في عالمنا المعاصر تصدرت التقنية حياتنا، وأقصد بالذكر ذلك المحبوب الصغير الجوال الذي دخل إلى قلوب الملايين دون استئذان فأصبح سلاحا ذا حدين وأصبح من العادات واقتناه الصغير قبل الكبير في لهف وجموح كبير مجنون حتى اللهاث0 وتناثرت العواطف وتكاد تنقطع الصلات في حضرة الجوال، وكاد يفقد الإنسان بريقه وانقطع الكلام وحارت الأفهام وتاهت العقول عند الحوار، وأصبح الزائر أسير الصمت فلا لغة إلا لغة الجوال فالإنسان الأريب لا يكون أسير العادة، وألا يكون مجرد مقلد، والتقنية تتحكم به إنه والله لإدمان يؤثر على خلايا الدماغ. فقد يكتفى برسالة بدلاً من زيارة فمخاطر التقنية وسوء استخدامها أصبح حديث الساعة، وعندما نخص الجوال بالذكر لأنه الصاحب الوفي المبهر الجمال والزخرف الفتان والمحمول في الجيوب فالجوال أصبح مصدرا للرفاهية والتواصل وتضييع الأوقات في سفاسف الأمور ومحقرات الأقوال، وحري بنا أن نجعله أداة نصح وقضاء حوائج باعتدال، وأن لا نجعله غاية. وإن الملفت للنظر والمؤسف أن أصبح السائقون والعمال في الشارع وغيرهم غافلون ومنشغلون بالاتصال عبر التطبيقات المجانية أو الإرسال أو التصفح لآلاف المقاطع ووالله لقد وقف احدهم بسيارته أمام ناظري ليغير زيت سيارته والعامل داخل غرفة زجاجية وقد استغرق في ممارسة لعبة عبر الجوال وصاحب السيارة قد ضغط منبه السيارة والعامل ليس واعيا لما يحدث ناهيك عن الموظف الذي يؤخر معاملتك ويطلب منك الانتظار لإنهاء الاتصال أو الإرسال. عجبا ما هكذا يكون الحال فمن المدهش أن الأطفال اعتادوا بدون رادع تصوير كل تفاصيل حياتهم الخاصة وحياة أسرهم ونشر ألأسرار ومن ثم نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي ومخاوف الآباء والأمهات تتزايد لعكوف أبنائهم على الإنترنت وقد ينساق أولئك الأبناء والبنات وراء أفكار هدامة أو تقليد أعمى لبعض ألعاب الجوال الخطرة أو إقامة علاقة غير شرعية عبر الجوال فيجب تشديد الرقابة بوضع برامج تمنع ذلك وتطلع الوالدين على المحتوى والبرامج التي تعامل معها الابن وعدم السماح لمن لم يكملوا الثامنة عشرة باستخدام مفرط للجوال. إن الإنسان اجتماعي بطبعه وعليه واجبات وله حقوق إن العيون التي كانت تنظر إليك لتخاطبك قبل اللسان إنها تنظر الآن وبتركيز شديد لشاشات الجوال، ولدينا من القصص مالا ينفذ لمآسي الإفراط وتضييع الأوقات والحالات المرضية بسبب الجوال، ولكي لا تتسع الدائرة على المجتمع -أسرة ومدرسة وأماكن عمل- تقنين استخدامه.