حكاية فلسفية، حكاية خيالية رومانسية لعالم مقسوم على بُعدين أحدهما مليء بالأحياء، والآخر مليء بالأرواح. مؤلفة بشكل بديهي عن ملائكة الأرض في مدينة برلين، رؤية شاهقة تروق للحواس والروح، أقرب إلى الشعر والموسيقى، «أجنحة الرغبة» هي قصيدة، استعارة عن الحياة. تدور أحداث هذا الفيلم المذهل الذي يبحث عن الذات تحت سماء برلين، عن مجموعة من الأرواح تراقب مواطني برلين بصمت، وتجد الناس في محنة وتحاول تهدئة أرواحهم من خلال اللمسة غير المرئية، بصرف النظر عن الإنسانية ولكن ليس بمعزل عنها، هناك ميل لدى بعض الأرواح للرغبة في أن يصبحوا بشرًا. نطير مع الأرواح، داميل (برونو غانز) وكاسيل (أوتو ساندر) واللذان أمضيا أبدًا في مراقبة شؤون البشر. وظيفتهم هي المراقبة، لا أحد يستطيع رؤيتهم - باستثناء الأطفال - وهم يتنقلون في الشقق والشوارع ومترو الأنفاق في برلين. «كاسييل» يكتفي بالمراقبة فقط، «داميل» مختلف، كلما كان على اتصال وثيق بالمغامرة البشرية، كلما اشتاق إلى تذوق الملذات الملموسة للوجود الدنيوي. نرى برلين من خلال عيونهم، إنهم يلتقطون أفكارًا عشوائية، وأصواتًا فردية، أب قلق على ابنه في سن المراهقة، وامرأة ترزق بطفل، وركاب متعثّرون بسبب الازدحام المروري، وصبي بلا رفقاء. يحتفل هذا الفيلم الكلاسيكي بالمتعة الأرضية الحسية للحياة والحب بتعاطف وحساسية، وكيف أن الأفلام قادرة على التعبير عن العديد من المشاهد الشعرية المذهلة. يصوّر كل الأشياء السخيفة والطفولية لأنها تمثل إحساسًا بالدهشة في العالم، وهي طريقة تعلّم أن تكون إنسانًا من خلال التجربة. تدعونا باستمرار إلى التعجب من حقيقة العيش والشعور على الإطلاق. تأمل شعري في الإيمان، وقوة السينما، وامتحان حزين لبرلين في خضم الحرب الباردة. إنه فيلم عن الملاحظة، عن القدرة على فهم العالم وإدراكه بشكل أفضل من خلال المشاهدة والاستماع إلى كل ما يحدث حولنا. استلهم المخرج «فيم فيندرز» من الهندسة المعمارية لمدينته برلين حيث تظهر تماثيل الملائكة في كل مكان، بالإضافة إلى شعر «ريلكه» لتصور هذه التحفة الفنية. ابتكر هو والكاتب الروائي والشاعر النمساوي «بيتر هاندكه» عالمًا غريب الأطوار من الأسطورة والادعاء الفلسفي وحيوية التجربة الإنسانية، مليئًا بالصور القاتمة لعالم عديم اللون والذي يمثّل الحرمان الحسي للأرواح. تلقَّى «ويندرز» مساعدة إبداعية مميزة من المصور السينمائي «هنري ألكان»، الذي صوَّر المعلم الخيالي (الجمال والوحش)، ومن موسيقى «يورغن كنيبر» الحزينة التي تهيمن عليها آلات الكمان والتشيلو. حصل المخرج «فيم فيندرز» على جائزة أفضل مخرج في مهرجان كان السينمائي. كما ترشّح الفيلم لعدة جوائز في المهرجانات السينمائية العالمية.