الأعاصير تسوي المنازل بالأرض في نبراسكا وأيوا    حرس الحدود: القبض على (9) إثيوبيين بجازان لتهريبهم (180) كجم "قات"    تعادل قاتل    تحت رعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح أعمال مؤتمر تعزيز الانتماء والتعايش السلمي الدولي بجامعة الإمام    أخطر 5 أمراض تنتقل من الغذاء    برعاية ولي العهد.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتوج الفائزين بكأس العلا للهجن في نسخته الثانية    الأسرى يتهمون نتنياهو بإهمالهم.. ومظاهرات إسرائيلية تطالبه بوقف الحرب ودفع الثمن    رونالدو يقود النصر ضد الخليج بعد عودته من الإيقاف    «الثقافة» و«الصحافة» ينعيان الأديب عبدالرحمن المعمّر    كلوب يستبعد تعثر أرسنال وسيتي بالجولات الأخيرة    رئيس دولة فلسطين يصل إلى الرياض    هاري كين يقود بايرن ميونيخ للفوز على فرانكفورت    تركي بن طلال يلتقي أهالي عسير ويشيد بالإنجازات التعليمية في المنطقة    أمير الرياض يوجه بسرعة الرفع بنتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    418 مليون دولار من البنك الإسلامي للتنمية لتمويل مشاريع في الدول الأعضاء    المؤتمر السادس للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية يعتمد وثيقة لتحقيق التوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي    ارتفاع شهداء غزة إلى 34388    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على منصور بن بدر    القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بإطلاق النار عليه بسبب خلاف بينهما    وزير الاقتصاد والتخطيط: الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض يمثل فرصة فريدة لإعادة رسم مسارات التنمية    أمير عسير‬⁩ يشكر القيادة على ما توليه من اهتمام بالتعليم ومنسوبيه    هندوراس تعفي السعوديين من تأشيرة الدخول    المالية تعدل اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية    "الداخلية" ترحل 12 ألف مخالف    تحديد مواعيد التقديم على بوابتي القبول الموحد للجامعات الحكومية والكليات التقنية بالرياض    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    مدرب توتنهام: لا يهمني تعطيل آرسنال نحو التتويج    تكريم الطلبة الفائزين بجوائز "أولمبياد أذكى"    نقل حالتين طبيتين حرجتين لمواطنين من مصر    الحقيل يبدأ زيارة رسمية إلى الصين الأسبوع المقبل    الوزير الفضلي يدشّن "أسبوع البيئة".. غدًا    إبداعات 62 طالبًا تتنافس في "أولمبياد البحث العلمي والابتكار"غدا    "911" يتلقى أكثر من 30 مليون مكالمة خلال عام 2023    قطاع صحي خميس مشيط يُنفّذ فعالية "النشاط البدني"    استكشاف أحدث تطورات علاج الشلل الرعاشي    ترقية الكميت للمرتبة الحادية عشر في جامعة جازان    «الاحتياطي الفدرالي» يتجه لتغيير لهجته مع عودة التضخم    جعجع: «حزب الله» يعرّض لبنان للخطر    زلزال بقوة 6.5 درجة يهز جزر بونين باليابان    ابن البناء المراكشي.. سلطان الرياضيات وامبراطور الحساب في العصر الإسلامي    عهدية السيد تنال جائزة «نساء يصنعن التغيير» من «صوت المرأة»    أمطار خفيفة على منطقتي جازان وحائل    فرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    كبار العلماء: من يحج دون تصريح "آثم"    الأهلي والترجي إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا    فريق طبي سعودي يتأهل لبرنامج "حضانة هارفرد"    بينالي البندقية يزدان بوادي الفنّ السعودي    "طفرة" جديدة للوقاية من "السكري"    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    رؤية الأجيال    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    مقال «مقري عليه» !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكسبو والعمارة السعودية
نشر في الرياض يوم 02 - 12 - 2023

التحديات التي تعيق تطور العمارة السعودية ليست مرتبطة بشكل مباشر بإكسبو كحدث مهم يجعلنا في منافسة مع ما سيقدمه العالم من عمارة لكن دون شك هي تحديات تستدعي التفكير الجاد في الأسباب التي تجعلنا لا نواجه هذه التحديات ونتجاوزها..
يستدعي فوز الرياض بتنظيم إكسبو 2030 الكثير من القضايا التي تتقاطع مع العمارة والتطوير الحضري، خصوصًا تلك التي تمس شخصية العمارة السعودية، فحدث بهذا الحجم ارتبط منذ نشأته عام 1851م بتطور العمارة وأساليبها وتقنياتها، يفترض أن يحث على تغيير ثقافة ممارسة العمارة في المملكة من جذورها. الحدث يقول إننا مقبلون على مرحلة مختلفة من التفكير العمراني، فرغم أن إكسبو هو استعراض لعمارة وثقافات وتقنيات العالم أجمع، إلا أن شخصية البلد المضيف يجب أن تكون الأبرز، خصوصاً إذا ما كان هذا البلد بحجم وتأثير المملكة العربية السعودية. هناك من ينظر لهذا الحدث نظرة اقتصادية وربما تقنية، لكنه تاريخياً مثّل على الدوام حدثاً معمارياً ثقافياً، وهذا يعني أن الرياض تستعد كي تحتضن معرض عمارة العالم وما ستقدمه هذه العمارة من تقنيات غير مسبوقة ستتطور خلال السبع سنوات المقبلة. ربما هذا يحثنا على التفكير في مدينة "ذا لاين" و"نيوم" كعناوين كبير لإكسبو الرياض، كونها عناوين تمثل رسائل معمارية وعمرانية سعودية للعالم.
