911 يستقبل 93 ألف مكالمة في يوم واحد    مشروع إستراتيجي لتطوير طريق فيصل بن بندر    ترامب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الهند بسبب شرائها النفط الروسي    أسهم أوروبا تصعد بعد موجة جني أرباح يوم الجمعة    جمعية غير ربحية للمعادن الثمينة    فريق Yangon Galacticos من ميانمار يتوج ب" لعبة PUBG Mobile" ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    أبها تحتضن غداً أنشطة برنامج "حكايا الشباب" بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والرياضيين    غداً.. أخضر السلة يواجه الصين في أولى مبارياته بكأس آسيا بجدة    12 نجمة إنجاز سلامة مرورية للشرقية    ولي العهد ورئيس وزراء الكويت يستعرضان العلاقات وأوجه التعاون    بكين تصدر أعلى مستوى تحذير مع توقع هطول أمطار غزيرة    مفردات من قلب الجنوب 8    المالية ترحب بتقرير مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    مؤشر الأسهم السعودية يغلق على ارتفاع    ندوة تاريخية تكشف أسرار تحصينات المدينة المنورة    شرطة كامبريدج: اتهام شاب بريطاني بقتل الطالب محمد القاسم    الفرق السعودية تستعد لآسياد البحرين للشباب بمعسكر في كازاخستان    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة أحد المسارحة    أمير جازان يرأس الاجتماع الدوري للجنة الدفاع المدني بالمنطقة    أمير جازان يستقبل مدير الاتصالات السعودية بالمنطقة ويطّلع على تقرير الاستدامة لعام 2024م    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة أحد المسارحة    الشؤون الإسلامية في جازان تبدأ تركيب وسائل السلامة في إدارات المساجد بالمحافظات    القيادة تهنئ ممثل الملك في جزر كوك بذكرى يوم الدستور لبلاده    تحولات لبنان المنتظرة: البداية من جلسة الثلاثاء    إسقاط 61 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    وثيقة تاريخية تكشف تواصل الملك عبدالعزيز مع رجالات الدولة    غارات جوية تثير موجة غضب في ليبيا    إحباط تهريب مخدرات في جازان وعسير    استعرضا سبل تبادل الخبرات والتجارب.. وزير العدل ونظيره العراقي يوقعان برنامج تعاون تشريعي    توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية    رئيس هيئة الترفيه يعلن طرح تذاكر مهرجان الكوميديا    مسرحية «طوق» السعودية تنطلق في «فرينج» الدولي    تأهيل وتمكين الطلاب للمنافسة في المحافل العالمية.. المنتخب السعودي يحصد 3 جوائز في أولمبياد المعلوماتية الدولي    تدشين كتاب "حراك وأثر" للكاتبة أمل بنت حمدان وسط حضور لافت في معرض المدينة المنورة للكتاب 2025    تصعيد إسرائيلي.. ورفض فلسطيني قاطع.. عدوان منظم لإعادة احتلال غزة    مقتل عنصر أمني وسط خروقات لوقف النار.. هجوم مسلح يعيد التوتر للسويداء    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    جبال المدينة.. أسرار الأرض    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في (18) موقعاً    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    اعتماد أكاديمي كامل لبرنامج نظم المعلومات في جامعة حائل    المدينة المنورة.. صحية مليونية للمرة الثانية    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    تأثير الأمل في مسار الحياة    آل الصميلي يحتفلون بزواج الشاب محمد عبدالرحمن صميلي    النصر غير!    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ممثلاً بإدارة المساجد في الريث يتابع أعمال الصيانة والتشغيل في الجوامع والمساجد    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عائلات في أفغانستان تبيع بناتها الصغيرات خشية الموت من الجوع
نشر في الرياض يوم 27 - 10 - 2021

بكت فهيمة كثيراً عندما قال لها زوجها إنه سيبيع ابنتيهما الصغيرتين كي لا تموت العائلة من الجوع بعدما نزحت بسبب الجفاف إلى غرب أفغانستان.
