تخيل أن إدارة تويتر أصدرت بيانًا رسميًا أعلنت فيه عن " توقف تويتر نهائيًا"– كما فعلت إدارة تطبيق باث الشهير منتصف سبتمبر الماضي – في الوقت الذي نعده هو المصدر الأساسي في قراءة أخبارنا وبث رسائلنا والتعبير عن مشاعرنا، وانعكاس مرآة عملنا وأداة تواصلنا مع الآخرين ومع بعضنا. ماذا ستكون آثار القرار؟ في آخر تقرير عام 2018م، قامت به شركة هتسوت المُختصة بوسائل التواصل الاجتماعي -التي تعتمد على أدوات ومصادر دولية مثل "جوجل" و"ألكسا" وغيرهما - قدّمت الشركة أرقامًا حديثة مُثيرة للاهتمام. حيث قالت إن هنالك أكثر من 3 مليارات شخص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في العالم. وأن أكثر من 2 مليار منهم يملكون حسابات في "فيس بوك" وحدها وهي المنصة الأكثر استخدامًا. بينما المنصات ذات الحسابات النشطة بعد فيس بوك –حسب التقرير– هي يوتيوب ثم "واتساب" ثم مجموعة تطبيقات أخرى، أما "تويتر" حلّ بالمرتبة الحادية عشرة بقُرابة 330 مليون حساب نشط فقط، علماً أن تويتر أعلن مؤخرًا بأن عدد مستخدميه انخفض بعد حملة ضد الحسابات المُخالفة. ما يحدث حاليًا، هو الاعتقاد بأن "تويتر هو العالم" والطريقة المُثلى الوحيدة لإيصال الرسائل الإعلاميّة ومخاطبة العالم أجمع، بينما الواقع – حسب الأرقام - أن استخدام تويتر وحده يعني بأنك تُخاطب 4.3 % من سكان الكرة الأرضية و10.6 % تقريبًا من مُستخدمي التواصل الاجتماعي حول العالم فقط! مثلما هنالك وعي وإدراك بمفهوم "تنويع مصادر الدخل" فمن الضروري إيجاد إيمان وإدراك بمفهوم نستطيع تسميته "تنويع مصادر التواصل" لتقليل مخاطر الأزمات، ورفع كفاءة مواجهة التحديات. العمل من خلال منصّة واحدة من منصات التواصل الإستراتيجي والدبلوماسية الرقميّة يعزز وجود الطرف الآخر، ويتيح له المجال للتحدث نيابةً عنك وبث رسائله لجمهورك. وتويتر مُهم لكنه ليس الوحيد، وليس الأهم، وبث الرسائل عبر مُختلف المنصات -المقروء والمسموع والمرئي والجديد- بشكل علمي مدروس، وبرصد للتطورات ومعرفة لسلوك الجمهور، سيكون ذا قوّة وأثر وتأثير وانتشار وجمهور. العديد من الأزمات الإعلامية، أثبتت أنه من الضروري العمل على أربعة أمور. أولًا: مُتابعة سوق الإعلام والتواصل عمومًا وما يُسمى "سوق التواصل الاجتماعي" خصوصاً. ثانيًا: إعداد الرسائل الإعلامية المناسبة لكل منطقة ولكل جمهور. ثالثًا: الحضور في كُل منصة ذات شعبيّة وقوّة وتأثير بالمنطقة المستهدفة. أخيرًا.. بث الرسائل بلغات وأساليب تتناسب مع الجمهور المُستهدف لضمان الوصول لأكبر عدد من المتلقين. هذا يعزز "القوّة الناعمة" التي ترتكز في إستراتيجية تواصلها على الوصول للعامّة والتأثير عليهم كشريحة مُستهدفة، وليس فقط على الحكومات وصُناع القرار والشبكات الإعلامية، لتصل الرسالة للجمهور المطلوب بشكل سلس عبر المنصة التي يحبها ويستخدمها ويفهمها بأسلوبه ولغته وطريقته.