فضائل الشهر الكريم

رمضان فترة تُقاس بوحدات زمنية مختلفة، ففيه ليلة القدر التي هي أفضل من ألف شهر، فقال الله عز وجل " لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" أي ما يُقدمه الإنسان فيها من أعمال وعبادات يساوي ما يقوم به خلال قرابة 83 سنة، أي ما يقوم به خلال عمره كله تقريباً ،أي فضل هذا! بل أي اختلاف مُعجز بأمر الله! وهكذا بقية أيام وليالي رمضان في فضلها الذي ينعكس على الأعمال التي تقاس بمقاييس مختلفة عنها في بقية الشهور، وعلى المرء أن يكون مختلفاً عملاً وفكراً بما يوازي تلك الوحدات الزمنية المختلفة.
وفي هذا الشهر تكون علاقة المسلم بالقرآن مختلفة أيضاً، فيمر على القرآن كاملاً، يقرأه بتدبر وخشوع فيعيش ما يقرأه من القرآن ويجد فيه منهاج حياة.. تشريعات، وأحكام، وتعاملات، وقيم، وضبط للعلاقات، فاللبيب يعيد ترتيب حياته وفق تلك التشريعات والأحكام والقيم، فلو تحدثنا مثلاً عن القيم في القرآن لوجدناه مليء بالقيم التي تسمو بالإنسان وتحلق به عالياً على قدر فهمه وإدراكه ثم يمزجها بحياته ويحيلها تطبيقات تسعده في الدنيا والأخرة، فهي قيم أقرها الرحمن ذو الجلال والإكرام في كتابه المقدس، ولا عجب أن تفعل قيم القرآن بالإنسان ما تفعله.
فرمضان شهر استثنائي بما يحمل من البشائر والفرص نحو الفوز والكسب وصناعة التغيير الإيجابي، والاستثنائي من سعى وجدد همته وأعاد صياغة كثير من أمور حياته، فالحياة في شهر رمضان من الحياة الطيبة التي ذكرها الله عز وجل "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" النحل (97) فالمسلم في هذا الشهر، الحياة تعني له الإيمان بكل صوره وممارساته، فيشعر بجمال الحياة في ساحات الحمد والشكر والعطاء والتشارك والتكافل والتواصل والتواد ليملأ كونه تسبيحاً واستغفاراً ودعاء وصلوات فيحفز أمنيته المنشودة في الرحمة والغفران والعتق من النيران ثم تسقط دموعه في قيامه الأخير عندما يعلم كرم ربه، ليقرر بعدها أن لحظاته أيضاً كانت استثنائية.