تعددت الأساليب التي تتبعها إيران بسياستها الخارجية القائمة على تغذية المليشيات الإرهابية وهدم الاستقرار ونشر سياسة الموت والدمار والأفكار الهدامة. وظلت الميليشيات الإيرانية في العراق واليمن عبر جماعة الحوثي الانقلابية ولبنان عبر حزب الله وسورية بدعمها لبشار الأسد معروفة بالقتل والدمار ونشر الأفكار الهدامة والتحريض الطائفي. ومع كثرة هذه الميليشيات وتعددها وكثرة الأساليب التي تتبعها إيران، "الرياض" تكشف واحداً من أخطر الأساليب التي تتبعها إيران في أفريقيا تحديداً. ويؤكد خبراء سودانيون مهتمون بشؤون القارة السمراء وجود ماأسموه ب"الحبل السري المزدوج" الذي تقيمه إيران مع "حزب الله" اللبناني لتغذية هذه المليشيا الخطيرة على الأمن والسلم في المنطقة والعالم. ويتمثل هذا الحبل في بعض الأثرياء اللبنانيين المنتشرين في القارة الأفريقية منذ تاريخ طويل وعرفوا بالعمل ظاهرياً في التجارة، لكنهم في الباطن يقدمون الدعم المالي ل"حزب الله" وهو دعم قَدره هؤلاء الخبراء بمليارات الدولارت منذ قيام هذا الرابط قبل سنوات. ويؤكد الخبير في شؤون منطقة جنوب ووسط أفريقيا عثمان أحمد حسن أن هؤلاء الأثرياء منتشرين في كل الدول الأفريقية ومسيطرين على أنواع متعددة من التجارة وعندما تدخل إلى عالمهم السري تكتشف فجأة أنك داخل خلية إرهابية كبيرة مدعومة من إيران ومخصصة لتغذية مليشيا "حزب الله" بالمال. وكانت وثيقة تم توزيعها في قمة المنظمة الدولية للفرانكفونية التي استضافتها العاصمة اللبنانيةبيروت قبل أكثر من 15 عاماً قدرت حينها عدد اللبنانيين التجار المنتشرين في أفريقيا بحوالي 350 ألف لبناني، وبالتأكيد ارتفع العدد حالياً إلى أضعاف. ويقول حسن الذي عاش سنوات عديدة في الكونغو الدمقراطية ودول أخرى في الوسط والجنوب الأفريقي أن هناك أكثر من أربعين ثرياً لبنانياً يعملون في المنطقة، لكنهم الأثرى من بين كل اللبنانيين الموجودين في القارة لأنهم يعملون في تجارة الألماس. ويشير بشكل قاطع أن بعض هؤلاء التجار في الظاهر تجار في المعدن وفي الباطن داعمين رئيسيين ل"حزب الله"، مشدداً على أن تجار الألماس اللبنانيين هم الوحيدين الذي يقومون بعملية شراء المعدن فقط ولا يبيعونه. ويفيد حسن أن الكثير من اللبنانيين مثل هؤلاء يتمركزون في الدول المنتجة للألماس على غرار الكونغو الديمقراطية وسيراليون وغينيا الإستوائية وغينيا وأفريقيا الوسطى ويتمتعون في هذه الدول بسجلات تجارة، لكن كثير منهم عملاء ل"حزب الله" وتدعمهم إيران برأس المال. وفي عاصمة الكونغو الديمقراطية كنشاسا وحدها يوجد أكثر من 40 ثرياً من عملاء إيران و"حزب الله" ويحملهم الشارع الكنغولي المسؤولية في مقتل الرئيس الراحل كابيلا الأب. ويقدر حسن عملية الشراء اليومي لهؤلاء التجار لمعدن الألماس بملايين الدولارات، ويشير إلى أن عملاء آخرين للدولة الفارسية من اللبنانيين يعملون في الكونغو في توريد البضائع وكذلك في أوغندا وكينيا وأنغولا وغالبية دول الوسط والجنوب الأفريقي. ويقول الخبير في شؤون منطقة جنوب ووسط أفريقيا: "ثري لبناني عمل للميليشيا ومعروف بتجارته بالألماس في الكونغو أطاحت المخابرات الأميركية بشقيق له في دولة ساحل العاج بتهمة دعم الإرهاب، مما يؤكد أن هناك شبكة تربط بين أغلب هؤلاء الأثرياء المتوزعين على الدول الأفريقية". وفي غرب أفريقيا يعمل أثرياء لبنانيون في تجارة الذهب في غانا ويملكون شركات للطيران في ساحل العاج ونيجيريا والنيجر والكاميرون والسنغال إلى جانب تجارة توريد المواد الغذائية. ويقدر حسن العائدات التي يجنيها أثرياء إيران و"حزب الله" من عائدات الذهب والتجارة في أفريقيا بحوالي 24 مليار دولار سنوياً. وصدر قبل فترة كتاباً بعنوان "النفوذ الإيراني الناعم في أفريقيا" تحدث عن أن اللبنانيون الموجودين في غرب أفريقيا يمدون ميليشيا "حزب الله" بنحو 200 مليون دولار سنوياً، وهو دعم يأتيه من هؤلاء الأثرياء الذين هاجروا واستقروا في أفريقيا، وشكلوا روافد لنشر الفكر المتطرف في أفريقيا. ومن جانبه وضح الخبير والمحلل السياسي في الشؤون الأفريقية د.محيي الدين محمد محيي، أن أفريقيا تاريخياً عرفت الإسلام المتسامح وكان للعلماء المسلمين دور كبير في تعميق الفهم الديني ونشر الإسلام، ويشير إلى أن هذا التواصل ظل مستمراً بين الأفارقة المسلمين من غرب أفريقيا والمناطق المقدسة عبر ميناء سواكن في السودان. ويري محيي الدين أن هذا الأمر بدأ يتغير في العقود الأخيرة خاصة بعد تولي نظام الملالي الحكم في إيران أواخر سبعينيات القرن الماضي، مرجعاً ذلك لعدة أسباب أهمها النشاط المكثف للبنانيين الذين يعملون بالتجارة في دول غرب أفريقيا والذين نشطوا في نشر الفكر الطائفي هناك والأموال الضخمة التي تنفقها إيران على تجارتهم حتى تستمر. ويشير إلى أن هذا الواقع يحتم على الدول الإسلامية التعامل بوعي مع التهديد الخطير الذي يحيط بها لأن أفريقيا استراتيجياً تعد امتداداً للأمن الإسلامي لموقعها الجيوستراتيجي المهم وعدد سكانها الكبير ومواردها الضخمة وقابليتها لأن تصير قارة مسلمة. ويحذر محيي الدين من أن نشاط إيران في أفريقيا يبعث على الخوف من أن تحدث اختلالاً في توازن تركيبة المسلمين هناك مع من يتبنون الفكر المتطرف. ويعتقد الخبير السوداني أن الحل يكمن في عودة نشاط المنظمات الدعوية في أفريقيا لتحصين المسلمين ضد الفكر المتطرف والتوسع بالنشاط الدعوي تبشيراً بالإسلام إلى جانب التعاون مع الدول الأفريقية لقيادة حملة تعريف بخطر الفكر المتطرف على تماسك المجتمعات في القارة السمراء مع تنبيه الأفارقة لما يحدث في لبنان واليمن وسورية حالياً. Your browser does not support the video tag.