«الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    ولي العهد يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بذكرى يوم الاتحاد لبلادها    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    أخو الزميل المالكي في ذمة الله    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    تشكيل الهلال المتوقع أمام الفتح    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    أمير جازان يرعى حفل افتتاح مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    الأخضر تحت15 يخسر من سلوفينيا في بطولة ديلي نازيوني    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    حرب نتنياهو .. إلى أين ؟    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تحول تاريخي    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    مقال «مقري عليه» !    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«جائحة كورونا».. تحول ثقافي واجتماعي أم أزمة عابرة؟!
نشر في الرياض يوم 24 - 04 - 2020

«العالم قبل كورونا غير العالم بعدها» مقولة أطلقها ساسة وتناقلها مفكرون وعلماء اجتماع حتى أصبحت حديث الناس قاطبة وهي بمثابة التنويه إلى تغيرات كبيرة لاحقة على كافة الصعد والمستويات، ولن تكون الثقافة في منأى عن تلك التغييرات التي لم تتحدد ملامحها بعد إلا أنها في طور التشكل والتكوين.. ولعل لقرار منع التجول الذي أطلقته حكومتنا الرشيدة لدرء المخاطر المترتبة على انتشار فايروس كورونا، جرت ضمن معطيات التغيير وأسبابه على الجانب الاجتماعي الذي هو رافد للهوية الثقافية والوطنية.. هذا التغيير أحدث اهتزازاً بنيوياً خلق تغييرًا اجتماعياً؛ وهي تغييرات لا يلحظها الإنسان العادي.
استطلعت الرياض آراء عدد من المختصين في هذه المحاور: كمختص وغير بعيد عن التبدلات الثقافية وأسبابها ومآلاتها..
كيف يمكن أن تقرأ هذا المشهد من ناحية سوسيولوجية وسوسيوثقافية؟ وإلى أي حد ترى المستقبل «قاتماً أو واعداً بالأجمل»؟
كما ودنا أن تقدم لنا وصفاً للملمح الاجتماعي الذي رافق أفراد المجتمع عبر ردود الأفعال والمواقف العفوية والقصدية؟
وكذلك الحالة التي تلبست سلوكيات البعض كما رأينا من مواقف ومشاهدات تتراوح بين الهزلي والسطحي والتافه؟
السلوك الإنساني
يقول أ.د. صالح بن محمد الخثلان- أستاذ العلوم السياسية ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى-: لاشك أن جائحة كورونا تعد أحد أبرز أحداث التاريخ المعاصر بالنظر إلى حجم آثارها على الحياة والعالم أجمع. وأبرز تأثيراتها انغلاق المجتمعات على نفسها، وتوقف معظم أوجه النشاط الاقتصادي وتداعياته، وآثارها على سلوك الأفراد بالتخلي عن عادات واستبدالها، حتى أصبح التباعد الاجتماعي مفهوماً جديداً يدخل في قاموس السلوك الإنساني. وعلى المستوى السياسي كما يقول الخثلان راجت تنبؤات بانعكاسات الجائحة على مستقبل العلاقات الدولية وبشَر البعض بميلاد نظام عالمي جديد تكون الغلبة فيه للصين معتبراً أن ذلك يبقى مجرد توقعات مدفوعة بمراقبة لأحداث آنية ومتغيرة، ما يجعل من الصعب أخذها على محمل الجد؛ خصوصاً أن التغير السياسي دولياً يعد أصعب القضايا التي يمكن التنبؤ بها. مؤكداً أن حادثة واحدة لا يمكن أن تغير في طبيعة العلاقات الدولية. التغير يقتضي تحولاً في موازين القوة، وهذا لا يحدث سوى من خلال حرب كما في الحربين العالميتين أو بحدوث تحول جذري في إحدى هذه القوى كما حدث في الاتحاد السوفييتي. ويكمل الخثلان: ولو نظرنا إلى النظام الدولي نجد أن توزيع القوة فيه شبه هرمي حيث تتصدر الولايات المتحدة ميزان القوة بحكم قدراتها العسكرية والاقتصادية والعلمية، وحضورها في كافة أقاليم العالم، في المقابل تحقق الصين قفزات اقتصادية كبيرة تقرِبها من قمة الهرم، إلا أنها لا تزال تفتقد لمقوم القوة الأيدلوجي القادر على منافسة النموذج الغربي. وزاد: طبيعة الحياة الإنسانية اليوم يعيق رواج النموذج الصيني، وبدون نموذج للحياة قابل للتصدير لا يمكن التحدث عن هيمنة صينية. الجائحة في تغيير طبيعة العلاقات نحو زيادة التعاون بين الدول وتقليل فرص الصراع؟ وهذا محتمل.
