تكامل الجهود أبرز محفزات الجذب السياحي في القصيم    ترامب يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض    مطالبة المناطق الاقتصادية بالرياض باستكمال البناء المؤسسي    فيصل بن سلمان: نهج القيادة ثابت في إكرام ضيوف الرحمن    "رينارد" يستبعد "تمبكتي" من معسكر الأخضر بسبب الإصابة    السعودية والكويت توقعان 4 مذكرات تفاهم في عدة مجالات    القادسية يتوج ببطولة المملكة للمصارعة الحرة والرومانية ب26 ميدالية في مختلف الفئات السنية    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تُحبط تهريب ( 11) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    الملك يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تستعرض جهودها في موسم الحج خلال «مؤتمر ومعرض الحج»    فيروس البيروقراطية    لكي لا يمسخ الذكاء الاصطناعي وعي الإنسان    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11243) نقطة    140 جلسة في مؤتمر ومعرض الحج لمناقشة تطوير خدمات ضيوف الرحمن    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير فرع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بالمنطقة    برعاية ولي العهد.. وزارة العدل تنظم المؤتمر العدلي الدولي الثاني 23 نوفمبر في الرياض    مذكرة تفاهم ثلاثية لتأسيس محفظة تنموية ب300 مليون ريال لخدمة ضيوف الرحمن    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ذاكرة بصرية لتأريخ الحج وعمارة الحرمين    رئيس الشؤون الدينية التركي يشيد بعناية المملكة بضيوف بيت الله الحرام    استقرار سعر الدولار    جمعية رؤية تختتم برنامج الإلقاء والخطابة للأطفال ذوي الإعاقة 2025    الهوية السعودية بين الموروث والثقافة السعودية في جلسة حوارية ضمن مبادرة الشريك الأدبي    قوات الاحتلال تواصل اقتحامها للمدن والبلدات الفلسطينية    ويتكوف وكوشنر اليوم في إسرائيل.. تحرك أمريكي لبحث أزمة مقاتلي حماس في رفح    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    بعد ختام ثامن جولات «يلو».. العلا يواصل الصدارة.. والوحدة يحقق انتصاره الأول    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    الثقافة تصعد جبال طويق    استعداداً لوديتي ساحل العاج والجزائر قبل خوض كأس العرب.. لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر جدة    عبر 11 لعبة عالمية.. SEF أرينا تحتضن البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية    ارتفاع تحويلات الأجانب    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    «الغذاء والدواء»: إحباط دخول 239 طناً من الأغذية الفاسدة    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    15 شركة صحية صغيرة ومتوسطة تدخل السوق الموازي    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغطية القنوات الإخبارية ل «عاصفة الحزم».. الإنجاز العسكري أكبر من الأداء الإعلامي
مع تزايد أهمية الحروب الإعلامية
نشر في الرياض يوم 14 - 04 - 2015

مع انطلاقة "عاصفة الحزم" بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - عاشت وسائل الإعلام الخليجية والعربية والعالمية حالة من الاستنفار لتغطية الحدث العسكري الكبير الذي يعد أول تحرك استراتيجي يكسر حالة العجز العربي، ويفتح الباب أمام تحولات كبيرة في مشهد الصراع العربي الإيراني.
ومع أن التغطية الإعلامية في عمومها أبرزت أهمية الخطوة الكبيرة للمملكة العربية السعودية وللقرار الشجاع والحكيم الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلا أن طبيعة التغطية وتفاصيلها تثير تساؤلاً مهماً وهو هل قام الإعلام بالدور المتوقع منه في حدث مفصلي مثل "عاصفة الحزم"؟ وإذا كان القرار والآداء العسكري العربي بقيادة المملكة كان فعالاً ومؤثراً وحاسماً فهل كان الإعلام العربي بنفس الفعالية وفي مستوى الحدث الكبير وهل واكب مسار المعركة بدقة؟.
برغم سطوع نجم بعض القنوات الفضائية في التعامل مع الأزمة كما يجب، مثل قناة العربية وقلة من القنوات الأخرى، إلا أن النقاد والمهتمين لم يلمسوا حضوراً إعلامياً فاعلاً وواعياً بمستوى الحدث الكبير، حتى أن بعض وسائل الإعلام كانت تتعامل مع الحدث باعتباره موضوعاً إخبارياً فقط، من دون تحليل وإبراز لموقف المملكة والأسباب التي دعتها لاتخاذ هذا الموقف التاريخي، ولم يدل أداء هذه القنوات على وجود ما يمكن أن نسميه خلية إدارة الأزمة، ما أوقعها في كثير من "المطبات" الإعلامية إن كان على مستوى المصطلحات أو على مستوى الأداء ذاته، فبدا للمتابع أن الحرب إنما هي حرب سعودية ضد اليمن أحياناً أو ضد الحوثيين كحوثيين، أو ضد جزء من الجيش اليمني، وهذا غير صحيح أبداً ويعبر عن فشل هذه القنوات في نقل الصورة الحقيقية للحدث والتأكيد أن الحرب ليست سوى ضربة استباقية وضرورية اتخذتها المملكة لحماية الأمن القومي العربي بشكل عام والخليجي خاصة من مخططات خارجية تقودها إيران لأهداف توسعية واضحة لا تختلف في مخاطرها عن المخاطر التي يمثلها الكيان الصهيوني في المنطقة.
