اندلعت مواجهات الاثنين، أمام البرلمان التونسي غداة تجميد الرئيس قيس سعيّد، أعمال المجلس وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، ما أغرق البلاد في أزمة دستورية بعد أشهر من الصراعات السياسية. وانتشرت قوات من الجيش أمام مقر البرلمان بمنطقة باردو بالعاصمة ومنعوا الدخول إليه. وأفاد موظفون للوكالة الفرنسية أن قوات الجيش منعتهم من الدخول إلى مقر رئاسة الحكومة وطوقته. ولم تتمكن الوكالة، من الاتصال برئيس الحكومة هشام المشيشي، الذي أعفاه الرئيس التونسي من مهامه الأحد، إثر تنامي الغضب الشعبي تجاه الحكومة بسبب سوء إدارتها للأزمة الاجتماعية والصحية. كما أقال الرئيس التونسي، قيس سعيد، الاثنين، وزير الدفاع، ووزيرة العدل بالإنابة، وكلف "الكتاب العامين" في الوزارتين بتصريف الأمور الإدارية والمالية إلى حين تسمية حكومة جديدة. وجاءت إقالات وزير الدفاع، إبراهيم البرتاجي، والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية، ووزيرة العدل بالنيابة، حسناء بن سليمان، على خلفية الأزمة السياسية التي تمر بها تونس، والتي نتج عنها إقالة حكومة، هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان. وكلف سعيد، "الكتاب العامين أو المكلفين بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها". وأعلن سعيّد مساء الأحد، "تجميد" أعمال مجلس النوّاب لمدة 30 يوماً، في قرار قال: إنه كان يُفترض أن يتخذه "منذ أشهر". وأعلن سعيّد عقب اجتماع طارئ عقده في قصر قرطاج مع مسؤولين أمنيّين، أنه سيتولّى بنفسه السلطة التنفيذية "بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويُعيّنه رئيس الجمهوريّة". وحذر سعيّد في خطابه "أنبّه الكثيرين الذين يحاولون اللجوء إلى السلاح، ومن يطلق رصاصة واحدة ستجابهه قواتنا المسلّحة العسكرية والأمنية بوابل من الرصّاص". ومنع المئات من مناصري الرئيس سعيّد مؤيدي حزب النهضة من الاقتراب من زعيمهم الغنوشي الموجود داخل سيارة أمام البرلمان، وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة والعبوات، وفق ما أفاد صحافيون للوكالة الفرنسية. وتسبب تجاذب مستمرّ منذ ستة أشهر بين الرئيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم أكبر الأحزاب تمثيلاً في المجلس، بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة، في وقت تواجه تونس منذ مطلع يوليو ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا. ومنع الجيش الغنوشي، المعتصم منذ ساعات داخل سيارة سوداء اللون أمام أبواب البرلمان الموصدة من الدخول إلى المبنى. وندّد حزب النهضة في بيان نُشر عبر فيسبوك مساء الأحد ب"انقلاب على الثورة والدستور". وتوجه الغنوشي ونوابٌ آخرون من النهضة إلى المجلس منذ الفجر، مصحوبا بنائبته سميرة الشواشي عن حزب "قلب تونس". وقالت الشواشي في مقطع فيديو نشرته وسائل إعلام محلية لقوات الجيش التي تحرس البرلمان "من فضلكم دعونا نمر، نحن حماة الدستور". وأجابها أحد العسكريين "نحن حماة الوطن" و"ننفذ الأوامر". بدوره قال الغنوشي "الشعب التونسي لن يقبل الحكم الفردي مجددا، وندعو كل القوى السياسية والمدنية والفكرية إلى أن يقفوا مع شعبهم للدفاع عن الحرية، ما دامت الحرية مهددة فلا قيمة للحياة". وقال في مقطع فيديو نشره على صفحته الرسمية: إن سعيّد "يريد تحويل طبيعة النظام من نظام برلماني ديموقراطي إلى نظام رئاسي فردي استبدادي". وأكد الغنوشي أن الرئيس لم يستشره قبل أخذ القرارات استنادا إلى الفصل "80" من الدستور التونسي، الذي ينص أن على "رئيس الجمهورية في حالة خطرٍ داهمٍ مهددٍ لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدّولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشّعب وإعلام رئيس المحكمة الدّستورية، ويعلن عن التّدابير في بيان إلى الشعب".