قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف -نقترح- إنشاء هيئة انتقالية لتقسيم سورية إلى خمس مناطق كحل نهائي على المشاكل التي تعصف بها ولكن ذلك سيكون إذا وافق السوريون عليه. ويعتبر تصريح نائب وزير الخارجية نقلاً لوجهة نظر ورؤية وإرادة روسيا لما سيؤول وسيكون الوضع عليه في سورية بعد انسحاب القوات الروسية منها وشبه توقف قد يكون مؤقتاً لدعم نظام وحكومة الأسد هناك. ويعني ذلك ببساطة أن يتم تقسيم سورية في البداية إلى أقاليم فيدرالية قد تتحول لاحقاً إلى دول منفصلة ومستقلة بحسب تصنيفها وأساسها العرقي أو الديني أو غيره أي أنها ستبدو ظاهرياً مختلفة لتصبح الدولة الواحدة خمس دول متفرقة وانتهاء الارتباط بينها مما يستدعي بقاء قوة خارجية ولو لفترة مؤقتة مثل ما حدث في العراقوأفغانستان لحفظ الأمن لحين انتهاء المراحل الانتقالية وهنا يأتي دور روسيا وما سيتحقق لها من مراد. مهما كانت الخطة الروسية التي تتشابه كثيراً وقد تكون متطابقة مع ما حدث في أفغانستانوالعراق من طرح للحلول فإن ذلك غالباً سيعني فشلها داخلياً في سورية ولكن الهدف الروسي الأساسي هو استمرار وجودها في المنطقة وتكوين علاقات. وبحسب ما ذكرته بعض التقارير التي شرحت الخطة الروسية الفيدرالية لتقسيم روسيا فإن التوزيع ربما سيكون مبنياً على أساس ديني ومذهبي وعرقي وقومي أي أنه جامع لكل محاور الشر والنزاع والتناحر اللازمة لإثارة أي مشاكل ببساطة وزرع الفرقة والتنافر بكل سهولة مما سيسهل دورها وعملها وادعائها لأي سبب تبرر فيه بقاءها وأفعالها التي ينبئ الحاضر عن بعض مستقبلها إن لم يحدث ما قد يقلب الموازين فجأة ويغير كل شيء. ووفقاً لمستقبل هذا التقسيم المذهبي الطائفي فإن سورية ستكون مثل العراق إن لم يكن حالها أسوأ وأشنع في سجال التناحر والنزاع الذي بدأ بالفعل وسيستمر بغطاء قانوني تحت تقسيم روسيا المقترح إلى أقاليم فدرالية ذاتية الحكم الأولى ثم ربما الكلي بين حكومة نظام الأسد وجبهة النصرة وداعش والأكراد والعلويين والسنة وغيرهم من الأقليات الأخرى مثل الأرمن والشركس والسريان والدروز والكثير ضمن تركيبة البلد السكانية. وبدراسة مبسطة للتاريخ والواقع الفعلي لحال الشرق وبلدانه فإن روسيا يقيناً أن نظامها وخطتها المقترحة بتقسيم سورية لن تنجح بالتأكيد وبحسب ما يراه محللون سياسيون فإن هذا في الحقيقة هو ما تريده روسيا أن يحدث طالما ستبقى هي المستفيدة بصراحة وهذا ما صرح به الرئيس الروسي بوتين مؤخراً عندما قال بأن التدخل الروسي في سورية زاد الطلب على مبيعات الأسلحة الروسية بحوالي 50 مليار دولار. وبالعودة لبدايات الثورة السورية ومن تحالف نظام الأسد مع روسيا وإيران التي كان دورها بحسب بعض تقارير التحليل السياسي تكميلياً ومساعداً لروسيا في رسم وترسيم تواجدها في المنطقة نرى أن انتقال الثورة خلال المراحل التي يمكن وصفها فعلياً بالدموية والوحشية كانت تسير وفق مخطط يهيئ إلى ضرورة حضور قوة عسكرية لا ند لها في سورية ليأتي بعدها تدخل دولي يلزم بإنهاء الصراع وفق خطة مسبقة. وهذا يبين ربما كيف كانت تدار أو تسير كافة مراحل الثورة الروسية حتى وصولها إلى طرح هذا الحل للتقسيم الاتحادي المبدئي الذي سيؤول بلا شك وبحال شبه مؤكدة إلى انقسام كامل إلى دول تفرقت من دولة واحدة بعد الإقناع والتبرير بأن البقاء أو الحل السلمي تحت مسمى أو حكم تلك الدولة الواحدة بات شبه مستحيل تقريباً ولن ينهي الصراع وتصوير هذا الحل بأنه هو الطريقة الوحيدة والحتمية للخروج من المأزق. جريدة الإندبندنت