وأكمل: هناك فرصة لتحرك دولي مشترك لتقليل أضرار الفيروس، وهنا أرى أن أمام المملكة بحكم رئاستها لقمة العشرين فرصة تاريخية لإبراز دورها القيادي في دفع هذا التحرك، وقد بدأته بالفعل بعقد قمة افتراضية. ولعلي أقترح النظر في دعوة وزير الصحة لنظرائه في الدول العشرين لعقد اجتماع لبحث سبل مكافحة الفيروس، وكذلك مبادرة وزير الخارجية لدعوة نظرائه وبالمثل لوزراء المالية والاقتصاد. كما يمكن لمركز الملك سلمان للإغاثة الدعوة لاجتماع منظمات الإغاثة لتبادل الرأي وتخفيف آثار الجائحة على الفئات الاجتماعية الأضعف. هذه فرصة يجب عدم تفويتها لتأكيد مبدأ التضامن الذي ترتكز عليه السياسة الخارجية السعودية.
المصير البشري
ويرى د. عبدالسلام الوايل -أستاذ علم الاجتماع- أن أبرز التأثيرات تلك التي طالت مفاهيم الصحة والمرض. اندلاق العالم الاجتماعي على مفاهيم الصحة والمرض تراجع، وحل محله شعور بوحدة المصير البشري، داخل الجماعة أولاً ثم البشر جميعا ثانياً. ويضيف: جميعنا مهددون بالمرض بسبب مخلوق أصغر من أن يرى يمثل لنا «كلنا» تهديداً. ماذا سينتج عن ذلك؟ ما نتج عن ذلك هو تصاعد قوة الفهم «العقلاني» للعالم، السببية والبراهين والأرقام. بمعنى حضور أكبر للعلم في تشكيل الحقيقة في المجتمع. مصاديق ذلك هو أولاً، تبدل تفاعلات الناس في وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر والواتس تحديداً) خلال تطورات الجائحة، حيث كان هناك حضور قوي للتفسيرات المؤامراتية للمرض لكنها أخذت في التراجع، أو التفاعل معها أخذ بالتراجع. بل وفي حالات تحول أصحابها لموضع سخرية العديد من الحسابات والرسائل. والسخرية هي أحد وسائل الضبط الاجتماعي لضبط السلوك. ثاني الشواهد على تصاعد دور النموذج العلمي في رؤية العالم هو التبدل الذي طرأ للتفاعل مع الحسابات التي تقدم معلومات مغلوطة عن المرض، بعض هذه الحسابات هي لممارسين صحيين في مؤسسات صحية عريقة. وتم التفاعل مع اطروحاتها المغلوطة بقوة في البداية. لكن مع فرض الفايروس نفسه على تفكير العالم وخطابه وتعمق المعرفة به وخصائصه وأساليب مكافحته، نلاحظ وجود تراجع للتفاعل مع هذه الحسابات وتدني في تداولها وتدويرها. بمعنى أن التفكير العلمي تزايد في مجالين، فهم العالم (تفسير منشأ الفايروس) ومقاربة مفاهيم الصحة والمرض.
الجانب العاطفي
وتضع الدكتورة علياء العمري -ناقده- الأوبئة والأمراض من سنن الحياة، وتقول: على مر التاريخ عانت المجتمعات الإنسانية منها وأحدثت تغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية، إلا أن ما لم يكن في الحسبان أن يعيش الإنسان في العالم أجمع حالة من القلق الاجتماعي في وقت واحد، تختلف المخاوف باختلاف طبيعة المجتمعات هناك مجتمعات يقلقها العواقب والآثار الاقتصادية وأخرى تخاف نفاذ السلع الغذائية متشكلاً دائرة من القلق الذي لا ينتهي وهو بالتأكيد له آثاره الاجتماعية والنفسية والعقلية فالمجتمع الحديث هو مجتمع المخاطر كما أشار عالم الاجتماع الألماني أولريش في التسعينات، فالتقدم والتطور محفوف بالكثير من المخاطر تكاد تكون بنفس درجة تأثير الحروب.
