يتخرج الطلاب والطالبات بعد سنين في المدارس والجامعات دون أن يكتسبوا مهارات تفيدهم في حياتهم، بل إن كثيراً منهم لا يستطيع أن يدق مسماراً في جدار، أو يعلق لوحة أو يصلح درجاً مكسوراً أو جهازاً كهربائياً أو عطلاً في سيارته، أو يدهن حائطاً أو قطعة أثاث، أو يزرع نبتة في حديقته، أو يعد طبقاً، أو يركب حتى زراراً على ثوب، هذه الأعمال قد يراها البعض بلا أهمية ويمكن أن يعهد بها إلى الآخرين، ولكن الحقيقة أن هذه مهارات حياتية قيمة، ويمكن تعلمها وإجادتها وقد تفتح الباب في المستقبل لاعتماد الفرد على نفسه في عمل أشياء كثيرة تهمه في حياته الخاصة بدل انتظار من يقوم بها. يوجد مفهوم باللغة الانجليزية ورمزه (DIY) وهو اختصار لعبارة (Do it Your self) أي اعمله بنفسك، وهو مفهوم أخلاقي يشير إلى مبدأ الاكتفاء الذاتي، بحيث يقوم الإنسان بإنجاز أعماله الخاصة من بناء وتعديل وإصلاح دون اعتماد على آخر ودفع مبلغ مقابل ذلك، وهو مفهوم قديم يؤمن بأن كل إنسان قادر على القيام بمهام في مجالات مختلفة، وقد عاش البشر وفق هذا المفهوم ردحاً من الزمن الماضي، ثم عاد وبرز أكثر في العالم المتقدم منذ عقود وتطور وانتشر بشكل جلي في السنوات الأخيرة بمساعدة وسائل التقنية والانترنت عبر أفلام اليوتيوب التي تشرح عملياً طريقة إنجاز الأعمال من إصلاح وتعديل وأعمال ديكور وطهي وفنون وغير ذلك. ليست العبرة من اكتساب هذه المهارات التوفير المادي فقط، فالمزايا المعرفية والمعنوية كبيرة، وقد تفتح للنشء من الجنسين فرصاً ثمينة في المستقبل، وتجعل الحياة أقل مشكلات، فشعور الإنسان بأنه يستطيع إصلاح أشياء بيديه وببعض المواد دون حاجة أحد يبعث على الراحة النفسية والشعور بالفخر. في ظل الأوضاع الاقتصادية وقلة المهرة المتخصصين وارتفاع التكلفة، والاضطرار إلى الاستعانة بالعمالة الأقل تدريباً والتي تخرب أحياناً أكثر مما تصلح، يجب أن يكون هناك توجه في المجتمع نحو ثقافة الاكتفاء الذاتي، وتكون المتعة وصقل المواهب من أهداف التوجه، مع أهمية تبني المؤسسات التعليمية هذه الثقافة ونشرها. Your browser does not support the video tag.