نجت أميناتا تراوري من حادث غرق في مارس قبالة السواحل التونسية بينما كانت تسعى مع مجموعة من المهاجرين للوصول إلى أوروبا، لكنها فقدت طفلتها وشقيقتها وابنة شقيقتها، رغم ذلك، تنتظر المرأة القادمة من ساحل العاج فرصة أخرى للإبحار. ووقعت أحداث غرق مأساوية في عرض المتوسط كان ضحيتها للمرة الأولى مهاجرون بغالبيتهم غير تونسيين. وتبيّن إحصاءات "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" أن 53 % من المهاجرين القادمين من تونس والذين وصلوا إلى إيطاليا خلال الفصل الأول من 2012، هم من دول في إفريقيا جنوب الصحراء. ووقعت سلسلة حوادث غرق خلال شهرين قبالة صفاقس في وسط شرق تونس، نقطة الانطلاق الرئيسة وفق الأممالمتحدة للمهاجرين من تونس، أوقعت نحو مئة قتيل من ساحل العاج وغينيا وبوركينا. في التاسع من مارس، فقدت أميناتا طفلتها (15 شهرا) في حادث غرق المركب الذي كان يقلهما مع نحو مئتي شخص آخرين. ولقي 38 آخرون مصرعهم في الحادث أيضا. وتقول أميناتا (28 عاما) بحزن "قد تخفف مغادرة تونس من الألم الذي أشعر به". ووجدت المهاجرة نفسها دون عمل بعد الحادث. وتؤكد أنها مستعدة للعودة إلى ساحل العاج، لكن ثمن تذكرة الطائرة والغرامة المالية التي يفترض أن تدفعها لأنها بقيت ثلاث سنوات بطريقة غير قانونية على الأراضي التونسية، باهظ. وتقول "أجد نفسي مضطرة للقيام بمحاولة جديدة". وتجلس إلى جانبها بريستا كوني (28 عاما) التي قدمت هي الأخرى من ساحل العاجل وتم اعتراض المركب الذي كانت فيه في يناير 2020 من قوات خفر السواحل. وتقول بريستا "على الرغم من خطر الغرق وحزن عائلاتنا، نحن على استعداد دائم للمخاطرة بحياتنا". ووصلت بريستا إلى تونس في العام 2014. حاولت الشابة مواصلة دراستها وكانت تحمل شهادة في التجارة والموارد البشرية من بلادها، لكنها لم تتمكن بسبب ضعف مواردها المالية. ويقول رئيس "جمعية الإيفواريين" في تونس عمر كوليبالي "لو نجا مهاجرون من حادث غرق مركب منتصف النهار، سيكونون جاهزين للمغادرة مرة أخرى بعد ساعة. بالنسبة لهم أوروبا أو الموت". وتقدّر الجمعية التي يترأسها كوليبالي وتحاول مساعدة المهاجرين، أن هناك نحو 20 ألف مهاجر من أصول في إفريقيا جنوب الصحراء في تونس، ستون في المئة منهم من ساحل العاج. وينتمي غالبية المهاجرين الى أسر فقيرة و"يمثلون أمل العائلة"، وفق كوليبالي الذي يضيف أن "البعض منهم جاؤوا لإتمام الدراسة والعمل برواتب جيدة، لكن هذا ليس بالأمر السهل. لم تقل لهم الحقيقة" حول السفر إلى تونس. ويشير الى أن الحصول على أوراق رسمية للإقامة في تونس يكاد يكون أمرا مستحيلا، ما يدفعهم إلى العمل بطريقة غير قانونية وبرواتب صغيرة. ويتعرضون لتوقيفات. ويؤكد رئيس المنتدى التونسي للحقوق علاء الطالبي أن ازدياد محاولات الهجرة بين الأجانب الذين يعملون في تونس سببه "غياب الإطار القانوني والثقافي لضمان اندماجهم". وفاقمت الأزمات الاقتصادية والسياسية والصحية التي تواجها تونس في السنوات الأخيرة من تأزم وضعهم. إذ أثّر التراجع الكبير في عدد الوظائف في القطاع السياحي والمطاعم على موارد رزقهم ووجدوا أنفسهم مدفوعين أكثر إلى ركوب قوارب ومحاولات متكررة للوصول إلى السواحل الأوروبية. ويطبق الشيء نفسه على التونسيين مع انسداد الآفاق أمامهم. وبحسب منظمة "كاريتاس" الخيرية التي ترافق بعض المهاجرين، فإن المهربين يعدونهم بالإقامة والعمل السهل في أوروبا، بحجة أن الوباء أهلك السكان هناك. ولكن الطالبي يعتبر أن ارتفاع عدد الرحلات من تونس مرده "الاتفاقات بين إيطاليا وميليشيات ليبية عطلت الانطلاق من ليبيا" خلال السنتين الماضيتين.