وأضافت: بالطبع هناك صدمة متزامنة مع انتشار الفيروس في العالم كله، ولكن بالتركيز على مجتمعنا نجدنا نتأثر من الناحية الاجتماعية والعاطفية، فتوقف الأنشطة الحياتية أمر صادم، فالحياة الأسرية المترابطة والقائمة على الاجتماعات أختفت في شكلها المعتاد وتمت إحالتها إلى وسائل التواصل عن بعد، لا سيما أن هناك آثاراً كبيرة على نمط الحياة الاجتماعية وبما أن الدراسات السوسيولوجية العلمية في الوقت الحالي غائبة لا أستطيع أن أجزم عن كونها ايجابية أم سلبية، ولكن من خلال الملاحظات العامة أعتقد أننا نتعامل مع هذه التغيرات بطرق متفاوتة، وتراه العمري أمر طبيعي مع التغيرات المفاجئة قد يتجه البعض لبث مواقف فكاهية أو ترفيهية عن الحجر المنزلي كنوع من التسلية وتمضية الوقت. لنا أن نتخيل لو كان هذا الوباء قبل الثورة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي كيف ستكون حياتنا.
النزعة الفردانية
ويؤكد د. إبراهيم البعيّز -استاذ الاعلام سابقا- أن جائحة كورونا تمثل لحظة مهمة في التاريخ المعاصر، فهي لا تقل أهمية وتأثيراً من»الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحادي عشر من سبتمبر» وكانت لها تداعياتها على العلاقات الدولية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية. لكن نحن اليوم أمام قضية لم يقتصر الاهتمام بها على دوائر صنع القرار السياسي، بل أنها لامست مفاصل الحياة اليومية لكل سكان الأرض.
وقال: نحن أمام كارثة وقف العالم أمامها في ذهول لم يكن يظهر إلا في مشاهدة أفلام الخيال العلمي. هزت كثير من المسلمات في مؤشرات المقارنة لمستويات التنمية والتحضر بين دول العالم. وهناك شبه اتفاق بأن آثارها ستطال كل مناحي الحياة، والتداعيات الثقافية لن تكون مستبعدة. معتقداً أنه من السابق لأوانه الجزم بطبيعة تلك الأثار الثقافية المحتملة ومداها، معتقداً أن هناك جوانب ثقافية مؤهلة للتأثر بهذه الكارثة، وهي مسلمات الثقافة السياسية، والإرهاصات الأولية لذلك ظهرت في المقارنة بين التجربتين الكورية والدول الغربية. استطاعت حكومة كوريا الجنوبية أن تتجاوز إشكالية الخصوصية حين استخدمت تطبيقات على الهواتف الذكية بتتبع الحالات المصابة، مما ساهم في جعل التجربة الكورية نموذجاً عالمياً استعانت به الدول الأوروبية. هذا التطبيق التقني لم تستطع الدولة الغربية أن تتبناه لاعتبارات الخصوصية الفردية التي شكلت حاجزاً لا يمكن تجاوزه. فالحرية الفردية في الثقافة السياسية الغربية تأتي مقدمة على اعتبارات المصلحة العامة. متسائلاً عن إمكانية حدوث تغير في جانب للنزعة الفردانية من أجل مصلحة الجماعة، ومتوقعاً أنه ليس مستبعداً.
وكذلك مايتعلق بقيم العولمة ونظرية القرية الكونية، فبذوبان الحدود أصبحت إمكانية تسلل الأوبئة خطراً واقعياً، وهذا ينعكس على مسارات وإجراءات تحرك الأفراد ومن المؤكد أنه ستظهر متطلبات جديدة للسفر والتنقل، وسوف تأخذ الاعتبارات الأمنية نمطاً وبعداً جديداً في قائمة الرصد والتحري، وستقفز الاعتبارات الصحية وسلامة البيئة إلى أولويات الهواجس الأمنية.
العالم المتوحش
أما د.خالد عمر الرديعان -أستاذ اجتماع مشارك- فيقول: نحن نعيش في عالم منحرف وغير منضبط، عالم بعيد عن الأخلاق والمثل العليا، عالم يقتات على الخوف والأكاذيب، عالم خلا من القدوات التاريخية المؤثرة التي تغير مسار التاريخ وتصنع السلام في ربوع العالم. نحن نعيش في عالم متوحش ونهم يقوده الدولار واليورو بعد أن تقلص دور الدين والأخلاق بصورة مريعة وغير مسبوقة؛ فحتى القابض على «مسيحيته» في الغرب أصبح كالقابض على الجمر في ظل تناقص أعداد مرتادي الكنائس بل وبيعها في المزادات العلنية، أو تحويلها إلى مزارات سياحية كما يحدث في دول غرب أوروبا. مشدداً على أن عالم اليوم يسير من دون بوصلة، وبالتالي من الطبيعي أن تنتشر الأمراض والأوبئة، والحروب والصراعات طالما لم يتم عقلنة الرأسمالية وحقنها بجرعة كافية من الأخلاق والمثل العليا لكي تعود إلى جذورها الأولى التي وردت في جميع الأديان.
