آه ياالقهر! وبدون مقدمات! سنتحدث عن جامعتنا الحبيبة! والحديث يطول.... ويمكن أن يتجزأ ويمكن أن أصاب بحالة صمت مؤقت في نصف الكلام ويمكن أن أغير رأيي وأقرر أن أتحدث عن جوليان مور وفيلم شاهدته لها، لأنني مصابة بحالة إحباط ويأس ولأن الحديث عن الفن والأفلام وجوليان مور مريح للأعصاب مقارنة بالكتابة والحديث عن أشياء أخرى. والحكاية كالعادة قد نبدأها بالأسئلة؛ حين تنظر لقواعد وقوانين الجامعة الخاصة بأعضاء هيئة التدريس والعاملين فيها لا تجد تفصيلا يفرق بين عضو هيئة التدريس وعضوة هيئة التدريس، فالقانون لا يعاملهما على حسب الجنس (ذكر/ أنثى) بل على حسب الدرجة العلمية، أي أن الفرق بيني وبين الزميل عضو هيئة التدريس من طوال الشوارب هو فرق يبنى على المستوى العلمي وليس له علاقة بكوني أنثى وكونه ذكراً! بمعنى أن زميلي الأستاذ المساعد الذي ليس له تلك الخبرة ولم يحصل على شهادته العليا إلا مؤخراً لا يتفوق علي في المكانة إذا كنت أنا بدرجة أستاذ مشارك أو أستاذ. والمكانة التي أتحدث عنها هنا لا علاقة لها بالمكاتب الفخمة ولا بموقف السيارت المظلل الخاص، بل تتلخص في حقوق أكاديمية، فهل يعقل أن يحصل الأخ الزميل طويل الشارب على حقوق وتسهيلات لا تحصل عليها زميلته التي قد تتفوق عليه مكانة علمية؟ لنأتي بالأمثلة؛ الزميل يحضر مجلس القسم الرجالي الذي يبت في أمور النساء وله حق التصويت والموافقة والرفض وربما تعطيل مستقبل طالبة لضعف في رؤيته وضيق في أفقه، بينما زميلته التي تماثله في الدرجة العلمية وربما تكون في درجة علمية أعلى لا تملك حق اتخاذ القرار أو المشاركة في اتخاذ أي قرار ،فمهتمها هي تقديم الأوراق أو المقترحات إلى القسم الرجالي وانتظار الرد. السؤال الذي يفرض نفسه؛ هل مجالس الأقسام الذكورية هذه نظامية إذا لم يؤخذ فيها رأي عضوات هيئة التدريس؟ هل اكتمل فيها النصاب في حالة غياب الصوت النسائي؟ هل قراراتها مقبولة قانونيا؟ أذكر قبل فترة تم تركيب أجهزة إلكترونية تساهم في النقل الصوتي بين الأقسام النسائية والرجالية حتى يتسنى لعضوات هيئة التدريس المشاركة في اجتماعات القسم الرجالية التي تؤخذ فيها القرارات المصيرية، لكن الأمر ترك لرؤساء الأقسام الذين يتعلل بعضهم بخراب الجهاز ويحاولون أن يبلغوا النساء بموعد الاجتماع في آخر لحظة لعلمهم بصعوبة الاتصال وأهمية الإعداد المبكر له، أي ترك الموضوع لاجتهادات رؤساء الأقسام؟ والحكايات عن هذه الاجتهادات يؤلف فيها كتب وتقص عنها حكايات تفوق حكايات ألف ليلة وليلة وتغير منها شهرزاد، وأنا هنا أتحدث عن البعض وليس الكل، وهؤلاء البعض يتعاملون مع القسم الذي يتولون إدارته وكأنه منزلهم الخاص هم فيه يحكمون بقوانينهم الخاصة وينسون أن القوانين موضوعة وموجودة وواضحة وعلى الجميع اتباعها وأنها لا تظهر فجأة عندما يريدون تطبيقها وتختفي عندما يريدونها أن تختفي. وإليكم مثالاً سمعته ومثله أمثلة كثيرة؛ الدكتورة»س» تشرف على بحث الماجستير للطالبة «ص»، إطار البحث تم وضعه و تمت مناقشته في القسم النسائي ليرفع للقسم الرجالي الذي يتحفظ على شخص السيدة «س» فمن مصلحته أن يشرف الزميل الفلاني الذي يحتاج للترقية على الطالبة «ص»، والزميل صديق رئيس القسم ومن زوار مجلسه الدائمين ومصلحتهما و احدة، أو يتحفظ الزملاء على البحث لفكرته أو لسبب علمي ما، وهذا من حقهم لكن السؤال لماذا يحق للزميل الدكتور»ع» أن يقدم إطار بحث الطالب أو الطالبة «ف» لتتم مناقشته في القسم الرجالي بدون أن يمر على عضوات هيئة التدريس! أوليس من حق عضوات هيئة التدريس الاطلاع على ما يجري أوليس لهن صوت، لماذا يحق له ما لا يحق لها؟ هل هو أفضل فكريا؟ هل هوأفضل علميا؟ لذلك لايمر ما يقدمه على القسم النسائي، هل هي محاولة للفصل الإداري بين القسمين الرجالي والنسائي؟ ومادام الأمر كذلك لماذا لاتستقل النساء بآرائهن وطالباتهن؟ لماذا لايكون الفصل كاملا؟ لماذا لايناقش مجلس القسم الرجالي ما يختص بأمور الطلبة ويعتمدها، ويناقش القسم النسائي ما يختص بأمور الطالبات باستقلالية أم أن النساء بحاجة إلى وصي علمي ووصي عقلي وموافقة ذكورية تتعدى ورقة السماح بالسفر من ولي أمر إلى كل شيء يدور في حياتهن. وسؤالي؛ أليست عضوات هيئة التدريس متساويات مع أعضاء هيئة التدريس في الواجبات تجاه الجامعة أوالكلية، من ناحية عدد ساعات العمل وما يتوقع منهن من مهام إدارية؟ وإجابة هذا السؤال هي نعم أكيد فلايوجد نص ما ينفي ذلك، وما دامت هذه هي الإجابة إذن لماذا في الأمور الإدارية نتبع عرفا اجتماعيا أعوج ونترك الأمور للتفسير الشخصي الذي ليس بالضرورة أن يكون صحيحا؟ وإذا اتفقنا أن هذه الأمور الإدارية مستجدة ألسنا بحاجة في هذا الوقت بالذات إلى مناقشة هذه الأمور وإعادة النظر فيها وتفصيلها، ومادامت التكنولوجيا تعمل في صالحنا وتساعد المرأة على حضور الاجتماعات بصوتها أليس من الأفضل تفعيل ذلك و اعتبار أي قرار يصدر من القسم الرجالي غير نظامي لغياب نصف أعضاء المجلس «من النساء» أو إصدار قرار شجاع باستقلالية المرأة وحقها في إدارة شؤونها بدلاً من أن تبقى الأقسام النسائية تابعة منفذة لاتملك حق القرار حتى في أبسط االأشياء. ومازال السؤال يدور في ذهني: لماذا يتميز عضو هيئة التدريس الرجالي على نظيرته الأنثى؟ لماذا تتم محاباته إدارياً؟