تبتسم الطفلتان فريشته البالغة ستة أعوام وشكرية وعمرها عام ونصف العام، قرب أمّهما في مسكنهما المصنوع من طين والمغطى بالقماش المشمع المثقوب، وتبدو ملابسهما ووجهيهما ملطخة بالطين.
فهما لا تدركان أنهما بيعتا مؤخراً إلى عائلتَي قاصرين سيصبحان زوجيهما في المستقبل. عرضت العائلتان نحو 3350 دولاراً مقابل الفتاة البكر و2800 دولاراً مقابل شقيقتها.
ما إن يكتمل دفع المبلغين، وهو أمر قد يستغرق سنوات، سينبغي على الفتاتين توديع أهلهما ومخيم النازحين في قلعة نو عاصمة إقليم باغديس، إلى حيث لجأت العائلة المتحدرة من إقليم مجاور.
هذه القصّة عادية جداً بالنسبة لآلاف العائلات التي نزحت بمعظمها بسبب الجفاف، من المنطقة التي تُعتبر من بين الأفقر في البلاد.
في مخيم النازحين والبلدات، التقى صحافيون في وكالة فرانس برس نحو 15 عائلة اضطُرت للبقاء على قيد الحياة، على بيع بناتها الصغيرات مقابل مبالغ تتراوح بين 550 دولاراً وقرابة أربعة آلاف دولار.
وتنتشر هذه الممارسة على نطاق واسع. يحصي ممثلون عن المخيم والبلدات، عشرات الحالات منذ الجفاف الذي ضرب المنطقة عام 2018، وارتفع العدد مع موجة الجفاف هذا العام.
أخذت عائلة صابرة (25 عاماً) جارة فهيمة، طعاماً من البقالة بالدين. فهددّ صاحب المحل "بسجن" أفراد العائلة إذا لم يدفعوا المبلغ المستحق.
لتدفع ديونها، باعت العائلة ابنتها زاكيرة البالغة ثلاثة أعوام لتُزوّج لذبيح الله، ابن البقال. وقرر والد زوجها المستقبلي أن ينتظر كي تكبر الفتاة لأخذها.
تقول صابرة "لست مسرورة لأنني فعلتُ ذلك، لكن ليس لدينا أي شيء نشربه أو نأكله (...) إذا استمرّ الوضع كما هو، سنُضطر (أيضاً) إلى بيع ابنتنا البالغة ثلاثة أشهر".
تؤكد جارة أخرى تُدعى غول بيبي أنها باعت طفلتها أشو البالغة ثماني أو تسع سنوات، إلى رجل يبلغ 23 عاماً كانت مديونة إلى عائلته بمبلغ من المال.
يتواجد الرجل في إيران حالياً وغول بيبي تخشى اليوم الذي سيأتي فيه لأخذ أشو.
وتقول "نعرف أن هذا الأمر ليس جيّداً ... لكن ليس لدينا خيار".
عذاب لا ينتهي
في مخيم آخر في منطقة قلعة نو، يمسح محمد أسان دموعه أثناء عرضه صور طفلتيه سانا (9 سنوات) وإيدي غول (6 سنوات) اللتين ذهبتا إلى منزل زوجيهما اللذين لا يزالان صغيرين، في مكان بعيدا عن المدينة.
يقول الرجل "لم نرهما بعدهاً ... لم نرغب في فعل هذا الأمر، لكن كان ينبغي علينا أن نطعم أطفالنا الآخرين".
ويتابع محاولاً مواساة نفسه، "ابنتاي في وضع أفضل هناك بالتأكيد، مع طعام"، مُظهراً فتافيت الخبز التي قدّمها له جيرانه وهو الوجبة الوحيدة لذلك اليوم.
لا يزال محمد الذي ينبغي أن يدفع أيضاً خدمات الرعاية لزوجته المريضة، مديوناً. منذ بضعة أيام، بدأ التفتيش عن شارٍ لابنته البالغة أربعة أعوام.
تروي زوجته دادا غول الجالسة تحت خيمة ممزقة، "في بعض الأيام، يصيبني الجنون، أغادر الخيمة ولا أتذكر فعلياً أين ذهبتُ".