كما أخفقت هذه الوسائل الإعلامية في توضيح أن "عاصفة الحزم" لم تأت كحدث منقطع عما سبقه من تطورات في اليمن، وإنما جاءت بعد محاولات سعودية وخليجية حثيثة لجمع الأطراف اليمنية على طاولة حوار ووفاق وطني وتجنب الصدام العسكري الذي اضطرت المملكة ودول الخليج لاتخاذه، بعد استنفاد كل المحاولات الدبلوماسية التي طرحت لضمان الوصول إلى تسوية وطنية مقبولة يشارك فيها كل أطياف المشهد السياسي اليمني، إلا أن إمعان الحوثيين في سياساتهم المرتبطة بإيران قطع الطريق على كل المساعي الخيرة، فضلا عن ظهور الدور الإيراني الواضح والصارخ إلى العلن عبر الطائرات التي راحت تهبط في المطارات اليمنية لتدعم قوة الحوثيين على أرض بلد عربي شقيق يمثل نقطة استراتيجية وأمنية هامة ليس للخليج فقط وإنما للمنطقة والعالم.
وعليه فإن اجتزاء الأخبار وتقديمها هكذا من دون الاعتناء بهذه التفاصيل، والانتقاء الموجّه للمصطلحات والتسميات، ساعد على ظهور تشويش "إعلامي" واضح على أهداف "عاصفة الحزم"، ما ساعد على ظهور تيارات استغلت ضعف التغطية الإعلامية الحدث لإرباك قناعات المشاهد، ويمكننا القول إنه رغم التعاطف الكبير الذي أبداه الشارع الشعبي تجاه هذه العاصفة المباركة إلا أن ضعف الأداء الإعلامي لبعض العاملين في الإعلام العربي سمح بالتشويش على القرار التاريخي.
إن أي عمل عسكري يجب أن يكون محمياً بقوة إعلامية لا تقل أهمية عن العمل العسكري نفسه، والإعلام في أيامنا هذه لم يعد مصدراً للأخبار فحسب، وإنما بات منظومة متكاملة مرتبطة بمنظومة التنمية الوطنية بشكل عام، ولا يمكن أن تنجح في دورها ما لم تتوفر فيها المواصفات الضرورية اللازمة لمعالجة كل القضايا الاجتماعية والسياسية وغيرها بشكل علمي مدروس جيداً.
وعلى الرغم من أهمية التطورات التي شهدتها الأزمة اليمنية، من خلال عملية "عاصفة الحزم"، فإنه من المبكر الحكم على نجاح هذه العملية وتأثيراتها الإيجابية في منظومة العمل العربي المشترك التي قد نلمس آثارها خلال المستقبل.
لكن هذه النتائج المرتقبة يستحيل أن تكون واضحة وأن تؤتي أكلها من دون آلة إعلامية تساندها وتوضح أهدافها، وهنا يأتي دور القنوات باختلاف مجالاتها وأهميتها في حمل الرسالة النبيلة التي ترتكز عليها الحرب ونقلها للعالم أجمع لتعزيز قناعة المؤيد بنبل وسمو الغاية التي تحركت الجموع العسكرية على أساسها، وأيضاً لإقناع المتشكك الذي لا يزال متردداً في التأييد بسبب نقص المعلومات المتوافرة لديه وشحّها.
قنوات إخبارية وغير إخبارية، سعودية وخليجية وعربية ودولية بلغة عربية، كنا نتمنى أن تمنح الحدث حقه، وأن تدعم القرار التاريخي للملك سلمان - حفظه الله - بالشرح والتوضيح للمشاهدين، وتقديم الصورة الكاملة والحقيقية لأسباب وأهداف عاصفة الحزم، وألا تسمح لأي مشكك موال لجهات خارجية بأن ينفث سمومه المعادية للخليج والعرب والمسلمين، ومع ذلك رأينا قصوراً في أداء هذه القنوات، ورأينا بعضها تستضيف شخصيات مشبوهة للحديث عن الحرب، كما سمحت بعضها ببث لقاءات مع قيادات عميلة لإيران مثل حسن نصر الله، إلى جانب تجاوز بعض المذيعين العرب لدورهم وتهجمهم على الحرب من دون أسباب منطقية سوى كراهيتهم للوحدة العربية وموالاتهم لإيران ولإطراف خارجية مشبوهة.
