كتبت عدة نثارات عن شكاوى المدرسين والمدرسات السعوديات في المدارس الأهلية وأنهن يتقاضين (أو يتقاضون) رواتب متدنية وأنهم وعدوا غير مرة بزيادة رواتبهن وأن صندوق تنمية الموارد البشرية سيسهم بجزء من رواتبهن ولكن هذا لم يحدث، وأريد الآن أن أكتب عن الوجه الآخر لهذه القضية وهو وجهة نظر أصحاب المدارس الأهلية وقد قابلت وفداً منهم قبل سفري للعلاج إلى باريس، وقبل أن أعرض لوجهة النظر هذه أريد أن أقرر أن هناك مستويين من المدارس الأهلية: مستوى راق كدار الفكر ومدارس الرياض وهذه لا تعاني أي مشكلة وتتقاضى مصروفات عالية تغطي تكاليفها، وهناك مدارس أقل مستوى وتتقاضى مصاريف متدنية بالنسبة إلى مدارس المستوى الراقي ولكنها كما يقول أصحابها كانت تغطي مصاريفها مع هامش ضئيل من الربح يسمح لها بالاستمرار لأن المدرسات والمدرسين فيها وحتى الإداريات من الوافدين الذين يتقاضون رواتب متدنية ويقومون بأداء واجبهم خير قيام، ولكن فرضت السعودة على هذه المدارس مع تلقي وعود من المسؤولين، كما مر ذكره، بأن يسهموا بجزء من رواتبهم ولكن هذا كما قلت لم يحدث ولهذا وجدوا صعوبة في تعيين سعوديين يقبلون بنفس راتب الوافدين ويقومون بتدريس الحصص التي يقوم الوافدون بأعباء تدريسها فضلاً عن أن السعوديين و(السعوديات) كما يقولون ولهم بعض الحق في ذلك مدللون ولا يتسمون بالإحساس بالمسؤولية والامتثال للأوامر التي يتلقونها هذا فضلاً عن الغياب المتكرر بدون عذر لاسيما وأن نظام العمل والعمال الحالي يحميهم من العقاب والفصل، وإزاء هذا الوضع فإنهم أصبحوا عاجزين عن تغطية مصاريف المدارس وبالتالي عاجزين عن الاستمرار وفي نفس الوقت يئسوا من تنفيذ وعود المسؤولين، وبدأ بعضهم في تقبيل وبيع مدارسهم بأي ثمن حتى ولو خسروا جزءاً من رأس مالهم، وقد قابلت بعضاً من هؤلاء، وهذا الوضع إذا استمر فإنه يعني عجز الدولة عن إتاحة التعليم لكل مواطن وهو حق من حقوق المواطن التي نص عليها النظام الأساسي رغم أنها تصرف 52? من ميزانيتها على التعليم إذ لولا وجود المدارس الأهلية لما وجد كثير من التلاميذ مكاناً لهم في مقاعد الدراسة، وهذا يعني وأكرر ما قلته أن عجز المدارس الأهلية عن الاستمرار يعني حرمان كثير من المواطنين وخاصة من كان منهم في مراحل الدراسة الأولى من حق التعليم مما يترتب عليه انتشار الأمية و التخلف، وضياع المستقبل ليس لهؤلاء فحسب وإنما للوطن بأسره.