وطريق العذاب لا ينتهي بالنسبة للأمّهات: قرار بيع طفلة ثم انتظار توديعها وغالباً ما يمتدّ ذلك على سنوات حتى تبلغ الفتيات 10 أو 12 عاماً، ثمّ الانفصال.
تقوم رابعة وهي أرملة تبلغ 43 عاماً نازحة هي أيضاً بسبب الجفاف، بكل ما بوسعها لإرجاء الموعد الرهيب. كان ينبغي أن تغادر منذ شهر ابنتها حبيبة (12 عاماً) التي بيعت مقابل نحو 550 دولاراً، لكن رابعة توسّلت عائلة زوج ابنتها المستقبلي لتصبر عامًا إضافيًا.
تقول المراهقة بصوت منخفض وفي عينيها نظرة حزينة، "أريد أن أبقى مع أمّي".
تؤكد رابعة أنه "لو كان لديها طعام وشراب" لأعادت شراء ابنتها. لكن أطفالها الثلاثة وهي يملكون بالكاد ما يكفي للبقاء على قيد الحياة. يعمل ابنها البالغ 11 عاماً في فرن مقابل نصف دولار في اليوم، ويجمع نجلها البالغ 9 أعوام النفايات مقابل 30 سنتاً.
تقول رابعة "قلبي مفطور (...) لكن كان علي أن أنقذ ابنيّ".
في المخيّمات، يأكل النازحون طعاماً لا تتجاوز كلفته بضعة سنتات في اليوم يجنونها من التسوّل أو من دفع عربة يدوية. ويسألون أنفسهم كيف سيبقون على قيد الحياة مع حلول فصل الشتاء.
* "أعرف أن ذلك ليس جيّداً" -
كل مساء، يجمع عبد الرحيم أكبر الخبز لمساعدة العائلات الأشدّ فقراً. ويقول بشأن تزويج الأطفال "رأيتُ نحو مئة عائلة تفعل ذلك في هذا المخيّم. حتى شقيقي".
في اليوم السابق، ذهب للقاء مسؤولين من حركة طالبان لطلب مساعدتهم. إلا أن هؤلاء عاجزون في إقليم يُعتبر 90% من سكانه في خطر بسب نقص الطعام.
يرى حاكم إقليم باغديس بالوكالة مالاوي عبد الستار في حديث لوكالة فرانس برس أن هذه الزيجات "ناجمة عن المشاكل الاقتصادية، وليست قاعدة تفرضها" طالبان.
كانت السنّ القانونية الدنيا لزواج الفتيات 16 عاماً في ظلّ الحكومة السابقة قبل سيطرة طالبان على الحكم في آب/أغسطس.
بحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) صادر عام 2018، فإن 42% من العائلات الأفغانية لديها ابنة متزوّجة قبل بلوغها سنّ 18 عاماً. ويعود ذلك أولاً إلى أسباب مادية، لأنه يُنظر غالباً إلى الزواج كوسيلة لتأمين بقاء عائلة على قيد الحياة. لكن الفتيات اللواتي تزوجنَ باكراً يواجهنَ أيضاً مخاطر كبيرة من حالات الولادة المعقّدة إلى العنف الزوجي أو الأسري.
بالنسبة للزوج، يعد شراء فتاة أقل كلفة من خطبة شابة.
تمتدّ الآفة أيضاً إلى مخيّمات النازحين في هرات، ثالث أكبر مدينة أفغانية وتقع نحو الجنوب. يروي الله الدين وهو نازح إلى هرات أصله من باغديس، أنه باع ابنته البالغة 10 أعوام.
ويقول "لم أكن لأفعل ذلك أبدًا لو كان لدي الخيار". ولديه طفلة أخرى تبلغ خمسة أعوام، ويؤكد أنه لو كان بامكانه "لبعتها هي أيضاً".
خلف الكلمات الفجّة، يعيش الآباء معاناةً صارخة. تجسّد أصواتهم وعيونهم يأسهم اللامتناهي حيال قدرتهم على تلبية حاجات عائلاتهم.
يقول باز محمد وهو فلّاح سابق من باغديس، "أعرف أن ذلك ليس جيّداً... لكنني اعتقدتُ أنا سنموت جميعاً".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.