يقول سايمون سينك: "أعضاء الفريق الواحد ليسوا أشخاصاً يعملون مع بعضهم، بل هم أشخاص يثقون ببعضهم!". ترى، ما الذي يجعل الموظف يثق بمديره؟ وما الذي يجعل الموظفين يثقون ببعضهم؟ مقالة اليوم تجيب عن هذه الأسئلة... بداية، ننطلق من التأكيد على أن عصر الإدارة الديكتاتورية والقبضات الحديدية الشبيهة بأنظمة ستالين الشيوعية أصبح لا يعترف به كنموذج إداري يرمز للنجاح والقوة إلا في مخيلة المديرين الذين يعانون من أمراض نفسية ويعيشون في عالم تخيلي يشبع غرورهم وغطرستهم. فالمدير الذي يريد إدارة منظمته على طريقة فرعون بأني لا أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد من الأفضل له أن يراجع حساباته سريعاً من قبل أن يغرق في يم الفشل الذريع عاجلاً أو آجلا. وقد يتساءل البعض هنا ولماذا؟ الجواب بكل بساطة أنه ورغم جموح النفس البشرية أحياناً لدى المديرين إلى البحث عن الطاعة العمياء إلا أن الواقع يقول إن الموظفين ليسوا عبيداً والعالم تغير حيث أصبحت الفرص متاحة للموظف المميز للانتقال من بيئات العمل الطاردة إلى بيئات العمل الجاذبة. وليست الخسارة الوحيدة في هجرة الكفاءات وهروبها من المنظمات ذات بيئات العمل السامة، بل المشكلة الأكبر هي السمعة التي تنتشر عن تلك الشركات أو المنظمات من الموظفين الذي غادروا أو الراغبين في المغادرة مما يجعل من الصعب جداً عليها أن تستقطب كفاءات جديدة من السوق. ولأقرب الصورة فلك أن تتخيل فريق كرة قدم شهير وحقق الكثير من الإنجازات ولكن بدأت تنتشر عنه أخبار عن تغييره المستمر للمدربين وإقالته المفاجئة وهرب اللاعبين المحترفين منه وعدم رغبتهم في تجديد أو استكمال عقودهم نتيجة سوء التعامل وعدم تسديد الرواتب. مثل هذا الفريق لن يستطيع استقطاب مدرب مخضرم ومتمكن ولن يتمكن من إقناع لاعب متميز من اللعب في صفوفه. والنتيجة الحتمية للمنظمات التي تنعدم فيها الثقة بين الإدارة والموظفين هي هجرة الكفاءات وصعوبة استقطاب كفاءات جديدة بنفس المستوى مما سيترتب عليه قبول بموظفين وإداريين على مستويات أقل لا تستطيع أن تتوظف في المنظمات المنافسة. ولك أن تتصور مستقبل تلك المنظمة أو الشركة أوحتى فريق كرة القدم بعد ذلك.. وبالعودة إلى الأسئلة في مطلع المقالة حول آلية بناء الثقة بين الإدارة والموظفين فنالك عدد من النصائح والإجراءات ومن أهمها: الاستماع إلى آراء الفريق ومناقشتهم وعدم محاولة فرض آراء بالترهيب والتهديد، احترام التخصصات ومجالات المعرفة، الابتعاد عن النميمة والوشايات، العدالة في التعامل وعدم المحاباة، الصدق في الوعود والحديث والأفعال، عدم الغدر والتنكيل والتحرش باستخدام قوة السلطة والمنصب. وختاما، من المهم لبناء الثقة في المنظمات أن يتذكر المدير أنه بمثابة المعلم والوالد لمن وثقوا به ليقودهم ومن المعيب والمخزي أن يغدر الأب بأبنائه ويحاول المعلم منافسة طلابه وتحطيمهم وتهميشهم لإبراز نفسه.