الزامل:
غيرت الصورة الذهنية
عن المملكة
النموذج السعودي
من جانبها أرجأت أ.د. الجوهرة بنت فهد الزامل -أستاذ الخدمة الاجتماعية- محاولة قراءة المجتمع الى بعد انتهاء الأزمة، نظراً لأن القراءة العلمية الصحيحة لا تأتي في مرحلة الصخب بل حين تستكين ثم تثبت، وترى أن التغيير سيشمل عمق المجتمع العالمي والمحلي بجميع عناصره ومكوناته.
وقالت: إن التغير الاقتصادي والسياسي لا يمكن أن يتم دون التغير على المستوى الاجتماعي فالأزمة تغير النمط العام للمجتمعات، وكذلك نظرة الإنسان كمواطن في هذا العالم تجاه الحياة.
مشيرة إلى عودة الأسر لممارسة أدوارها الطبيعية والتي تخلت عنها أو همشتها وتعظيم الأفراد قيمة الأسرة وأدوارها كخط دفاع ثاني بعد الدولة في الأزمات والكوارث، ومن بركات الأزمة على حد قول الزامل: إعادة تشكيل القدوات في المجتمع من العلماء والأطباء والأكاديميين والمثقفين وتراجع مشاهير السوشيال ميديا فارغي المحتوى وهشي الثقافة.
وعلى الصعيد المجتمعي المحلي أشارت إلى أن تبادل العمل الإنساني بين الشعب والقيادة بتطوع 70000 مواطن مع وزارة الصحة يدل على القيم الإيجابية وتعزيز الانتماء والامتنان للوطن، معتبرة المملكة وقدرتها الهائلة على العمل بخطوط متوازية متوازنة بجميع الاتجاهات المفصلية بما يتعلق بصحة الإنسان وحقوقه والاقتصاد، محل الفخر والاعتزاز متطلعة لجهود موازية من منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص بشكل أمق لمساندة الدولة التي حملت على عاتقها كامل الأزمة.
وترى أن الأزمة أثرت إيجاباً على سوق التجارة الإلكترونية وسلباً على قطاعات السياحة والترفيه، شاكرة مواقف حكومتنا الرشيدة بضخ تعويضات للقطاع الخاص بنحو 9 مليارات ريال والتكفل بنحو 60 % من مرتبات العاملين فيه، وقرار تأجيل سداد رسوم الخدمات الحكومية المستحقة وإعادة جدولة القروض لموظفي القطاع الصحي وتمديد فترة الإقامات 3 أشهر للمقيمين بدون مقابل وقرار علاج مخالفي الإقامة مجاناً. مؤكدة أن ذلك ساهم في تغير الصورة الذهنية للمملكة عالمياً على نحو إيجابي حيث اتضح مدى احترام حقوق الإنسان بأعلى المعايير وقدرة النظام السياسي على الاحتواء للأزمة وهذا نموذح يحتذى وإنسانية تدرس.
الإيقاع السريع
وأوضحت د. اميرة كشغري -أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب- بأننا أمام مشهد ثقافي اجتماعي مغاير تماماً لما كنا نعيشه من قبل، قاطعة بوجود تغير في أنماط السلوك للأفراد والجماعات يتبعها تغييرات جذرية في حياة البشر. وقالت: قبل كورونا كادت سرعة الحياة العصرية أن تجعل منا مجرد تروس في طاحونة العصر الحديث. نمر بمحطات الحياة على عجل، نأكل على عجل، نعمل، نشاهد، نقرأ نكتب، نصلي، على عجل، بل ونلهث كي نلحق بجدول مواعيد يومنا. أما اليوم فقد تغير المشهد وفرضت علينا ظروف الحجر المنزلي إقامة جعلتنا نقف ونتأمل ونراجع.
وتكمل: في زمن كورونا أصبحنا نعيش سرديات ثقافية جديدة سواءً من خلال الكتابات والتأملات الجادة أو تلك القصص الهزلية الممجوجة، غير أني أرى أهمية كبرى لتغيرات قد تطبع السلوك والأنساق الثقافية والبنى الذهنية مستقبلاً.
