«لا بد من الوصول إلى الحقائق وتحديد المسؤولية.. والمسؤول عن التفريط أو التقصير لأنه لا يمكن أن تترك هذه الأمور».. بهذه الكلمات التوجيهية المسؤولة أختتم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا حديثه للإعلاميين عقب الاجتماع الطارئ للجنة الحج العليا الذي عقد برئاسة سموه في مساء يوم السبت الماضي وذلك إثر حادث سقوط مبنى فندق «لؤلؤة الخير» في مكةالمكرمة ظهر يوم الخميس الماضي وراح ضحيته وفاة (76)وإصابة (62). ووفق هذا التوجيه الكريم من أعلى سلطة معنية بمهمة الحج في بلادنا فإن ذلك يؤكد ولله الحمد اهتمام ولاة الأمر حفظهم الله وحرصهم على معرفة حقيقة مسببات هذه الحادثة ويؤكد أيضا أن التحقيق في هذه (الكارثة) سيكون مختلفاً وسيطلع الجميع على النتائج التي توضح حقيقة ومسببات هذه الحادثة في القريب العاجل إن شاء الله.. ولا نعتقد أن التحقيق يحتاج إلى وقت طويل ولا بد أن تكون اللجنة الإدارية واللجنة الفنية اللتان تم تشكيلهما للتحقيق في هذه الحادثة تمتلكان القدرة على إنهاء التحقيق في أسرع وقت ممكن خاصة أن الموضوع يحظى باهتمام خاص من الجهات العليا في الدولة... وخاصة أن مسببات مثل هذه الحوادث عادة لا تخرج عن احتمالات محددة ؟؟ في مثل هذه الحوادث المؤلمة عادة يتطلع الناس إلى نتيجة واضحة ومباشرة وعاجلة فهم يريدون تقديم أسماء مدانة وبكل صراحة ووضوح سواء كان هؤلاء الأشخاص مسؤولين أو عاملين في الجهات المعنية أو كانوا مواطنين أو من ذوي القطاع الخاص.. وتقديم الأسماء المدانة بالتسبب أو بالإهمال أو بالتقصير في مثل هذه الحادثة.. وبكل صراحة وإعلان ذلك للملأ في وسائل الإعلام كافة بحيث يتضمن الإعلان نسبة المسؤولية ودرجة إدانة مسؤولية كل شخص .. هو المطلب الأول للجميع. بهذا الأسلوب نكون قد أسسنا قاعدة واضحة وغير مسبوقة لمحاسبة كل متسبب ومتهاون في مسؤوليته في أي مسؤولية او في أي مهمة خاصة في مثل هذه الأعمال التي تمس حياة الآخرين !! وعندما يدرك كل مواطن وكل مسؤول وكل موظف أن اسمه سيكون معرضاً للإعلان والتشهير إذا بدر منه خطأ متعمد أو تقصير بخلاف العقوبات الأخرى فإنني أثق ويثق الجميع أن ذلك سيكون خير أسلوب للردع. كما أن في الإعلان والتشهير حقاً طبيعياً للمتضررين وللمجتمع ككل.. وهذا أقل ما يمكن أن يقدم للمجتمع. والإعلان والتشهير بالأسماء في مثل هذه الأخطاء لا يتعارض إطلاقا مع تعاليم ديننا ولا يخالف الأنظمة والتعليمات التي تؤكد ذلك التشهير. .!! إن أسلوب الإطالة في التحقيق أو تأخير إعلان الإدانة أو تقديم نتائج بدون تشهير صريح بأسماء المدانين.. هو أسلوب لم يعد مناسباً في هذا الزمن الذي طغت فيه المصالح الشخصية على الأنظمة والتعليمات بكل جرأة وبكل لامبالاة !!؟؟ بل إنه أسلوب ساعد بخفاء على انتشار مثل هذه الأخطاء والسلبيات والممارسات في حق المصلحة العامة وفي حق المواطنين وفي حق المجتمع.. و اعتقد أن هذا الأسلوب كان نهج مرحلة (مجاملات اجتماعية)!! و أرى أنها انتهت او يجب ان تنتهي.. والمرحلة الحالية التي نعيشها في هذا العصر تفترض علينا أن ننتقل إلى أسلوب آخر أكثر صراحة وأكثر حزماً وجدية وصرامة بدون أي مجاملة لأي شخص أياً كانت صفته الاجتماعية أو درجته الوظيفية.؟؟!! وفي قضية سقوط المباني - وهي قضية سبق أن أشرت إليها في هذه الزاوية بتاريخ21022003 م بعنوان (هل بدأت مرحلة سقوط المباني ؟) وذلك على إثر سقوط أحد المباني في حارة المظلوم في محافظة جده - في هذه القضية فإن من يسير في معظم شوارع بعض مدننا وخاصة أكثر في معظم أحياء مكةالمكرمة و جدة ويرفع نظره إلى أعلى معظم المباني وهو يسير في هذه الشوارع فإنه سيشاهد أدواراً وملاحق أقيمت «خلسة» على الأدوار العليا من هذه المباني وهي إضافات واضحة وضوح الشمس فكل عمارة وكل بناية تقريباً يشاهد فوقها إضافات أقيمت بالطوب أو بالزنك أو بالحديد وبصورة بدائية للغاية وفوضوية يدرك المشاهد أنها تمت بأسلوب عشوائي ويبدوا أنها إضافات نفذت ليلاً أو خلسة وبعضها أكثر من دور ؟! هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر في معظم مباني مكةالمكرمةوجدة هي مؤشر كبير وصارخ وخطير على تفشي الفوضى والمحسوبية بسبب غياب الرقابة وبالتالي ضعف العقوبات الصارمة وهذه كلها مؤشرات مؤدية لمثل هذه الأخطاء وهذه السلبيات ؟؟ إن حادثة سقوط هذا المبنى أو انهياره ليست إلا مثالا حيا لتراكم وتفشي العديد من الأخطاء والسلبيات والمخالفات والتجاوزات المختلفة في كل المجالات.. وهذه كلها نتيجة متوقعة وطبيعية لسقوط الهيبة.. وكلها مؤشرات صارخة لانهيار الرقابة.. وكلها أدلة لا تقبل الشك او التأويل لتهدم المحاسبة الصارمة في مثل هذه القطاعات وفي مثل هذه المهام.. ؟!! ومتى ما استمر مثل هذا السقوط والانهيار فإن المسألة لا قدر الله لن تقتصر على سقوط مبنى ؟؟!! [email protected]