ارتبط رمضان ومازال يرتبط بالذكريات الجميلة ودفء العائلة وحنان الإخوة والسمر مع الأصدقاء, هو كسر لروتين الحياة العادية, وهو لا يعني التوقف عن الأكل والشرب, بل هو تهذيب للروح والعقل, ولا يقتصر على حفظ أكبر قدر من الآيات القرآنية والأحاديث, ولكنه فرصة للتغيير, جرب هذه السنة أن تصوم عن الخوض في أعراض الناس والابتعاد عن تأجيج الفتن, جرب أن لا تتعنصر وتكره الآخر لمجرد أنه مختلف عنك في سلوكه أو مذهبه أو جنسيته, جرب أن لا تغتر بما تقدمه من مساعدات وصدقات وأعمال الخير ولا تخبر الآخرين عما تفعل واجعلها بينك وبين ربك, جرب أن تقول (لا) لكل شائعة تسمعها أو تقرؤها لتشويه الآخر, لا تتدخل في نوايا الآخرين كيلا تعيش فانتازيا خاطئة تحرمك من معرفة الآخرين بطريقة سليمة, وحاول الاستفادة من مساحات عقلك لتحليل أي حدث بشكل منطقي وإن كنت غير متخصص أو لم تتمكن من الموضوع جرب أن تصمت، بالمناسبة الصمت جميل وهو غطاء لا يفضح الجهل, وعندما قال (غوته): "إن العقل لا يمكن أبداً أن يصبح شعبياً, المشاعر والعواطف ربما تصبح كذلك, لكن العقل سيبقى دائماً الملكية الوحيدة للقلة من الناس المميزة". ربما يفهم البعض منه أنه كان يقصد أن حسن الظن وعدم التفكير بالنتائج هو الذي يجعل منا ساذجين نتبرج بملامح تشبه المهرجين نقف على رصيف الغباء في زمن الثعالب مثل زمن (رومل) القائد الألماني الذي كان من أمهر القادة في الحرب العالمية الثانية حيث أحدث انقلابا في الفكر العسكري بمناورات شديدة الإبداع أدت إلى تحقيق انتصارات كبيرة على القوات البريطانية, ولكن ليس كل البشر شديدي الدهاء مثل رومل, وليس كل البشر يتعاملون مع مشاعرهم بلطف, ففي داخل كل منا مدينة سكانها من الحلم, والجهد, والتعب, والعمل, وبعض الحب, ولكل شيء ميكانيكية والعقل الذي يختلس النظر الى الآخر يجب عليه أن ينصف الآخر لأن هناك بعض الرؤوس العارية لا تتكئ على التراكم المعرفي والخبرة لأنها لا تعترف إلا بقانون الحظ, حيث إنهم ينسبون نجاح الآخر إلى قانون الحظ وليس قانون الجهد والتعب والعمل الدؤوب, ولو تمعنا قليلا في قانون الحظ لوجدنا أنه قد يعبس لك ويترصدك, ويقف ضدك في صف العادات والتقاليد والحياة الطبيعية وذلك عندما تولد في بيئة مغلقة العقل والروح, ستعيش على المسلمات, وعلى ردود الفعل, والنميمة, والعيب والخوف من نظرة المجتمع, هنا ما عليك سوى أن تستفتي حظك هل هو قضية غير قابلة للتكرار ولكنها قابلة للاستمرار أم أنه بينك وبين نفسك تلعن من أيقظ الفتنة النائمة على سرير حظك؟ إذن دعونا نعد إلى محورنا المليء بالغرائب ولننق أنفسنا ولنعش الطهر والعفاف عن كل ما حولنا, حاول عزيزي القارئ أن تزهد بكل ما عند الآخرين من بضاعة وأولها شهوة الكلام وتناقل الأخبار التي لا تسمن ولا تغني من جوع, جرب أن تعيش وأنت غير ملتصق بالآخر ولا تتدخل في شؤونه حتى لو كان من أسرتك, جرب أن تكون أنت وبلا مساحيق.