شاهدت قبل أيام الموسم الأول من مسلسل الخيال العلمي في نيتفليكس Salvation ورغم أنه لم يبهرني التمثيل ولا النص إلا أن ما شدني فيه التركيز على ما يسمى بالمحرك الكهرومغناطيسي أو EM Drive اختصاراً. ظننت في البداية أن المحرك محض خيال من اختراع كتّاب الخيال العلمي غير مستندين فيه على تجارب فعلية، مثله مثل الأطباق الفضائية والتنقل بسرعة الضوء أو السفر عبر الزمن. لكن تكرار الفكرة في أكثر من عمل أعطاني فضولاً لمعرفة المزيد فاتضح لي أن المحرك موجود بالفعل وهو من اختراع المهندس روجر شوير. عام 1999 ولكنه حتى اليوم ما زال نموذجاً غير عمليّ بحاجة لمزيد من البحث والتطوير من أجل أن يتمكن من إنتاج قوة دفع كافية لرفع ونقل الأجسام. تقوم فكرة هذا المحرك على توليد قوة دفع في الفراغ باستخدام الفوتونات أو موجات المايكروويف وبالتالي الحصول على الحركة بدون الحاجة للوقود أو أي تفاعل كيميائي؛ محطماً بذلك أكثر قوانين الفيزياء رسوخاً خصوصاً قوانين نيوتن للحركة. مبدأ عمل المحرك واجه سيلاً من الانتقادات والتشكيك من قبل علماء الفيزياء الذين أنكروا وكذبوا الأرقام والملاحظات التي دونها روجر في نشرته العلمية مدعين أنها قراءات خاطئة لا أكثر، إلّا أن ذلك لم يمنع وكالات الفضاء العالمية من السعي وراء حلم الإنسان المتجدد بالحصول على مصدر مستمر للحركة والطاقة وتخصيص ميزانيات ومراكز أبحاث لجعل فكرة المحرك المستحيل حقيقة وعملية. لقد خصصت ناسا والصين وشركات أخرى معامل ومختبرات لتطوير المحرك وقد خرجوا بعدة نماذج مطورة وقراءات أوضح بقليل من النموذج الأولي. الأمر الذي جعل عدداً من علماء الفيزياء يقللون من حدة تهكمهم ونقدهم وبدا واضحاً تركهم مجالاً للعودة في حال ظهرت قراءات غير متوقعة. ماذا يعني نجاح البشر في تطوير هذا المحرك أو أي محرك آخر لا يعتمد على الوقود لعالم الطيران، وللنقل بشكل عام؟ يعتقد العلماء أن هذا المحرك في حال نجاحه فسيكون أكبر اكتشاف في القرن الحادي والعشرين. وسيتغير معه كل ما عرفناه عن الطيران والسفر والتنقل في الفضاء فضلاً عن التنقل على الأرض. بعض التقديرات تشير إلى إمكانية الوصول للمريخ خلال عشرة أيام إلى 7 أسابيع فقط. المحرك الكهرومغناطيسي في حال نجاحه ستتغير معه نظرة العلماء لكل ما آمنوا به من قوانين فيزيائية وأعدوها من المسلمات. السؤال الأهم عندي هو: أين دورنا محلياً من هذا كله؟ ما الذي يمنعنا من المشاركة في تطوير هذا المحرك أو غيره بدلاً من الدعاء على كل فكرة جديدة بالفشل كي يستمر احتياج العالم للنفط كما دعا بعضهم على سيارات تيسلا. أعتقد أن شركة أرامكو وجامعة كاوست وبرنامج بادر ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية معنيون جداً بهذا الأمر. يجدر بأرامكو خصوصاً التي تتخذ من عبارة "إتاحة الفرص" كشعار لها تأسيس وتمويل مركز أبحاث لهذا الغرض الذي قد يدر عليها أضعاف دخل البترول لو نجحت في تطويره. وحريّ أيضاً بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن تظهر اهتماماً أكبر في مجالات البحث غير التقليدي فهذا أقل ما يؤمَّل منهم. *كاتب متخصص في شؤون الطيران