بعد أن صدر كتابي مختلفا ونجح كل ذلك النجاح، تلقيت عرضين من شخصين مختلفين يطلبون أن أكتب سيرة شخص يهمهم، اعتذرت بلباقة لأنني لا أعرف الأشخاص، ولأنني مشغولة بكتابتي ولأن طريقة الطلب لم تكن واضحة، لم أشغل نفسي بالتبحر في الموضوع أو حتى محاولة فهمه. الآن وبعد مرور سنوات طويلة أتذكر ذلك لأنني وقعت على عبارة ومفهوم الكاتب الخفي أو الكاتب الشبح كما يطلقون عليه حرفيا في الغرب، ولأن عالم الكتابة والنشر متقدم لدى الغرب عنه عندنا، فإن لكل شيء اسما وعنوانا واضحا وصريحا وله حقوق وواجبات. الكاتب الخفي هو كاتب يكتب كتابا باسم شخص آخر، وفي الغالب تكون كتب لأشخاص مشهورين ربما عن حياتهم أو تجاربهم أو سيرتهم الذاتية، هناك كتاب لكتب الطبخ مثلا، فنادرا ما يكون الطباخ فنانا في الكتابة كما هو في الطبخ، لذلك يستأجر شخصا كي يكتب المقادير والطريقة بطريقة فاخرة وجذابة تشبه طبخه، كذلك المشاهير من رجال السياسة والرياضة والأعمال والفن الذين يريدون أن يرووا قصص حياتهم المليئة بالإثارة والنجاحات، لكن الكتابة ليست مهنتهم ولا قدرة لهم على صياغة كل ما تعرضوا له في حياتهم بأسلوب شيق يوازي الحقيقة، لذلك تصبح الاستعانة بكاتب يحقق لهم ذلك مسألة مهمة وتحقق المطلوب. هذا النوع من الكتب مصطلح على أن لا مشكلة في وجود الكاتب الخفي فيها، لكن المشكلة إذا أراد شخص أن يكتب رواية أو شعرا، واستخدم الكاتب الخفي، لأن المسألة هنا لا تصبح الرغبة في قص حكايات حدثت في الواقع أو تدوين طريقة عمل المسقعة، أو كيفية خلط الألوان لفنان تشكيلي، لكنها تتغير لتصبح شخصا يحاول أن ينسب لنفسه القدرة على صناعة الأدب، ويبدو واضحا لي الفرق وأتمنى أن يكون كذلك بالنسبة لكم. أعود للحديث عن الكاتب الشبح، لأنه يهمني أن يعرف الناس أنها مهنة لا خلاف عليها، ولا يجب الخجل منها، وبالبحث في غوغل يمكنكم رؤية الكثير من الإعلانات من كتاب يعلنون عن كونهم قادرين على فعل ذلك لمن يرغب. لكن الكاتب الشبح عليه أن يفهم أيضا، أن الشخص الذي قام بالاتفاق معه هو الذي لديه الكلمة في الفصل فيما يجب أن يكون عليه الكتاب وهو الذي يختار ما الذي يبقى وما الذي يحذف، كأنه المحرر، وهذا من حقه فالكتاب في النهاية سيصدر حاملا اسمه. في الحقيقة، أعتقد أن الكتابة الشبحية هي أكثر أنواع الكتابة ربحا، لأن الذين يعتمدون عليها هم من الأثرياء والناجحين. ربما لو قُدِّم لي عرض مغرٍ لن أتهور وأرفض بسرعة شديدة كما فعلت في المرة السابقة.