انتشر في وقتنا المعاصر المبالغة والإفراط في إجراء عمليات التجميل، والتي قد يتسبب بعضها في أضرار صحية، وتزيد فرص الإصابة بمضاعفات خطيرة جراء إجراء هذه العمليات التي قد يكون أغلبها غير ضروري، بل يراد منه المبالغة في التجميل باستخدام الطرق المختلفة كحقن "البوتوكس" و"الفيلر" والتي قد تتسبب بعضها في تلف شديد في أعصاب المنطقة التي أجريت بها عملية التجميل مما يتسبب في تغيير ملامح الوجه والجسم، ومثل هذه العمليات يقبل عليها الإناث، ومنها تجميل الأنف وما بعد السمنة وما بعد الأمومة، ونحت الجسم، وشفط البطن، أمّا بالنسبة للشابات فأغلبية عمليات التجميل اللاتي يخضعن لها تتركز في نحت الجسم وتجميل الأنف وشفط الدهون وحقن الدهون في الوجه. "الصحة": احذروا الإعلانات.. وعلى المنشآت احترام أخلاقيات المهنة ولم تعد تقتصر عمليات التجميل على الإناث بل انتقلت العدوى للذكور ومن هذه العمليات إزالة زوائد التثدي، وشد الوجه، وبات بعض الشباب يتسابقون عليها، وبسبب ذلك ينمو قطاع التجميل بالمملكة بشكلٍ كبير بسبب التهافت على العيادات، ومع ازدياد المراكز المتخصصة تتفاوت الأسعار والجودة، وأكدت الإحصائيات غير الرسمية بالمملكة أن أكثر من 40 في المئة من عمليات التجميل في المملكة من نصيب تجميل الأنف وشد الوجه وشفط الدهون، وهي أكثر العمليات الجراحية إقبالاً من الشباب والشابات، وفي كل مناسبة تحذر وزارة الصحة من الانسياق خلف ما يروج لمثل هذه العمليات بواسطة منصات التواصل الاجتماعي والتي يساعدها في ذلك صعوبة ضبطها. ابتعدوا عن المبالغة ورأت د. نورا موسى -طبيبة تجميل- أنه أصبح البحث عن الجمال هدفا يكاد يجمع عليه الناس، لذا فمجال التجميل الآن يتسع ويتطور بشكل واضح وسريع، مضيفةً أن التجميل يحسن الحالة النفسية للفرد مما ينعكس على جميع مناحي حياته، وأيضاً ينعكس على صحته الجسدية، مبينةً أن التجميل أولاً يأتي لإصلاح العيوب، ويجب أن تراعى العادات والتقاليد، ويجب أن نحافظ على شخصيتنا فلا تصبح نسخة من آخرين، وأن نبتعد تماماً عن المبالغة، فالوسطية والرقة من أجمل الأشياء، ذاكرةً أن مقاييس الجمال تختلف من شعب إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى بل وفي نفس المكان ومن وقت إلى آخر، وبالتالي فلا داعي للحكم على الآخرين ولا تقليدهم، ومهم جداً الاحتفاظ بالشخصية والثقة بالنفس وسط كل هذه المغريات، كذلك لا داعي لنقد الآخرين؛ لأن ما هو جميل لديك قد يكون قبيحا لدى الآخر، وكالشجرة القوية التي لها جذور ولها فروع كبيرة، مُشددةً على من ترغب بإجراء عمليات تجميل مراعاة العادات والدين وفي الوقت نفسه تطمح لكل جميل لا يخالف ذلك، مشيرةً إلى أنه لا ننسى أن جمال الروح والثقافة والمعرفة صفات تنعكس على ملامحنا، وهي جمال من نوع خاص، وجمال لا يستطيع أي طبيب تجميل أن يضيفه، لأي إنسان. وفقاً للمعايير وحذرت وزارة الصحة من الممارسات السلبية في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، خاصةً في مجال الإعلانات أو تصوير مقاطع فيديو أو صور أثناء عمليات جراحية، مُشددةً على ضرورة عدم استغلال المرضى بعرض خصومات لهم مقابل نشر تصوير العمليات الجراحية والتجميلية بأغراض إعلامية أو دعائية، ذاكرةً الوزارة أن نشر صور