كثير من الحنين والشوق والوجدان يختلج في قلوب الشعراء خاصة عندما يشعر بالاشتياق للغالين في حياته، أو ذكرى جميلة، أو مواقف مرت به في حياته.. فالشاعر إنسان مرهف الإحساس، رقيق المشاعر يثيره كل شيء في الحياة كقول الشاعر دخيل الله بن عبدالله الدجيما الله رحمه الله في قصيدة المشهورة التي خفق بها قلب عاشق ومنها قوله: يا جر قلبي جر لدن الغصوني أغصون سدرٍ جرّها السيل جرّا وأهله من أول بالورق يورقوني على غديرٍ تحته الماء يقرّا على الذي مشيه تخطى بهوني والعصر من بين الفريقين مرّا وأكثر عذاب القلب يوم اسنحوني بيّح بصبري لو بغيت اتدرّا لاضاق صدري قمت أباري الضعوني ففي مثل هذه الأبيات الكثير من الصور الوجدانية.. كذلك يزيد الشاعر وجداً وحنيناً كلما تذكر ماهو جميل في ذاكرته سواء من المواقف التي لها ذكرى عاطرة، أو الحنين على فقد الأحباب، أو الشوق للماضي الجميل، ففي مثل هذه المواقف ليس من السهولة أن تمر على الشاعر مرور الكرام حتماً سوف يتوقف عند هذا الحنين، وهذا الوجد.. وفي هذا الاتجاه يقول الشاعر سعد الخريجي معبراً عن وجدانه وشوقه للماضي الجميل: يا ناس ذاك البيت لا تهدمونه خلوه يبقى للمحبين تذكار خلوه حب سنين خلفه ودونه في داخله قصّة مواليف وأسرار وهناك أيضاً صور شاعرية جميلة للشاعر. خاصة عندما يتوجد فيصوّر لنا هذا الوجد وهذا الحنين بمشاعر ملموسة، وأحاسيس فيها الكثير من شدّة الألم، والبوح الصادق، وروعة التعبير كقول شاعر المحاورة فلاح القرقاح: يا وجودي وجد شالح على اخوه الصغير عقب ما ضمت لحود القبور امواتها مونسٍ له فالحشى فرجةٍ مثل النذير كن الايام إكشفت له طرف غرّاتها ووجد من نكد على امه ضحى العيد الكبير غضب واغضبها ولا وفق لمرضاتها ان تعذر دنقت واشهت مثل الغرير وان تركها يفطر الكبد طول اسكاتها ويبقى الوجد من الأمور التي تتعب القلب، وتضيّق الخاطر، وكذلك من أعظم المعاناة التي يعانيها الشاعر خاصة عندما يتوجد على فقد الأحباب، أو عند فقده من كان غالياً - لاسمح الله - وله أكبر المساحة من الورد والحب في قلبه، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنمحي، وقد أصبح هذا الوجدان يسكن في داخله. قبل النهاية للشاعر ثامر محمد القطيم السبيعي: سلام يا دار بها لي تذكار وقتٍ مضى يوم الليالي جميله أنا أشهدٍ للوقت فرات وأدوار وقتٍ يروع سرع عدله وميله مريت فالديره مسيّر .. وزوار عقب البطا قد لي اسنينٍ طويله دارٍ تمشينا بها يومنا صغار وبدوٍ نخايل للحيا ونعنيله واليوم دار الوقت والوقت دوّار رجّعت ليالي ماضيه مستحيله