"تستطيع شراء وقت الرجل، تستطيع شراء وجوده الفيزيائي في موقع محدد، كما يمكنك أيضاً شراء عدد من المهارات والحركات العضلية لساعات وأيام، ولكن لا يمكنك شراء الحماسة، ولا يمكنك شراء حس المبادرة ولا تستطيع شراء الولاء ولا إخلاص القلوب والعقول والأرواح. هذه الأشياء التي يجب أن تسعى لكسبها". تلكم كلمات السيد كلارينس فرانسيس الرئيس السابق لشركة جينرال فوود. مقالة اليوم تبحر معكم حول تلكم الأشياء التي لا يمكن شراؤها.. بداية، هل الحماسة في العمل والتفاعل الإيجابي مشكلة حقيقية في العمل؟ في دراسة أجراها معهد جالوب العام 2012م على نحو أربعة وسبعين ألف مشارك حول العالم تبين أن 13 % فقط من الموظفين يعملون بحماسة في وظائفهم. بكلمة أخرى سبعة من كل ثمانية موظفين حول العالم لا يعملون بحماسة.. التحدي الحقيقي أن هذا الرقم ينخفض ليصل إلى 10 % فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وينخفض إلى 9 % فقط في المملكة حسب نتائج الدراسة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الأسباب خلف عدم حماسة الموظفين للعمل؟ في فترة من فترات حياتي في اليابان كنت أعمل كموظف لدى إحدى المؤسسات التي ابتليت بمدير غير متمكن إدارياً جعل بيئة العمل مكهربة تسودها الحزازيات والمحسوبيات والتجسس بين الموظفين، التفت إلي وقتها مدير أحد الأقسام ليقول والآهات تقطع روحه: "يعمل المرء لدافعين، المقابل المادي والتقدير المعنوي، وإذا ما انعدم أحدهما أو كلاهما فلا يستطيع المرء البقاء في هكذا مكان..". ولكي أكون منصفاً فقد تعلمت الكثير من تلك التجربة بحيث قطعت على نفسي عهداً ألا أسمح بوجود مثل تلك البيئة المكهربة في مكان تحت إدارتي أو قيادتي.. ولكن وللعودة إلى السؤال عن العوامل خلف انعدام الحماسة والولاء لدى الموظف فمن أهمها: عدم المساواة بين الموظفين، انعدام التقدير، ضعف المقابل المادي، عدم وجود خطة مستقبلية واضحة للشركة أو المؤسسة أو للموظف، انتشار المحسوبية والعنصرية والمحاباة، تفشي الروتين وعدم تبني التحسينات والأفكار الجديدة وعدم توفر بيئة صحية داعمة للإبداع. وبالمقابل، فهنالك الكثير من النصائح في كيفية كسب ولاء الموظفين وتحميسهم، ومنها: * امنح الموظفين التقدير وانسب لهم النجاحات. * أشركهم معك في اتخاذ القرارات وصياغتها. * امنحهم التمكين ليصنعوا الفارق. * ساعدهم ليطوروا قدراتهم وخبراتهم. * تعامل مع مشكلاتهم كأنها مشكلاتك. وأختم بما يفعله "روي فلمان" المدير التنفيذي بشركة "أمريكان موتورز" عندما يأتيه الموظف منفعلاً إلى مكتبه فما يكون منه إلا أن يحسن استقباله ويطلب له العصير ويستمع له دونما مقاطعة حيث من الضروري في وجهة نظره أن يجد الموظف من يستمع له، وبعدها يعطيه اقتراحاً لحل المشكلة. وكما يقول: "المهم عندي هو أن يخرج من مكتبي وهو راضٍ، فيخرج وقد حلت محلَّ شحنات الغضب شحنات الحماسة والرغبة في العمل..".