ومقاطع العمليات الجراحية والتجميلية يعد مخالفا لأخلاقيات الممارس الصحي وتعديا على حقوق المرضى، مؤكدةً على جميع المنشآت الصحية والممارسين بضرورة الالتزام بأخلاقيات الممارس الصحي، ولفتت أن المادة 31 من نظام المؤسسات الصحية الخاصة تنص على أنه يحظر على المؤسسة الصحية الخاصة بالدعاية عن نفسها إلاّ في الحدود التي لا تتعارض مع أخلاق المهنة، وفقاً للمعايير التي تحددها اللائحة التنفيذية، موضحةً أن كل الإعلانات الطبية يجب أن يحصل أصحابها على موافقة رسمية مسبقة من وزارة الصحة، موضحةً أن المادة 21 من نفس النظام تنص على أنه يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام هذا النظام بغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ريال، ولا تزيد على 100 ألف ريال، وإغلاق المؤسسة الصحية الخاصة لمدة لا تزيد على 60 يوماً، مع إلزام المؤسسة باتخاذ الترتيبات اللازمة لنقل المرضى المنومين للعلاج فيها إلى مؤسسات أخرى قبل الإغلاق، إضافة إلى سحب الترخيص، ولا يجوز التقدم بطلب الترخيص إلا بعد مضي سنتين على الأقل، كما نصت المادة 10 من نظام مزاولة المهن الصحية على الممارس الصحي بأن يبتعد عن أساليب الدعاية ذات الطابع التجاري والمثيرة...إلخ وفي ذات المادة منعت الممارس الصحي الإعلان عن نفسه إلاّ من خلال الشروط المذكورة في المادة 31 من نظام المؤسسات الصحية. حملات تثقيفية وأطلقت وزارة الصحة حملات تثقيفية للتذكير بمنع الممارسات السلبية في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي خاصةً في مجال التجميل من نشر صور ومقاطع فيديو بعضها قد يكون مخلا بالآداب، لافتةً أن الحملات تتضمن أبرز هذه الممارسات وأسباب منعها، وإعطاء مهلة 30 يوما للتقيد بإزالة كافة المحتويات من وسائل الإعلام والبدء بتطبيق العقوبات على المخالفين، وأهابت الصحة بالجميع التعاون معها والإبلاغ عن أي مخالفات بهذا الخصوص من خلال الاتصال على الرقم 937، وأعادت الصحة التأكيد على كافة الممارسين الصحيين في القطاعين الخاص والعام أهمية تطبيق معايير سلامة المرضى والتقيد بالرخص النظامية والتأهيل من الهيئة السعودية لتخصصات الصحية والحرص على صحة المرضى وتحقيق سلامتهم وجعلها محور اهتمامهم مع الالتزام بأخلاقيات المهنة ونظام مزاولة المهن الصحية، وكانت وزارة الصحة قد أنشأت وكالة جديدة لتعزيز الالتزام تتولى متابعة الالتزام بالأنظمة وأخلاقيات المهنة في القطاعين الصحي العام والخاص، حيث تأتي البادرة تواصلاً للخطوات التطويرية والحملات المجدولة التي تقوم بها لتفعيل الرقابة والتحقق من مدى التزام القطاع الصحي. مايكروبيلدينج وفراكشينال وكشفت دراسة أعدتها د. نجلاء بنت صالح بن حميد -أستاذ مساعد بقسم الدراسات الإسلامية كلية الآداب بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن- ومستخلص هذه الدراسة تبحث في نازلة عصرية وهي: "حكم النوازل في عمليات تجميل الوجه"، وقدمت الباحثة التعريف بأهم الألفاظ الواردة في عنوان الدراسة وهي: التجميل، وعمليات التجميل، والوجه، وحدوده، بعد ذلك بيّنت الباحثة المراد ببعض التقنيات المنتشرة حديثاً في تجميل الوجه، وهي الهايفو المايكروبيلدينج، والبروفايلو، والبلازما، والهيالورونيك، والأملاح، وخيوط