جاءت زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى المملكة في توقيت مهم، ولتوطيد العلاقات المتميزة بين المملكة والعراق، وإرساء آفاق التعاون بما يخدم الشعبين الشقيقين، ويكرس قيم البناء والتكامل، والتأكيد على أهمية توسيع آفاق التعاون الثنائي بما يخدم مصالح البلدين في المجالات المختلفة. ودائماً ما كانت المملكة العربية السعودية الداعم الأول لأشقائها ولكلّ ما يحقق للعراق أمنه ونماءه، وتأكيدها على أنها معنية باستقراره وسيادته وعودته لعمقه العربي، ومكانته في المجتمع الدولي. وليست زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للرياض زيارة عادية، خصوصاً في ظلّ التحديات التي تواجه العراق والمنطقة، وفي ظل هجمة إعلامية إيرانية مسعورة تخشى التقارب بين الشقيقين، بل جاءت أيضاً في سياق استعادة العراق لتوازنه والمنطقة لتوازنها، لا سيما أن هناك قوى مختلفة في المنطقة لا مصلحة لها في حصول تقارب سعودي - عراقي، ولا شكّ أن إيران التي تعدّ العراق تابعاً لها تأتي في مقدّمة هذه القوى. وعلى الرغم من تعهّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بتحييد العراق عن نفوذ إيران من خلال تصريحات عديدة سابقة، وأن بلاده لن تصبح نقطة انطلاق لأي هجوم على المملكة، إلاّ أن ذلك سيواجه رفض أطراف موالية لإيران، والتي تعمد إلى الوقوف أمام رغبته في ضبط الوضع الأمني، والتحكم في فوضى السلاح. ولا شك أن هناك حرباً شرسة تشنها هذه الأطراف على الكاظمي، والتي ترى أن مهماته محصورة في تدبير الشؤون المعيشية للعراقيين فقط، بعيداً عن المسائل الأمنية، وأن العراق مجرّد ساحة تلعب فيها إيران، إلاّ أن الكاظمي يعرف الكثير من التفاصيل عن كلّ ما له علاقة بالأدوات الإيرانية في العراق، ويسعى منذ أن أصبح رئيساً للوزراء إلى عودة العراق للعراقيين، واسترداد الدولة ومؤسساتها، وحصر السلاح في يد الجيش العراقي، وبناء علاقات قوية مع محيطه العربي، خصوصاً المملكة. ومن هذا المنطلق يظهر الشقيقان المملكة والعراق جدية في تصحيح مسار العلاقات بينهما، والاستفادة من الفرص والإمكانات التي يتيحها التعاون بين الطرفين، وفي عدّة مجالات. لذلك تراهن المملكة على الدور الكبير الذي يعمل عليه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، من خلال إبعاد المنطقة عن التوترات، والسعي لإرساء الأمن المستدام فيها، وهذا ما يؤشر عليه تكثيف الزيارات المتبادلة بين الشقيقين، والتي تجاوزت العناوين السياسية العريضة إلى مناقشة التفاصيل العملية.
