قبل سنوات وضع الإعلامي سعود الدوسري -رحمه الله-قائمة لأبرز عشرة شعراء شعبيين في حلقة من حلقات برنامجه (أهم 10)، وتعرّضت قائمة العشرة الأبرز التي تصدّرها الأمير خالد الفيصل لعشرات الانتقادات، وكان من أهم المآخذ عليها استبعادها –أو عدم استيعابها-لشعراء كبار مؤثرين من القدماء والمعاصرين من أمثال: محمد الأحمد السديري ومحمد القاضي ومرشد البذال وعشرات الشعراء المبدعين غيرهم. تذكّرت تلك القائمة اليوم لأكثر من سبب من بينها قراءتي لأبيات جميلة للشاعر مروان بن أبي حفصة نظمها بعد أن سألته زبيدة –زوجة هارون الرشيد-عن جرير والفرزدق وأيهما أشعر؟ فقال: "قد سُئلت عنهما في أيام المهدي وعن الأخطل قبل ذلك، فقلتُ فيهم قولاً عقدتُه في شعر ليثبُت"، ويقول في أبياته: ذهب الفرزدقُ بالهجاءِ وإنَّما حُلوُ القريضِ ومُرُه لجريرِ ولقد هجا فأمضَّ أخطلُ تغلبٍ وحوى النُهى ببيانه المشهورِ كلُ الثلاثة قد أجادَ فمدحهُ وهجاؤه قد سارَ كل مسيرِ في هذه الأبيات لا يتهرّب مروان من الإجابة كما فعل أبو عبيدة (ت209ه) الذي طُلب منه التفضيل بين أبي نواس وابن أبي عُيينة فقال: "لا أحكم بين الشعراء الأحياء"! كما أنه لا يُفضل شاعراً على آخر تفضيلاً مُطلقاً، بل يُبدي إعجابه وتفضيله لكل شاعر بحسب الغرض الذي يرى تفوقه فيه، ومع ما تتسم به الأبيات من "دبلوماسية" واضحة إلا أنها تدل على شيء من الوعي بصعوبة وضع قائمة بترتيب الشعراء حسب الأفضلية. ففي بعض الأحيان يسهل أن نقول بأن الشاعر فلاناً أشعر من فلان، لكن تميز كل شاعر مبدع بغرض يتفوق فيه على سائر الشعراء يجعل من الصعب اتفاق المتلقين على قائمة معينة تحدّد من هم أفضل الشعراء. سبب آخر دفعني لتذكر قائمة الدوسري وهو رؤية تزايد ظاهرة تعصب بعض المتلقين في تفضيل شاعر معين على الشعراء، ورفض تقديم أي شاعر آخر عليه، وكثيراً ما ينبني التفضيل على ذوق شخصي ومن دون وجود أي معايير نقدية مُقنعة. وكل من يمتلك الوعي النقدي يُدرك صعوبة الاتفاق على تفضيل شاعر معين أو الاتفاق على قائمة معينة لترتيب الشعراء حسب الأفضلية، ويدرك أن معايير الشخص الواحد في التفضيل قد تختلف مع مرور الزمن. أخيراً يقول ضويحي العماني: كل ما صحّا هوى الغربي الجرح الدفين هزّ قلبي شيءٍ أكبر من إنّه ينكره والغلا اللي قلت أبنساه مع مرّ السنين والله إنّي ما نسيته على شان أذكره