شد الوجه، والتقشير الكيميائي، بعد ذلك حاولت الباحثة أن تجيب عن سؤال الدراسة، وهو حكم شد الوجه بتقنية الهايفو، وحكم رسم الحواجب وتحديد الشفاة بتقنية المايكروبيلدينج، وحكم تقشير الوجه وتوريد الشفاة بتقنية الفراكشينال، وحكم شد الوجه بحقن البروفايلو، وحكم توريد الشفاة بحقن البلازما، والهيالورونيك، والأملاح، وباستخدام المواد الكيميائية وحكم شد الوجه عن طريق الخيوط. وعن عدد من النتائج، أولاً: شد الوجه بتقنية الهايفو هو علاج تجميلي جديد لشد الجلد، ويعتبر بديلا غير جراحي وغير مؤلم لعملية شد الوجه، وتمت الموافقة علية من قبل إدارة الغذاء والدواء، ويستعمل لرفع الحاجبين، ولتحسين الخطوط والتجاعيد من أعلى الصدر وخط العنق، والذي يظهر جواز شد الوجه بهذه التقنية، ثانياً: المايكروبيلدينج وهي تقنية "تاتو" تجميلية خاصة، تعمل على ملء الفراغات في الحاجب ليبدو أكثر كثافة مما كان عليه، وهي تقنية شبيهة بالوشم، وعليه فإنه يحرم تحديد الشفاة، أو رسم الحواجب بهذه التقنية لكونه من الوشم المحرم، ثالثاً: الفراكشينال وهي تقنية تعمل على تسطيح وتقشير الجلد، وتعتمد على تركيز أشعة الليزر كلها في نقطة واحدة، أو عدة نقاط محددة من الطبقة الخارجية يخترق فيها الليزر تلك الطبقة ويصل وينتشر في الطبقة الوسطى ليؤدي عمله، فيتم تحفيز إنتاج الكولاجين، لتبدأ طبقات جديدة في الظهور بشكل أكثر صحة وصفاءً، ويستخدم فراكشنال ليزر في تجميل وتحسين مشكلات الجلد، مثل التجاعيد، والخطوط البيضاء، والندبات والحبوب، والذي يظهر جواز مثل هذه التقنية للتقشير. هيالورينك وبلازما واستكمالاً للدراسة التي أعدتها د. نجلاء بن حميد رابعاً: البروفايلو وهي حقن تحتوي على مادة الهيالورينك أسيد الطبيعي بتركيز محدد، حيث يقوم الطبيب بحقن المادة في الوجه، في خمس نقاط فقط، لشد الوجه والنضارة الطبيعية المستديمة، والذي يظهر جواز مثل هذه التقنية -والله أعلم-. خامساً: حقن البلازما وهي حقن يتم فيها استخلاص البلازما من دم الشخص نفسه، ثم إعادة حقنها في الشفاه، حيث تعمل على توريد الشفايف وإعادة الحيوية لها، بفضل محتواها من الصفائح الدموية، التي تعمل أيضاً على تحفيز الكولاجين، لتبدو الشفاه أكثر نضارة وبلون وردي، وحُقن الهيالورنيك هي حُقن تحتوي على حمض الهيالورونيك مع الجلسرين، والتي تمنح الشفاه مظهرا ممتلئا ولونا ورديا، وحُقن الأملاح وهي حُقن تعمل على توريد الشفايف بصورة مؤقتة ولمدة قصيرة وتعود الشفاه لطبيعتها من جديد ولهذا سميت ب"حقن السندريلا"، تعتمد طريقة الحقن هذه على حقن الشفاه سطحياً بمحلول ملحي والذي يمنحها لونا ورديا طبيعيا، والذي يظهر -والله أعلم- جواز حقن الشفاة بمثل هذه الحقن. سادساً: الخيوط وهي تقنيات شد الوجه بدون جراحة، التي تستخدم فيها الخيوط لشد أجزاء الوجه، كالخدين والحاجبين ومنطقة أسفل الفم والرقبة، من أجل تحسين شكل الوجه، والقضاء على التجاعيد، والذي يظهر جواز شد الوجه بالخيوط -والله أعلم-. سابعاً: توريد الشفاه بالمواد كيميائية، وتعتمد هذه الطريقة على استخدام عدد من الكريمات المصنعة، والتي تساعد على تغيير لون الشفايف، والذي يظهر -والله أعلم- جواز استخدام مثل هذه الكريمات لتوريد الشفاة. ضرورة وهوس وفي دراسة