مدير ابتدائية مصعب بن عمير يعقد اجتماعًا بالكادر الاداري مع بداية العام الدراسي الجديد 1447ه    تنظيم المملكة للمسابقات القرآنية احترافي يجسد مكانتها في قلوب المسلمين    المدمرة "يو إس إس هيجينز" أكدت حقوقها الملاحية ببحر الصين الجنوبي    بدعم من مؤسسة سليمان الراجحي.. جمعية الإعاقة السمعية في جازان تسلم سماعات أذن ل16 مستفيدًا    ارتفاع أسواق الأسهم الآسيوية    اوقية الذهب تصل الى 3351.46 دولارًا    "الندوة العالمية" في جيبوتي تُثمن إسهامات المملكة في تعزيز الوعي القيمي والديني    محافظ صامطة يستعرض مع جمعية عمارة للعناية بالمساجد جهود تطوير بيوت الله وتعزيز الشراكة المجتمعية    "سدايا" تضع الشباب في صدارة أولوياتها لقيادة حاضر ومستقبل الذكاء الاصطناعي بالمملكة    امطار خفيفة الى غزيرة على اجزاء من مناطق المملكة    إيران تعرب عن استعداداها للتفاوض على برنامجها النووي    استقرار أسعار النفط    طائرة العيون لدوري الأولى    إصابة قاسم تبعده عن الفتح    معاناة غزة إلى مستويات «لا يمكن تصورها»    لقطات ساحرة للشفق القطبي    عدم إعطاء أفضلية السير للمركبات داخل الدوار.. مخالفة    سودة عسير.. أمطار وغيوم    التوسع في تطبيق مقاييس التوافق قبل الارتباط    ألمان ينسون طفلهم بمحطة وقود    7 من كل 10 سعوديين يشاهدون التلفاز    3 أبطال جدد وإنجازات تاريخية مع ختام الأسبوع الخامس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    تعاون موسيقي يجمع كوريا وروسيا    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    الحياة البسيطة تعزز السعادة    استخراج هاتف من معدة مريض    فوائد ومخاطر النعناع الصحية    23.61 مليار ريال تسهيلات للصادرات السعودية    50 مليون ريال للصناعيين    عودة المشرفين والإداريين في 11 منطقة للمدارس    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: ندين جرائم وقرار إسرائيل باحتلال غزة    ضبط 194 كلجم مخدرات و60 ألف قرص محظور    للعام السادس ضمن قائمة المائة.. "أرامكو السعودية" ثاني أعلى العلامات التجارية    نائب أمير الشرقية يطلع على مشروعات وبرامج هيئة الترفيه    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الدولية    الجماهير السعودية تترقب كأس السوبر    «هن» مبادرة لدعم المواهب النسائية في الموسيقى    «مزرعة إنجليزية» تشارك في مزاد الصقور الدولي    «تنظيم الإعلام» توضح 6 سمات للإعلامي الناجح    كأس السوبر الأوروبي بين عنفوان باريس وطموح توتنهام    تقدّم روسي على جبهة أوكرانيا.. توتر قبيل قمة بوتين وترمب    مأساة الكوليرا تضرب النازحين في دارفور.. «المشتركة» تتصدى لهجوم الدعم السريع على الفاشر    قبيل زيارة لاريجاني لبيروت.. الرئيس اللبناني: الاستقواء بالخارج مرفوض    «الغذاء» تسجيل مستحضر «الريكسيفيو» لعلاج الورم النقوي    أدبي الطائف تصدر الأعمال المسرحية الكاملة للدكتور سامي الجمعان    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    رابطة الدوري السعودي تعلن جدول أول 6 جولات من البطولة    أمير تبوك يواسي أسرة الغيثي في وفاة فقيدها    برنامج تعاون بين "كاوست" والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    أمير الشرقية يستقبل منسوبي هيئة الأوقاف ورئيس اللجنة الوطنية وقائد قوة أمن المنشآت    سيرة من ذاكرة جازان.. الفريق ركن عمر حمزي رحمه الله    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    مباهاة    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسؤولية الاجتماعية وثقافة العادة
نشر في الرياض يوم 03 - 01 - 2015

تشغل "ثقافة العادة" الناس في كُل مكان منذ قديم الزمن. فقد ربطها العالم الإغريقي الشهير "أرسطو"، الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد، "بتميز الإنسان" حيث قال "ليس تميز الإنسان عملاً مفرداً واحداً يقوم به، بل إن تميزه يتمثل في عادة، تظهر في أعمال مُتكررة يقوم بها". ولعل المعنى المقصود هنا هو أن تميز كُل إنسان يظهر في سلوكه المُتكرر، في عمله وفي التزامه، وفي تعامله مع الآخرين.
ويُبرز قول شهير أهمية العادة في حياة الإنسان، حيث يقول: "نحن نصنع عاداتنا بأنفسنا، لكنها بعد ذلك هي التي تصنعنا". ولعل بين أكثر الكتب مبيعاً حول العالم، خلال ربع القرن الماضي، كتاب "العادات السبع للناس الأكثر فاعلية"، لمُؤلفه "ستيفن كوفي". فقد لقي هذا الكتاب قبولاً عالمياً واسعاً، لأن كُل إنسان يُريد أن يكون بين الناس الأكثر فاعلية، كي يكون بين الأكثر نجاحاً في الحياة التي باتت تشهد تنافساً مُتنامياً غير مسبوق بين البشر.