إن للإعلام دورا أساسيا في مراحل المواجهة المسلحة، من حيث حماية الجبهة الداخلية من محاولات الاختراق التي يقوم بها الأعداء سواء عن طريق الشائعات وما شابهها لخلخلة ثقة الجمهور بقواته الوطنية، أو حتى محاولات التشكيك بنتائج الحرب.
وكما سبق وأشرنا فإنه في عالم مثل عالمنا اليوم، الذي تكثر فيه الصراعات، ينتقل مستهلك أخبار وسائل الإعلام من مشهد حرب إلى آخر، لا سيما مع ظهور وسائل الإعلام الجماهيرية ذات القدرة الهائلة على الانتشار والتأثير، أصبحت حرب الإعلام أو الحرب التي تخاض عبر وسائل إعلام نوعاً قائماً بذاته من أنواع الحروب المختلفة، حروب اقتصادية، تجارية، سياسية، وحرب إعلامية لا تقل أهمية أبداً عن الحروب العسكرية، إن لم نقل أنها قد تبزها بالأهمية أحياناً، حيث للقلم والبندقية فوهة واحدة في المعركة.
لقد قام الإعلام في العقدين الماضيين بشرح مستفيض لمقومات الحرب على الإرهاب، وهو أمر لم يتم التطرق إليه باتساع خلال عاصفة الحزم علماً أن هذه العاصفة لا تبتعد أبداً عن مسارات الحرب عن الإرهاب من منطلق أن ما تمارسه المليشيات الحوثية ومن لف لفها على الساحة اليمنية هو أشد أنواع الإرهاب، الذي بات لا يهدد اليمن فقط، وإنما يهدد المنطقة بأسرها، لا بل يطال الأمن العالمي كله.
ومع توقفنا باحترام شديد عند الدور الذي قامت به بعض الفضائيات والقنوات التلفزيونية، إلا أنه من الضرورة بمكان أن نشير إلى أن كثيراً من الإعلاميين العرب أخفقوا في تغطيتهم الإعلامية للحدث، ليس رغبة بالخطأ بالطبع، وإنما لافتقار الجهات التي يمثلونها لخلايا الأزمات اللازم توافرها في مثل هذه الظروف الاستثنائية والحساسة للإعلامي والصحفي المتخصص المحصن الذي يكون عادة مدججاً بسلاحه الإعلامي كما يكون العسكري المقاتل مدججاً بأدوات الحرب والسلاح.
وهذا القصور سمح لبعض المصطادين في الماء العكر للإدلاء بدلوهم السام من أجل ترويج أفكار ومصطلحات خبيثة، يراد منها التشويش على الأهداف الوطنية والقومية النبيلة لعاصفة الحزم التي تعد بكل جدارة باكورة السياسة الحازمة وغير المترددة لخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز الذي أثبت أنه رجل المواقف الصعبة والقادر على النجاح في الاختبار الصعب.
ورغم تثميننا الدور الوطني الذي تقوم به كثير من المؤسسات الإعلامية، خاصة المحلية، إلا أن المطلوب منها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة يجب أن يكون أكثر من ذلك، وأن تبرهن أنها على مستوى الحدث وقادرة على القراءة السياسية التي تستشرف المستقبل بشكل واعٍٍ ومدرك وذكي عبر تقديم التحليل العلمي والسياسي الدقيق لمجريات الأحداث، وإيصال أفكارها بشكل فاعل ومؤثر إلى كل شرائح المجتمع والى الرأي العالمي أيضاً، ولا يأتي ذلك إلا من خلال الكوادر الواعية القادرة على استخدام المصطلحات والتسميات الصحيحة والدقيقة التي لا تقبل اللبس أو التأويل، فعاصفة الحزم ليست حرباً عابرة كما غيرها من الحروب، وإنما زلزال سياسي وعسكري، استطاع العرب بفضله وللمرة الأولى التحكم في مصيرهم التاريخي، ومن شأنه أن يعيد ترتيب كثير من الأوراق في المنطقة، ويبشر بغد عربي مستقل غير خاضع للتبعية، ويجب أن يدرك الإعلاميون قبل غيرهم أن هذه الحرب لا تصنع التاريخ فقط وتغير الخرائط الجيوسياسية للعالم، بل هي تعمل على تشكيل إطار معرفي وإعلامي جديد وتعمل على تقويض تلك الأطر السائدة أو تغييرها بشكل جذري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.