أُسدل الستار على نهاية رحلة دوري "يلو" للدرجة الأولى للمحترفين الطويلة، التي مضت في 38 جولة، وشهدت أقوى مواسم السباق نحو الصعود، مع الكثير من الندية والإثارة التي شدت المتابعين حتى اللحظات الأخيرة من جولة الختام. ويكفي الحديث عن التقارب النقاطي الذي جمع ستة فرق حتى النهاية، قبل أن يحسم أمر الصعود في الأنفاس الأخيرة؛ فيما كان مشهد الهبوط أدنى إثارة، بعد استقرار رباعي القاع في مراكزهم المتأخرة منذ منتصف الدوري، قبل أن يلحقهم الجيل ليكمل الخماسي، وشهدت المسابقة رقما تاريخيا جديدا بتسجيل أكثر من 837 هدفا، في 380 مواجهة. وقالت الأرقام كلمتها في الختام، وانتهت حكاية الدوري المثير بصعود الثلاثي الخليج والعدالة والوحدة عن جدارة واستحقاق؛ فيما طغت الحسرة على طموحات هجر ثم الجبلين بالأمتار الأخيرة، ثم أحد في آخر ثلاث جولات، وجميعهم كانوا مرشحين لخطف إحدى بطاقات الصعود الثلاثة إلى الأضواء، فشاركوا الثلاثي المتوج مشهد التحدي والندية خصوصاً هجر والجبلين؛ واستقر القادسية والخلود والعروبة ونجران والأخدود في المنطقة الدافئة، منذ زمن باكر من عمر الدوري، وأكدت فرق الساحل وجدة ثم الشعلة، البقاء في الجولات الأخيرة قبل الدخول في دوامة الهبوط، وكان الوداع المر والمنطقي لخماسي القاع بيشة والكوكب والنهضة والدرعية ثم الجيل بالجولة الأخيرة على الرغم من محاولات التي جاءت في الوقت الضائع من رحلة الدوري. اكتفى متصدر دوري الدرجة الأولى الخليج وأول الصاعدين لدوري المحترفين بالتعادل في مواجهته الأخيرة أمام نجران في ملعب الأخير بنجران، ليتوج نجومه ببطولة الدوري والبطاقة الأولى رسميا على ملعبهم في احتفالية من الراعي الرسمي للمسابقة، في إنجاز مستحق بجدارة، جاء ترجمة للعمل الإداري والفني المميز في الخليج، وتألق نجوم الفريق في موسم شاق وطويل، ومنافسة محتدمة حتى النهاية، قطف بعدها الخلجاويون أروع الثمار وأغلى الإنجازات في عقدهم الكروي الأخير. وعلى الرغم من أن بدايته في الدوري كانت بالتعادل وثم التفاوت بين الانتصارات وبعض التعثرات إلا أنه سرعان ما عاد أكثر قوة وبروز وتقديم نفسه كفريق قادر على المنافسة والصعود لدوري المحترفين، ولعل نتائجه الأخيرة تتحدث عنه دون أن يطلب من أحد التحدث باسمه، وشتان ما بين الموسم الماضي والذي اكتفى بالوصول في نهايته للمركز الثامن والابتعاد عن سباق المنافسة من وقت باكر وهذا الموسم الذي كسب الرهان والنجومية. ولم يترك لاعبو العدالة فرصة مرافقه الخليج سويا لدوري المحترفين بالمركز الثاني، على الرغم من التساوي بالنقاط وهو الذي ظل يلاحق المتصدر جنبا بجنب في الأمتار الأخيرة، ويبدو أن الانتظار الذي عاشته جماهير العدالة موسمين متتاليين بعيدا عن دوري المحترفين، كان كافيا أمام لاعبي العدالة، فبحثوا عن نهاية الانتظار، وتأكيد العودة والحجز المؤكد، لمكانهم الطبيعي في دوري الأضواء، وهو الانجاز الكبير لأبناء الأحساء هذا الموسم، الذي تجاوزوا به كل أوجاعهم السابقة، بهمة وعزيمة، قادها دعم شرفي رفيع، وإدارة حكيمة، وجهاز فني مقتدر. وحقيقة يجب أن تقال، إن فريق العدالة هذا الموسم قدم درساً من دروس العودة للنجاح فبعد أن قدم موسم باهت بالموسم ما قبل الفارط 1442 بعد هبوطه من دوري المحترفين وتمركزه بالمرتبة ال12، بل إنه كاد في الجولات الأخيرة من ذلك الموسم أن يدخل معمعة الخطر، إلا أنه عاد أكثر قوة وهيبة هذا الموسم وتلقى إشادة المتابعين على موسم لافت قدمه نجومه فحقق مراده وتطلعات جماهيره. كما أن عودة الوحدة لدوري المحترفين بالمركز الثالث وبعد موسم واحد فقط من الهبوط لم تكن بتلك السهولة، خصوصاً بالجولة الأخيرة والتي كانت آماله معلقة بتعثر هجر ثالث الترتيب بالخسارة وفوزه والتي تحققت بالرمق الأخير لتتنفس جماهيره الصعداء والتي كانت معلقة ما بين الرجاء واليأس وترقب حتى اللحظات الأخيرة، فكان محظوظا بأن أتيحت له إحدى فرص التأهل التي كان يترقبها بفارغ الصبر في مباريات الفرق الأخرى، والتي جاءته تحديدا من خلال تعثر هجر أمام الشعلة، إذ أن تعثر هجر والذي تزامن مع تفوق الوحدة على الدرعية فتح ل (فرسان مكة) باب التأهل للأضواء إلى جانب الخليج والعدالة، لتكون سعادة جماهيره غير عادية بعد أن حملت مباراة الشعلة أمام هجر تباشير الفرح وذلك عقب تعثر هجر وهو التعثر الذي أعطى تأكيد عودة الفرسان. الإدارة الوحداوية برئاسة سلطان أزهر والمشرف توفيق تونسي، بدأت هذا الموسم عملها الدؤوب بجملة تعاقدات أثمرت نتائجها عن عودة فرسان مكة، والعودة من جديد بعد موسم واحد من الهبوط ليرسموا خارطة طريق العودة من جديد بوضع إستراتيجية ومنهج أساسي يعيد هيبة الفريق لسابق عهده لمقارعة الكبار، وكانت جميع المؤشرات والدلائل تبشر بمستقبل زاهر منها تجديد دماء الفريق بالعديد من الوجوه الشابة واستقطاب أسماء جيدة وأسماء أجنبية مميزة يتقدمهم المدافع الإسباني البرتو بوتيا وجهاز فني على مستوى عالٍ بقيادة الخبير الحبيب بن رمضان الذي قاد الفريق بخطى ثابتة ومستوى مميز على الرغم من بعض تراجع الفريق في بعض الجولات وخصوصا بالربع الأخير والذي كاد أن يقضي على طموحاته، والآن بعد الصعود طالبته الإدارة برسم خطة واضحة واستراتيجية عمل لتثبيت أقدام الفريق بين الكبار فمسألة الصعود ثم الهبوط لن ترضي طموحات جماهير النادي المكي.