بعد سنوات طويلة من المطالبات, أُعلن الشهر الماضي عن تأسيس أول جمعية سعودية تعنى بمترجمي الإشارة, إذ وافقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على تأسيس هذه الجمعية التي سوف تخدم ما لا يقل عن 450 الف أصم بالمملكة, بالإضافة إلى ما يوازيهم من ضعاف السمع. وحسناً فعل النادي الأدبي بالرياض حينما اختار الجمعية السعودية لمترجمي لغة الإشارة لتكون شريكته في فعاليات معرض الكتاب الخيري خلال شهر رمضان, بحيث يعود الريع كله لهذه الجمعية الوليدة, ناهيك عن عقد دورات تدريبية في أساسيات لغة الإشارة, وهي بالمناسبة باكورة النشاط التدريبي للجمعية, الذي يجب أن يتطور ويتحول إلى دورات متعددة المستويات والتخصصات, بالإضافة إلى تبنى دبلوم –على الأقل- للغة الإشارة. هذا التأخر في تأسيس الجمعية يلقي بحملٍ ثقيل على مجلس إدارتها الأول, فالظروف الحالية لمهنة مترجمي لغة الإشارة صعبة, فعددهم قليل جداً, إذ لا يتجاوزون مئة مترجم ومترجمة, بينما نحتاج في المملكة إلى ما لا يقل عن ألفي مترجم! وتكاد جميع الوزارات والجهات الحكومية لا يوجد فيها مترجم لغة إشارة واحد, ما عدا ثلاث جهات فقط! هن وزارة العمل وجامعة الملك سعود والمؤسسسة العامة للتدريب المهني والتقني, بينما يتوفر في بعض الجهات مترجمو لغة إشارة ولكن بمسمى وظيفي لا علاقة له بعمله, ولك أن تتخيل أن وزارة العدل لا يوجد بها حالياً وظائف مترجمي لغة إشارة في المحاكم, بل يتم التعاون مع عددٍ من المترجمين بشكل مؤقت وغير مستدام, مما يؤدي إلى تأخر القضايا لأشهر طويلة, والأسوأ من ذلك التأثير السلبي على مجرى القضية والحكم بسبب الاعتماد على مترجمين غير معتمدين أو بدون خبرة في المصطلحات والإجراءات القانونية. تحديات كبيرة أمام الجمعية, فقاموس لغة الإشارة السعودية لم ينجز حتى الآن, وحقوق ومسؤوليات المترجم غير واضحة, وأخلاقيات المهنة لم تطرق, وبطاقات المترجمين لا تزال تصدر من أندية الصم التابعة للهيئة العامة للرياضة! وإحصاءات الصم وضعاف السمع لا تزال غير دقيقة, والكثير من مراكز الشرطة والجهات الحكومية والخاصة بحاجة لخدمات لغة الإشارة دون أن تجد جهة ما تنظم وترخص للمهنة الحساسة, التي قد تغير من حياة إنسان. بالتأكيد هناك الكثير لينجز, غير أن تأسيس الجمعية واستقلالها عن الجمعية السعودية للإعاقة السمعية, واطلاق أعمالها يجعلنا أكثر تفاؤلاً بمستقبل مترجمي لغة الإشارة, فاليوم أضحى لديهم كيان مستقل يهتم بهم ويتلمس الطريق لخدمة فئة غالية من المجتمع.