من واقع التعامل اليومي مع القطاعات الحكومية، تجد أن هناك تباينا واضحا بينها في تقديم الخدمات، وقدرتها على إيصال رسائل واضحة للمستهدفين، بعض تلك الجهات لديها ميزانيات كبيرة لتعزز التواصل وترفع مستوى الخدمات - قد يكون ذلك عند البعض - ولكن عندما تكون هذه الجهة الحكومية ذات علاقة مباشرة ومهمة تتعلق بالمعاملات المالية فإن التواصل يكون أكثر أهمية. وتحت مظلة رؤية 2030، تسرَّع الجهات الحكومية من تنفيذ برامجها، نحو التميز والتألق، وتحقق في هذا المسار تقدماً ملحوظاً يعكس رغبتها الجادة في أن تكون أكبر داعم لتطلعات الرؤية الطموحة، التي تعد بوطن قوي راسخ ومتماسك، يتمتع بمؤسسات متطورة وحديثة في الشكل والجوهر. وخلال الفترة الأخيرة، راهنت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك على إحراز تقدم استثنائي في الخدمات التي تقدمها لعملائها، ويبدو أنها كسبت الرهان، عندما نجحت في تحسين خدماتها بشكل حديث نال الإعجاب، ولفت الأنظار إليها، وأكد لمن يهمه الأمر أن الهيئة سلكت طريق التغيير، ولن تحيد عنه أبداً، وتبلور هذا المشهد في حرصها على تمكين ممارسات نماذج التميز المؤسسي، التي تساعد على التحسين المستمر، وهو ما يعكس التزامها الدائم بتحقيق معايير الجودة والتميز في تنفيذ أعمالها وتقديم خدماتها لجميع مكلفيها وعملائها. ويمكن التأكيد على أن إنجازات الهيئة كثيرة ومتنوعة وشاملة، بدأتها في وقت مبكر، عقب الإعلان عن تفاصيل رؤية 2030 في صيف 2016، ومنذ هذا التاريخ وإلى اليوم، والأخبار الصادرة من الهيئة، تعكس رغبتها الحقيقية في التطوير الشامل والتحديث النوعي، وهو ما أثمر أخيراً عن حصولها على شهادة الاعتراف بالتميز المؤسسي بمستوى خمس نجوم من المنظمة الأوروبية لإدارة الجودة، وهو ما يعتبر تتويجاً واعترافاً عالمياً بالجهود الكبيرة التي بذلتها الهيئة في السنوات الماضية، خاصة إذا عرفنا أن المنظمة الأوروبية لا تعرف المجاملات في هذا الشأن، ما جعلها المرجع الأهم عالميًا في تقييم التميز المؤسسي. إنجاز هيئة الزكاة ما كان له أن يتحقق على أرض الواقع، لولا أنها عملت في وقت مبكر على مواصلة تبنيها لتطبيقات التميز المؤسسي، تحقيقًا لرؤيتها في أن تكون نموذجًا عالميًا يُحتذى به في حماية الوطن وتعزيز الاقتصاد وتجربة العميل، خاصة في المبادرات التي تطرحها بين وقت وآخر، عندما تدرك حاجة القطاع الخاص واحتياجاته، خاصة المنشآت الصغيرة. هذا الاعتراف الدولي يأتي تتويجًا لجهود الهيئة في رحلتها نحو التميز المؤسسي، وسعيها للتحسين المستمر من خلال تفعيل إحدى أهم ممكناتها الإستراتيجية، وهو "التميز التشغيلي وكفاءة الإنفاق"، وقيامها بتوفير أدوات تضمن استدامة الجودة والتميز المؤسسي من خلال التركيز على رضا العملاء والشركاء والجهات ذات العلاقة، وتحديد التوجهات الحالية والمستقبلية، وتطوير وتحسين العمليات والخدمات، وقياس مؤشرات الأداء الإستراتيجية والتشغيلية، والتركيز على التحول الرقمي والاستفادة من التقنيات الناشئة، بما يضمن الكفاءة العالية في الأداء وتقديم الخدمات. اللافت في هذا الأمر أن هيئة الزكاة هي أول مؤسسة وطنية حكومية تحقق هذا الإنجاز على كامل المنظمة، وذلك وفقًا للنموذج الجديد فيما يتوج جهودها لتطبيق أبرز معايير ومفاهيم التميز المؤسسي المحلية والعالمية، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، ولم يكن للهيئة أن تحقق ما حققته، لولا أنها عملت على استيفاء متطلبات نموذج هذا الاعتراف بشأن التميز المؤسسي، ويمكّن هذا النموذج المؤسسات من تحقيق نتائج أعمال متميزة ومستويات عالية ومستدامة، يُسهم في تحسين بيئة العمل وزيادة إنتاجية العاملين، أخيراً أتمنى أن تأخذ بعض الجهات تجربة الهيئة، كي ترفع مستوى خدماتها لتحقق التميز المؤسسي.