ونحن في ثقافتنا الإسلامية مُطالبون بالعادات الحسنة والسلوك القويم؛ مُطالبون بإتقان العمل؛ ومُطالبون بحسن الخلق؛ وبرعاية الآخرين والرفق بهم؛ ومُطالبون أيضاً بفضائل أُخرى كثيرة. ففي الحديث الشريف يقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "إن الله يُحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه"؛ كما يقول "البِرُ حُسن الخُلق"؛ ويقول أيضاً "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"؛ ويقول كذلك "ما كان الرفق في شيء إلا زانه"؛ ناهيك عن كنز ثمين حافل بسنن أخرى حميدة من أقوال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأفعاله.
ويكتسب الإنسان عاداته في الحياة من مصادر رئيسة ثلاثة. أولها مصدر اجتماعي وراثي يأتيه من العادات المُتوارثة التي يراها تُمارس أمامه في منزله أو في البيئة من حوله. والمصدر الثاني مصدر تنظيمي عليه أن يلتزم بقواعده مثل الأنظمة التي تفرضها المدرسة على طلابها، أو المُؤسسات على منسوبيها، أو ربما الدول على مواطنيها. أما المصدر الثالث فهو الاختيار الشخصي لعادات يرغب الإنسان أن يتبعها لتطوير حياته بأسلوب يراه مُقنعاً ومُناسباً له، مثل عادات مُمارسة الرياضة واتباع نظام غذائي مُعين، أو حتى جدولة لقاء الأقرباء والأصدقاء في أوقات معينة.
ولعادات الناس المُنتشرة على نطاق واسع أثر كبير على المُجتمع، خصوصاً العادات العامة المُتوارثة التي تشمل كُل أبناء المُجتمع أو جُلهم، والتي تنتقل عبر الأجيال من الآباء إلى الأبناء دون انقطاع. وقد يكون بين هذه العادات ما هو حميد ومرغوب، كحُسن التعامل وابتسامتك في وجه أخيك، وكرم الضيافة، وغير ذلك. وقد يكون بينها ما هو سيئ وضار بالفرد وبالمُجتمع، كما نُشاهد في سلوك الأجيال المُختلفة عند قيادة السيارة ومُخالفات الكثير منهم في عدم احترام أنظمة السير، وفي اقتناص الطريق، والوقوف غير السليم، والتزاحم وإعاقة الآخرين.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه عندما حاول نظام "ساهر" الحضاري الجديد تنظيم أمر السير "بعصا الغرامة" بعد مُلاحظة تعثر "جزرة النصيحة"، عارضه كثيرون لأنه يعترض على عادة مُتوارثة راسخة لصالح عادة حضارية مطلوبة. فقوة العادة المُتأصلة على الرغم من سيئاتها تفوقت لدى الكثيرين على عادة جديدة على الرغم من فوائدها الحالية والمُستقبلية، خصوصاً حينما يبدأ توارثها بين الأجيال، وترسيخها في سلوكهم.
ولا شك أن مُمارسة العادات الحميدة التي ترتقي بصفات الإنسان وتعود بالفائدة على المُجتمع هي مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق الجميع. كما أن العمل على تجنب العادات غير الحميدة التي تهبط بصفات الإنسان وتعود بالضرر على المُجتمع، يُعبر أيضاً عن مسؤولية اجتماعية مطلوبة من الجميع. وفي هذا الإطار، فإن على كُل منا أن يسعى إلى تطوير أسلوب حياته وإلى الإسهام في تطوير أسلوب حياة الآخرين. عليه أن ينظر إلى سلوكه وسلوك أبنائه وسلوك كُل من يُحب من حوله. وعليه في ذلك بالرفق وحُسن التصرف أن يُعزز الجوانب الإيجابية في هذا السلوك، وأن يحُد من الجوانب السلبية فيه.
ولعله من المُفيد لكُل منا أن يسأل ذاته كُل يوم: ماذا قدمت، وعلى ماذا حصلت، وكيف تم ذلك، أين السلبيات كي أستبعدها، وأين الإيجابيات كي احتفظ بها. لا شك أن جميع الآباء وجميع الأمهات يرغبون لأبنائهم وبناتهم حياة أفضل في المُستقبل؛ ولا شك أيضاً أنهم قادرون على الإسهام في ذلك. ولعل الأسلوب المحمود في هذا المجال يتمثل في التوجه نحو تعزيز العادات الحسنة وتبني المزيد منها، والابتعاد عن العادات السيئة والاستغناء عن أقصى ما يُمكن منها، وذلك مع الحرص على أن يكون إرث العادة إرثاً حميداً مسؤولاً من أجل مُستقبل أفضل لأجيالنا الصاعدة.
* أستاذ في قسم هندسة الحاسب، كُلية علوم الحاسب والمعلومات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.