سألتني إحدى الطالبات، في اليوم نفسه الذي تم فيه الإعلان عن فوز الرياض بإكسبو، عن التحديات التي ستواجه تطور العمارة السعودية في المستقبل، وكأن هذا السؤال موجه إلى التفكير في ماذا يجب علينا أن نعمل كي نتجاوز التحديات التي تعيق تطور عمارة سعودية لها خصوصيتها وحضورها العالمي. ركزت إجابتي على أربعة تحديات أرى أنها تشكل حواراً مع عمارة إكسبو المستقبلية، فالتحدي الأكبر هو غياب التجريب، أو غياب وجود مختبرات سواء شخصية وعلى المستوى المكاتب المعمارية تعمل على توليد الأشكال والتقنيات وتختبر الأفكار الحضرية الجديدة. المختبرات المعمارية والعمرانية ليست مختبرات بالمعنى التقليدي، بل هي ورش تجريبية لتوليد الأشكال وتطوير التقنيات وإعادة التفكير في إنتاج الفضاءات العامة. هذا الغياب يجعل من العمارة السعودية في حالة ارتباط دائم باستيراد الأفكار والتقنيات من الخارج، ولا يساهم في تطوير المعرفة المحلية بأي شكل من الأشكال، بينما في الواقع "إكسبو" هو مختبر عالمي للأفكار والتقنيات، وأجنحة كثير من الدول هي منصات لتقديم الأفكار التجريبية التي تقوم بها بعض الدول من أجل تسويقها لباقي العالم.
لعل هذا التحدي مرتبط بثقافة التعليم المعماري في المملكة، وهي ثقافة تقليدية اجترارية تابعة للخارج، فلم يحاول هذا التعليم على مدى أكثر من نصف قرن أن يكون تعليماً مستقلاً، وأن يركز على الثقافة التجريبية التي تركز على اكتشاف القوة المحلية الكامنة في المعماريين السعوديين وفي المعرفية المحلية التي يمكن أن تكون قوة تقنية متجددة، تقليدية التعليم المعماري تعني استعادة جميع الأخطاء التاريخية وضخها في الأجيال المعمارية المقبلة. يفترض أن يوجّه إكسبو سؤالاً مباشراً لمدارس العمارة في المملكة حول ماهية استعدادهم لهذا الحدث، وماذا يمكن أن يقدموا من أفكار وتقنيات يحاورون بها العالم الذي سيتجمّع في عاصمتهم. ولعل السؤال المباشر حول هذا التحدي هو: كيف يمكن أن يغير إكسبو ثقافة التعليم المعماري في المملكة؟ ومع ذلك يمكن أن نربط تحدي التعليم بتحدي غياب المؤسسات المهنية المعمارية المستقلة. ولعل البعض سيشير إلى هيئة المهندسين أو الجمعية السعودية لعلوم العمران أو حتى جمعية العمران التي تأسست مؤخراً، لكن من وجهة نظري هذه المؤسسات غير مستقلة ولا تملك القدرة على خلق ثقافة مهنية شفافة وإبداعية. نحن بحاجة إلى ما يشبه "المعهد الملكي السعودي للمعماريين" على غرار "المعهد الملكي البريطاني للمعماريين" RIBAK، ولا أقصد معهداً بمعنى المعهد بل مؤسسة مهنية غير حكومية لها استقلالها ويفترض أنها الجهة المخولة بإجازة المعماريين ومنح الاعتراف ببرامج التعليم المعماري.
لا أريد أن أطالب بالكثير لكن في واقع الأمر التحديات مترابطة وبعضها يقود إلى الآخر، وبالتالي لا نستطع فصلها عن بعض. التحدي الأخير هو غياب النقد المعماري الحر، وهو غياب له تبعاته المهنية والفكرية، وربما يعتبر هو السبب المباشر في عدم تطور مدرسة معمارية سعودية مستقلة، لأنه إذا ما غاب الفكر النقدي فقدت العمارة بوصلتها، وبالضرورة فإن غياب النقد ناتج عن ثقافة التعليم وعن غياب المؤسسات المهنية المستقلة، وبالتالي يجب ألا نتوقع تطور عمارة سعودية ذات شخصية مستقلة طالما أن هذه التحديات لا تزال قائمة.
التحديات التي تعيق تطور العمارة السعودية ليست مرتبطة بشكل مباشر بإكسبو كحدث مهم يجعلنا في منافسة مع ما سيقدمه العالم من عمارة لكن دون شك هي تحديات تستدعي التفكير الجاد في الأسباب التي تجعلنا لا نواجه هذه التحديات ونتجاوزها. خلال الثلاثة عقود الأخيرة مرت المملكة بتطورات عمرانية كبيرة جدًا وكانت فعلاً مختبرًا مهمًا لجميع الأفكار المعمارية في العالم، لكن لم ينتج عن هذا المختبر عمارة سعودية مستقلة لها خصوصية يمكن أن نعرّفها بوضوح على أنها عمارة خاصة بنا، ولم يولد من هذا المخاض المعماري جيل من المعماريين ينافسون المعماريين في العالم، ولم تتطور ظاهرة نقدية معمارية تراكمية يمكن التعويل عليها. أتمنى ألا نخسر الفرصة في العقد المقبل كما خسرناها في العقود السابقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.