينها الركون المثلثة الشكل في أركان البيت، ويحتاج الجدار الطويل إلى ابتكار فني يتوسط الجدار على شكل دائري أو مربع، والختام تسمية لأشكال مربعة، وتنقش مربعات الأختام بأشكال ودلالات مختلفة تغلب عليها الأرياش، والبلسنة وهي معينات تحيطها أو تتوسطها النقط التي لا يخلو النقش منها، والخطوط الأفقية -المثالث والمخامس- ثلاثة خطوط أو خمسة متوازية ألوانها مختلفة يعلوها النقش، وقد يكتفي بها في بعض المنازل، وهي غالبة في سبحات الدرج.
2- الحظية: نقش على طول الجدار عرضه أقل بكثير من الختام، ويستخدم في مجالس النساء.
3- البترة: وهي الجامعة لكل أنواع النقش، والمنقوشة بعناية فائقة، لذلك تظهر في واجهة المجالس.
التقطيع العمري: "خطوط رأسية متوازية ومتقاربة تمثل قاعدة ينطلق منها خيال الفنانة إلى الختام أو الحظية".
ومع كل ذلك فإن المبالغة في رسم الجط وفي تأطير مفرداته، لا تأخذ المساحات الكبيرة سوى في مجالس الوجهاء، ولا يجرؤ أحد أن يتعدى شاراته المتفق عليها بحيث يظل خطوطا متواضعة في منازل ميسوري الحال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.