يبدو أن عدوى ما يحدث بالرياضة ينتقل إلى الاقتصاد والتحليل والقراءة له، فقد انتقل تصنيف «الكُتاب» الاقتصاديين إلى «أنت مع المواطن» أو «ضد المواطن» وحتى بعض القرارات الحكومية في جانب الإسكان او الصندوق العقاري أو غيرها أصبحت تصنف «مع أو ضد المواطن» خاصة للُكتاب، وبرغم ثقتي التامة ولا شك في ذلك ان كل جهة حكومية ومسؤول يعمل لصالح هذا الوطن والمواطن، إذ ان مبدأ العمل لصالح المواطن هو الأساس الذي يجب أن لا نناقشه أو نشك به، حتى نكون إيجابيين في نقد ما بعده، وحين يكتب أي كاتب «اقتصادي» وهو ما أركز عليه، يجب أن يكون في إطار «التحليل والقراءة والنقد والاقتراح» الموضوعي الهادئ المتزن بلا تشنج أو تهييج أو مواكبة رأي عام قد يكون صائبا أو خاطئا في بعضه، الأهم هو أن الكتابة باستقلالية وهدوء وموضوعية، وطرح حلول لأي قرارات جديدة او ما سيطرح من قرارات متوقعة، حين يضع الكاتب «مقترحا أو رأيا» وكأنها قضية شخصية له، ويحارب ويواجه لمجرد أنهُ رأيه، ولا يقبل المناقشة الهادئة، وأن يكون مستعدا لتغيير رأيه حين يأتي رأيا يصحح أو يضيف له أو ينقض قراره، فكيف يصبح كاتبا موضوعيا وذا رؤية متزنة حين يناقش كل ما يطرح أنه الصح الأوحد ولا يقبل أي نقاشات، وكثير أيضا ممن ينجرف خلف هذه الأراء يستمر بطرح قراره للكاتب الاقتصادي «أنت مع أو ضد» هذا القرار أو ذاك ومنها يحدد «أنت بصف المواطن أو لا» رغم أن القرارات الحكومية تصب في هدفها في مصلحة المواطن أولا وأخيرا. حين نتناول القضايا الاقتصادية ليس على الكاتب، وهكذا يفترض أن «يتبنى» أي رأي مؤيدا أو رافضا، بل الرؤية هي القراءة والتحليل وإبراز السلبيات أو الملاحظات إن وجدت، لا أن تتحول إلى «قضية شخصية» وعبارة «أنت مع او ضد المواطن» السؤال هو من هو الذي ضد المواطن؟ لا أحد أبدا، بل الجميع يصب في صالح المواطن والبحث عن الأفضل. ولكن لا يعني أن كل ما يطرح من رأي أو رؤية أنه «يجب» أن يتوافق مع» هوى» و»عاطفة» المواطن، فهل هناك في هذا العالم من هو راض براتبه؟ أو الخدمات؟ أو الصحة كخدمات؟ وهكذا، في الدول المتقدمة هي تحدي الحكومات ومصاعب جسيمة حولها، انظر لليونان وأسبانيا وأميركا وغيرها من الدول لا أحد سيحصل على الرضا التام، هذه هي الدول المتقدمة، لا توجد حالة مثالية، ولكن يوجد خدمات جيدة وجيدة جدا وهكذا، وهو ما ينطبق على نقاشنا الاقتصادي والطرح الذي يطرح، يجب أن نرتقي بالنقاش ألا تكون قضية «شخصية» للكتاب وتحدياً لأنه عندها سيفقد كل موضوعية ورؤية صحيحة وينجرف خلف عاطفة الجماهير والناس والتي في النهاية لن تقبل منه أي رأي أو طرح مالم يوافقها. ومن وافق الجماهير يفقد شخصيته ورأيه ويصبح مصادراً تماماً، وتغريه الجماهير لكن الزمن سيظهر أي الحلول الموضوعية والعملية هي الفاعلة. لا أطالب إلا أن يكون النقاش والطرح اقتصاديا موضوعيا وليست فكرة «مع أو ضد المواطن» كلنا مع المواطن، ولكن الحلول أحيانا كثيرة تكون مؤلمة وموجعة، فنحن نذهب للطبيب الجراح لإجراء عملية جراحية صعبة بحثاً عن العلاج وليس التطمين لمن يحتاج عملية جراحية فهي ليست العلاج الناجع لا شك.