أجريت في قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، جامعة الملك عبدالعزيز، في جدة بعنوان: "عمليات التجميل والصورة الذهنية للجمال بين الضرورة والهوس بالمجتمع السعودي" أعدها د. رجاء القحطاني -أستاذ مشارك، وأمل مهدي المالكي -باحثة مستقلة-، وروان يوسف بدوي -باحثة مستقلة-، فكان مستخلص الدراسة كالآتي يسعى الناس في هذا العصر لمواكبة الجمال والجاذبية بكافة الوسائل وهناك صورة ذهنية حديثة لمعايير الجمال تتوافق مع ثقافة العصر الحديث، وتسعى هذه الدراسة للكشف عن الدوافع المؤدية للتجميل، ثم التعرف على الآثار المترتبة على التجميل من خلال دراسة تعتمد على المنهج المختلط باستخدام المقابلات المتعمقة مع ستة مبحوثين بالإضافة إلى مسح اجتماعي باستخدام الاستبانة الإلكترونية على 250 مبحوثا/ مبحوثة خضعوا لإجراءات وعمليات التجميل بالمجتمع السعودي، وأشارت نتائج الدراسة إلى أن انتشار الظاهرة لدى الجنسين، مع تفوق الإناث بنسبة 60 % مقابل 40 % للذكور، كما يشكل شباب العشرينات النسبة الغالبة من الساعين للتجميل بنسبة 28.8 %، أما المستوى التعليمي فالغالبية من الجامعيين، وتمثلت أعلى الإجراءات التجميلية في حقن الفيلر والبوتكس وتبييض الأسنان، بينما عمليات التجميل كانت النسبة الأعلى في تجميل الأنف يليها عمليات إنقاص الوزن، وزراعة الشعر، واحتلت الدوافع الاجتماعية المرتبة الأولى وتتمثل في الصورة الرمزية الجمالية للذات في نظر الآخرين وتأثرها بثقافة الاستهلاك المظهري التجميلي، يلي ذلك الدافع الاقتصادي المتمثل في تسويق وسائل الإعلام الجديد ومشاهيره لثقافة التجميل. سعي دائم وعن أبرز الآثار التي تستوجب إجراء العمليات التجميلية فقد كشفت الدراسة أن أبرزها هو العامل النفسي المتمثل في تعزيز الصورة الذهنية للذات والمتوافقة مع ثقافة التجميل والاستهلاك المظهري يليها العامل الاقتصادي، حيث تشكل ثقافة التجميل أعباء مالية على المستهلكين بينما هي حولت المجال الطبي كما يبدو إلى مجال تجاري وسياحي، بينما الجانب الصحي يمثل أقل الدوافع والآثار مما يؤكد على دور أن هذه الإجراءات هي كمالية استهلاكية لا ضرورة صحية. وتكمل المشكلة التي اكتشفتها الدراسة أن الجمال والوسامة والجاذبية سعي دائم قلما تجد من يتغاضى عنه وسحر يؤثر على كل من حوله، وإن أثر الجمال في حياتنا يتجاوز حدود رغباتنا البسيطة ويتعداها الى التأثير في جوانب قلما تخطر ببالنا، إذ يشهد الوطن العربي والعالم في السنوات الأخيرة إقبالا متزايدا على عيادات التجميل فلم تعد عمليات التجميل محصورة على النساء فقط بل أصبح الرجال ينافسون المرأة في الاهتمام بالجمال والجاذبية والاتجاه لعمليات التجميل، وقد رصد تقرير دولي عن عدد عمليات التجميل التي أجريت في جميع أنحاء العالم، إذ بلغ عدد عمليات التجميل نحو 11.36 مليون عملية جراحية تجميلية خلال عام 2019م، وبحسب التقرير الصادر عن الجمعية الدولية لجراحة التجميل. وفي استطلاع أجري من قبل الجمعية الدولية للجراحة التجميلية، ففي عام 2019 احتلت المملكة العربية السعودية المركز الثاني عربياً، وجاءت بالمرتبة ال29 عالمياً. د. نورا موسى هناك من يحاول تعزيز صورته الذهنية بإجراء عملية تجميل البحث عن الجمال هدف لأغلبية النساء