على الرغم من معاناة النظام الإيراني من العقوبات إلا أنه مايزال ينفق أموالاً طائلة على تصدير الإرهاب والتدخل العسكري في البلدان الأخرى والمشاريع الصاروخية والنووية، والأهم من ذلك أنه أنشأ أرستقراطية منقطعة النظير لقادة النظام تزيد من ثرواتهم المتكدسة يوماً بعد يوم. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: كيف وبأي آليات يحصل النظام علي هذه الأموال الطائلة؟ 1- يتم إضافة 2000 مليار تومان إلى سيولة البلاد بشكل يومي منذ بداية هذا العام» (صحيفة دنياي اقتصاد، 2 يوليو 2020). في حين بلغت كمية السيولة عام 1978 ما قيمته 261 مليار تومان. (نوبخت- وكالة أنباء إيرنا، 3 أغسطس 1978). بعبارة أخرى، زادت السيولة أكثر من 11 ألف مرة في السنوات ال41 الماضية، ولا تزال تتزايد بشكل يومي. وقد زادت كمية السيولة بأكثر من أربعة أضعاف ونصف في سبع سنوات من حكم روحاني. «تقع معظم هذه السيولة في أيدي 5٪ فقط من السكان» (صحيفة وطن امروز، 25 ديسمبر 2016). 2- «حتى 21 ديسمبر 2019، بلغ حجم ديون القطاع الحكومي للجهاز المصرفي 380 ألف مليار تومان» (صحيفة جوان، 4 مايو 2020). 3- «حتى 20 أبريل 2020، تدين الحكومة بنحو 260 ألف مليار تومان لمنظمة الضمان الاجتماعي والتي تعتمد حياة وموت 43 مليون نسمة من سكان البلاد على بقائها» (صحيفة آفتاب يزد، 10 مايو 2020). الآن من الواضح هنا أن إيران هي دولة غنية. وقد حصل النظام على عائدات ضخمة من بيع النفط ومكثفات الغاز الطبيعي. على سبيل المثال، في 31 مايو 2020، قال " محمد باقر نوبخت"، رئيس منظمة التخطيط والميزانية الإيرانية، في مجلس الشورى: «في عام 2011، بلغت كمية الصادرات قيمة 119 مليار دولار» (وكالة أنباء فارس، 31 مايو 2020). وقال علي محمد نمازي، نائب رئيس مجلس النواب: «كانت هناك عائدات نفطية بقيمة 3000 مليار دولار في هذه السنوات الثلاثين» (صحيفة آرمان، 11 أبريل 2020). بعبارة أخرى، في الثلاثين سنة الماضية من أصل 41 سنة من فترة حكم الملالي، حصل النظام رسمياً على متوسط 100 مليار دولار سنوياً من العائدات النفطية. لا يعد هذا المبلغ بالنسبة لميزانية بلد مثل إيران مبلغاً صغيراً من المال، بل علي العكس من ذلك يمكن استخدامه لإنجاز كثير من الأعمال تخدم الشعب الإيراني لا. لكن الدراسات المتعلقة بسياسات النظام تظهر أنه يسلب عدة دولارات من رأس مال الشعب وسبل عيشه مع كل دولار دخل أو يدخل إيران. النهب من الميزانية منذ بداية تشكيل حكومات نظام الملالي، خاصة منذ عهد رفسنجاني فصاعداً، تمّ تخصيص حوالي 70٪ من ميزانية البلاد رسمياً إلى الشركات والمؤسسات الحكومية. واتخذ مجلس الشورى سياسية عدم التدخل في هذه النسبة الكبيرة من الميزانية المخصصة للمؤسسات الحكومية، فضلاً عن أصحاب تلك المؤسسات لا يخضعون للمساءلة والمحاسبة أمام أي شخص أو جهة رسمية. على سبيل المثال، في 20 فبراير 2011، قدم محمود أحمدي نجاد مشروع الموازنة لعام 2011 إلى مجلس الشوري، بلغ إجمالي حجم الميزانية الحكومية المقترحة للعام الجديد في هذا المشروع، 539 ألف مليار تومان، منها 177 ألف مليار تومان للميزانية العامة و362 ألف مليار تومان (أي أكثر من 67٪ من الميزانية) لميزانية الشركات الحكومية. وفي 1 يونيو 2019، كتبت صحيفة "كيهان" الحكومية: «تقدر ميزانية عام 2019 بنحو تريليون و703 آلاف مليار تومان، منها 407 آلاف مليار تومان هي الميزانية العامة وتريليون و274 ألف مليار تومان هي ميزانية الشركات المملوكة للدولة والمؤسسات الربحية، لكن لا توجد تفاصيل حول ميزانية هذه الشركات. بعبارة أخرى، فإن مصير حوالي 70٪ من الميزانية يتأثر دائماً بالموازنة العامة دون أن تتضح جزئيات أدائها». وكتبت وكالة "مهر" للأنباء في 17 مارس 2020، حول ميزانية عام 2020 أن «ميزانية الشركات المملوكة للدولة زادت بنسبة 16٪ في عام 2020 مقارنة بقانون الموازنة لعام 2019». وبالتالي، يتضح أن 70٪ من إجمالي الميزانية، أي الإيرادات الحكومية، يتم خصمها علي الفور ومباشرة من جيوب الشعب لتذهب إلى جيوب خامنئي وقوات الحرس وشركائهم الآخرين، يتم ذلك كل عام تحت حكم الملالي، من إجمالي الدخل أو رؤوس المال وممتلكات الناس. الجدير بالذكر أن الشركات الحكومية لا تدفع الضرائب على الإطلاق. على سبيل المثال، كتبت وكالة أنباء "إيرنا" في 11 نوفمبر 2018: «أعلنت منظمة الشؤون الضريبية في البلاد أسماء 10 منظمات ثورية معفاة من دفع الضرائب. تظهر مراجعة قانون الموازنة لهذا العام أنه تم تخصيص ما مجموعه حوالي 7000 مليار تومان لسبعة من هذه المؤسسات». وهذا يعني أن تلك المؤسسات كان لديها 2 مليار دولار من الأرباح المعفاة من الضرائب. ونتيجة لنهب ميزانية الدولة، تسود في المجتمع آفات اجتماعية مثل الفقر، البطالة، نبش القمامة، السكن في عشوائيات المدن الكبرى، النسوة معيلات الأسر، النوم في القبور والآبار، النوم علي أسطح المنازل وعلي الكرتون إلخ، لكننا لن نناقش هذه الظواهر في هذه الورقة.