كتبت الكثير من الكتب الأبحاث ولا تزال عن أسرار الإدارة الناجحة والقياديين المبدعين، ولكن لا يحظى الموظفون عادة بنفس الاهتمام. في مقالة اليوم نحاول أن نستلهم بعض الدروس في التميز والنجاح الوظيفي من هدهد سليمان عليه السلام.. ومنها: أولاً: المبادرة والإيجابية: نجد أن الهدهد بادر من عنده بالسفر إلى اليمن من فلسطين رغم أنه لم يكن مكلفاً بأداء تلك المهمة. وهنا يكمن الفرق الجوهري بين الموظفين أصحاب ردات الفعل (Reactive) والموظفين المبادرين (Proactive) والذين يصنعون الفرق. ثانياً: إدارة الأولويات: كان الهدهد حاسماً في اتخاذ القرار بتقديم الأولوية باستقصاء الخبر، وإكمال مهمته التي بدأها على الحضور مع جنود سليمان عليه السلام من الجن والوحوش والطير رغم معرفته التامة لما قد يترتب على ذلك التقصير من عقاب خصوصاً مع قائد حازم وصارم كسليمان عليه السلام. وفي هذا العصر تعد القدرة على إدارة الأولويات وإدارة الوقت والجهد من أهم المهارات المطلوبة لدى الموظف الناجح. ثالثاً: التميز في العرض: القادة مشغولون في العادة وليس لديهم الوقت للاسترسال في جميع الملفات. ونجد أن الهدهد نجح بامتياز في عرض ما لديه بأن بدأ بقوله: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) حيث ينجذب صانع القرار عادة لمقدمات جذابة وأسلوب عرض مبتكر خصوصاً في زمن الانشغال التام مع وسائل التواصل وازدحام الجداول والمهمات. رابعاً: القدرة على جمع المعلومات: استطاع الهدهد أن يجمع معلومات قيمة عن مملكة سبأ وملكتهم وعرشها وأنها أوتيت من كل شيء ولم يكتف بالقضية الجوهرية وهي عبادتهم للشمس فقط لأن نوعية هذه المعلومات واختصارها يساعد القائد على اتخاذ القرار الصائب. خامساً: الولاء والانتماء: لغة الاستنكار القوية من الهدهد على عبادة قوم سبأ للشمس وعدم سجودهم لله عزوجل تستشعر فيها غيرة وحباً للرسالة، وهو ما يتجسد بالولاء والانتماء للمنظمة والدولة، وهي القيمة التي لا يمكن شراؤها بكنوز الأرض ويعد الموظف ذا الولاء مكسباً لا يفرط فيه لدى أي قائد حكيم. سادساً: احترام الأنظمة والقوانين: رغم نجاح الهدهد في مهمته فلم يتذمر أو يعترض على قول سليمان عليه السلام: (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) ومن قبلها قوله: (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) لأن الهدهد يعرف أن هنالك قوانين وأنظمة تطبق على الجميع من جهة، وليقينه بصدقه من جهة أخرى. سابعاً: بناء الثقة: استطاع الهدهد أن يبني الثقة لدى قائده النبي سليمان عليه السلام، والذي كلفه باستكمال المهمة بإرسال الكتاب والنظر في ردة فعل ملكة سبأ. ناهيك أنه يمكنك التماس حسن ظن القائد سليمان عليه السلام بتابعه الهدهد في قوله بعد التهديد بالعذاب والعقاب:(أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ). وختاماً، القادة مهمون، ولكن الموظفين المتميزين شرط أساسي، ولا تكتمل من دونهم وصفة النجاح!