أكد محافظ البنك المركزي السعودي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك أن المملكة ستظل دائماً داعمةً وسباقة للعمل العربي المشترك، ومساهمةً في تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية عبر المؤسسات التنموية الإقليمية، مشيراً إلى أن الاقتصاد السعودي استمر بتحقيق معدلات نمو مرتفعة، واستمر الانخفاض في معدل البطالة العام فيها ليصل إلى 6.0 في المئة للربع الأول للعام الحالي، كما أن مستويات التضخم في المملكة استمرت ضمن المعدلات المقبولة رغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي يواكبها العالم أجمع، وما يصاحبها من تداعيات على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية. ورحب د. فهد المبارك بممثلي المنظمات الدولية والمؤسسات المالية، وأعضاء الوفود المشاركين في اجتماع الدورة الاعتيادية السادسة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية التي تعقد بمدينة جدة يومي 18 و19 من سبتمبر 2022م، بفندق الريتز كارلتون بجدة، ناقلا لهم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-. واستهل د. فهد المبارك، كلمته الافتتاحية بالدورة بشكر كل من الدكتور عبدالرحمن الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي وجميع العاملين معه على ما يبذلونه من جهود لدعم استقرار اقتصادات دولنا العربية؛ بهدف تعزيز التعاون النقدي العربي، ورئيس هذه الدورة الدكتور مروان العباسي على قيادته المميزة وعلى الجهود التي قام بها لدعم عمل المجلس لتحقيق أهدافه خلال الفترة الماضية. وقال محافظ البنك المركزي السعودي يتوافق اجتماعنا اليوم مع مرحلة مهمة من التطورات الاقتصادية والإصلاحات والخطط التنموية، بالإضافة إلى المنعطفات السياسية التي يواكبها العالم أجمع، وما يصاحبها من تداعيات على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية، ولا يخفى علينا جميعًا تزامن هذه التطورات مع التعافي الاقتصادي لما بعد جائحة كورونا (كوفيد-19)، والناتج عن جهود الحكومات في التصدي للجائحة من خلال الحزم التحفيزية والدعم المباشر مما عزز التعافي الاقتصادي، كما لا يخفى على الجميع، أن الانعكاسات التي نشأت من تداعيات التوترات الجيوسياسية، والآثار المصاحبة لتلك التوترات نتج عنها اختلال في سلاسل الإمدادات مما أدى إلى تنامي الضغوط السعرية والذي ألقى بظلاله على أسعار الطاقة والأغذية. وأشار د. المبارك أن كل ذلك انعكس على توقعات تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، حيث أشارت أحدث توقعات صندوق النقد الدولي الصادرة في يوليو الماضي إلى تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي في عام 2022م ليصبح 3.2 في المئة (مقارنة بتوقعات الصندوق في إبريل الماضي عند 3.6 في المئة)، والذي يعود في معظمه إلى التغيرات في أسعار الفائدة، وارتفاع معدل التضخم والتذبذبات في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها الاقتصادات الناشئة. ولكون دولنا العربية ليست بمعزل عن آثار تلك التحديات، فمن الأهمية دراسة التدابير المحتملة للتصدي لتلك التحديات، وتنسيق جهود الدول العربية لمواجهتها، ودعم السياسات النقدية التي تتخذها دولنا للحفاظ على مسيرة التعافي في اقتصاداتنا، واستمرار تنفيذ الخطط والإصلاحات الاقتصادية لتحقيق مستهدفاتنا في الوصول إلى اقتصادات مستدامة لخلق النمو والوظائف بهدف ازدهار شعوبنا. ونبه المبارك على أهمية التوازن بين الدول في استخدام السياسات المالية والنقدية؛ للوصول إلى إجراءات إصلاحية وسياسات تهدف إلى معالجة هذه التأثيرات تفادياً لتفاقمها، موضحا أن الدورة ستشمل مناقشة عدد من الموضوعات المهمة، حيث سيتم التطرق إلى تداعيات الموجة التضخمية العالمية، ومخاطر تداعيات التغيرات المناخية على القطاعات المالية، والتحديات التي تواجه القطاع المصرفي في أعقاب رفع حزم الدعم، كما ستتطرق ورشة العمل رفيعة المستوى إلى أحد أهم الموضوعات في هذه المرحلة، وهي العملات الرقمية للبنوك المركزية، وإنّنا على يقين بأن وجود خبرات عالمية بمشاركة منظمات دولية عريقة، ستثري نقاشاتنا على مدى يومين. وقال، في ظل هذه التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي أشرت إليها، استمر الاقتصاد السعودي بتحقيق معدلات نمو مرتفعة، حيث تشير التقديرات للربع الثاني من عام 2022م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 11.8 في المئة على أساس سنوي. كما أن مستويات التضخم في المملكة لا تزال ضمن المعدلات المقبولة، حيث سجّل معدل التضخم ارتفاعًا سنويًا نسبته 3 في المئة في شهر يوليو للعام الحالي، أما فيما يخص قطاع العمل، فقد استمر الانخفاض في معدل البطالة العام ليصل إلى 6.0 في المئة للربع الأول للعام الحالي، كذلك استمر الانخفاض في معدل البطالة للسعوديين ليصل إلى 10.1 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، محققًا تحسنًا ملحوظًا مقارنة مع عام 2020م حيث سجلت البطالة 12.6 في المئة والذي بلغت فيه نسبة البطالة العالمية معدلات عالية بسبب إثر الجائحة، ويتماشى هذا الانخفاض مع خطط المملكة في تخفيض نسبة البطالة وصولاً إلى المعدل المستهدف في عام 2030م وهو 7 في المئة.