في السلوك الاجتماعي، سيتغير بعض العادات مثل أسلوب التحية بشكل حميمي. وسنكون أكثر التزاماً بلبس الكمامات في الأماكن المزدحمة. وعلى المستوى الثقافي الفردي تجزم أن يصبح الناس أقرب لذواتهم وسيتعلمون بأنهم هم من يمنحون المعنى لحياتهم ويتعاطون مع محفزات الفرح الذاتية والبهجة النابعة من الداخل وليس تلك القادمة من الخارج.
لذلك وبرأيها ستقل قيمة الأشياء المادية لتبرز قيمة الذات والتعايش باطمئنان، والقدرة على التعبير عن المشاعر والانفعالات ومواجهة الضجر والحرمان. مشددة على أن أهم التحديات المستقبلية هي العدالة الإنسانية من دون النظر إلى العرق والعمر والانتماء الديني والأهمية الاجتماعية، الغني والفقير والصغير والكبير والرجل والمرأة، وهنا يبرز سؤال «القيمة»، قيمة الإنسان فقط. مختتمة: إن هذا الشعور واليقين بتفاهة العالم المادي في ظل الجايحة يجعلنا أكثر رضىً بما نمتلكه لا تحسراً على ما ينقصنا. إنه ميلاد جديد لإنسان جديد على كوكب الأرض.
الانتماء الثقافي
ويرصد د. دخيل الدخيل الله -أستاذ علم النفس الاجتماعي- التحولات الثقافية المحتملة ويرى الانتقال بينها تدرجي لا جذري، مثل تحول في المعارف والأفكار والقيم والأعراف على مستوى الأفراد والجماعات والمجتمعات والعودة لقيم الأصالة والانضباط والنأي عن قيم التحرر والفوضى. وبرأيه أن التغيير يطال مظاهر متعددة من سلوك الناس ويأخذ أبعاداً مختلفة منها: التغير في ثقافة الاستهلاك والحد منها ومتوقعاً أن يطال التغيير مظهر للاستهلاك في أوساط غير تقليدية كالتعليم فقال: الكثير من الطلاب وعائلاتهم تعودوا البحث عن أفضل المدارس والكليات، ويلجأون بسبب هذه العادة للابتعاث، وبزيادة الوعي بما يتميز به التعليم في بلادنا تجعل من الاستهلاك في مجال التعليم داخل الوطن أولى من الاستهلاك خارجه. وإدراك الأفراد والعائلات لقيمة الاقتصاد في الأكل والمشرب بما له علاقة بالعادات الصحية مثل خفة الوزن وصحة الجسد وتبني برامج لممارسة الرياضة والهوايات النافعة. وكذلك إدراك المجتمع لأهمية احترام القواعد والأنظمة وينسحب على احترام نظم اجتماعية أخرى كالأسرة والأمن والمرور، وبما أن العنصر الأوسع من الثقافة هي القيم فيرة انها تمثل مثاليات المجتمع وقد تشهد تحولاً عالمياً لتكون السيادة لقيم الخير والسلام على قيم الشرور والحروب.
ويدفع ذلك إلى أن تصبح قيم العدل والمساواة والولاء والانتماء «قيما محورية» وزيادة الوعي بإيجابيات الثقافة الوطنية سوف يدعم التصدي للثقافات المضادة، فما خبره المواطن من إيجابيات لثقافته الوطنية أسهم في تقدير وإعلاء تقاليد ثقافته الأصلية وهذا يخفف من وطأة تأثير «العولمة»، معتبراً للتقنية وما ترتب على البون الشاسع بين امتلاكها وبين فهم استخدامها آثار ملحوظة في حوادث السير وسوء الأدب في وسائط التواصل ومظاهر التبذير وهدر الطاقات، وهذا مالمسنا تغيراً جذرياً فيه.
واختتم قائلاً: آثار الإجراءات الاحترازية يعد رافداً للهوية الوطنية والتي يحصرها المشتغلون بدراستها في أبعاد منها: العقيدة، والتزام المواطن السعودي بها وإيمانه بالله جعله أكثر اتزانا، والارتباط حيث يشتد الولاء مع إدراك الفرد لدور الجماعة في حمايته كما هي الأسرة الواحدة.
البعيز: غيرت مفاهيم التحضر والتنمية
العمري: العاطفة الأسرية أكثر تأثراً
الرديعان: الرأسمالية طائشة وتحتاج عقلنه
كشغري: شهادة ميلاد لإنسان جديد
الوايل: وحدت شعور المصير المشترك
الدخيل: عززت الانتماء والثقافة الوطنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.