أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    أمير حائل يُدشِّن 13 مشروعًا للطرق بالمنطقة    "الإحصاء" تنشر الرقم القياسي لتكاليف البناء في المملكة لشهر يونيو 2025    الإبراهيم يجتمع مع وزيرة التخطيط والتنمية في جمهورية إثيوبيا    وزير الخارجية يُجري اتصالًا هاتفيًا بوزير خارجية إريتريا    هدف الهلال.. إيزاك يطلب الرحيل عن نيوكاسل يونايتد    وزارة الرياضة تخصص أندية الأنصار والخلود والزلفي وتفتح المجال لبقية الأندية    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    انطلاق معرض "المدينة المنورة للكتاب" 29 يوليو    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    رسميًا.. فيرمينو ينضم إلى السد القطري    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    دول ومنظمات إسلامية وعربية تدين مصادقة الكنيست على فرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    أعيان صبيا يهنئون رئيس البلدية الجديد ويناقشون سبل التنمية    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    إدانة عربية إسلامية على مصادقة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    برعاية أمير الباحة تنظيم مسابقة الدرمحي لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية    الصندوق العقاري يودع مليارا و51 مليون ريال لمستفيدي برنامج الدعم السكني    أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم    انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن    رخصة "موثوق" لعبت دورا كبيرا في حماية السوق من الإعلانات الاحتيالية    اجواء شديدة الحرارة على معظم مناطق المملكة مع رياح مثيرة للاتربة    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين من الغرق أثناء ممارسة السباحة    ترامب يشترط فتح الأسواق الأوروبية أمام الشركات الأمريكية    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    موجز    328.2 مليار ريال استثمارات الأجانب    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    فرنبخشة يتغلب على الاتحاد برباعية في أولى وديات معسكر البرتغال    انطلاق بطولة الهيئات المفتوحة لرفع الأثقال في الرياض بمشاركة 94 لاعباً ولاعبة    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    بين ضغوط ترمب ومواقف متصلبة.. محادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    أواصر راسخة    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    المبعوث الأميركي: المطلوب قرار من حكومة لبنان لحصر السلاح    القيادة تعزي رئيس بنغلاديش    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    تركي آل الشيخ يعلن فعاليات رياضية عالمية ضخمة في موسم الرياض المقبل    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    هيئة مدينة مكة تُطلق أعمال المسح الاجتماعي الاقتصادي    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آل طالب: الظروف الراهنة تستدعي الحزم وجناب الأمن والوطن والدين ليست مجالا للمساومة
في خطبة الجمعة أمس
نشر في الندوة يوم 26 - 03 - 2011

أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب ان بلاد الحرمين ليست بمعزل عن العالم ولا بعد عن الحساد والاعادي ، وليست الأحوال واحدة ولا المواطنة متماثلة ، مشدداً على أن الظروف الراهنة تستدعي الحزم والعزم والتصريح دون التلميح.
وقال في خطبة الجمعة أمس إن جناب الأمن والدولة والدين والوطن والاجتماع ووحدة الصف ليست مجالاً للمساومة ، ولا عرضة للنقاش مشيراً إلى أنها ليست مجرد خطوط حمزاء بل هي خنادق من تعرض لها يجب أن يحترق. ومضى آل طالب بقوله: ونحن في منزلق الثلث الأول من القرن الخامس عشر من الهجرة وفي وسط جزيرة العرب وقصبة بلاد المسلمين على هذه الأرض حيث انزلقت من ها هنا أزمنة وقرون مرت ثم لحقت بالماضي البعيد طوت تلك الأزمنة والقرون أمما ودولا وأحداثا وحروبا وغنى وفقرا وأمنا وخوفا ثم انتهت تلك الأزمنة وانطوت تلك القرون لتولد هنا على هذه الأرض بلاد شعارها التوحيد ونظامها الشريعة وتحمل اسم المملكة العربية السعودية.
وأوضح أن هذه البلاد قامت في زمن غربة الدين وتقهقر شأن المسلمين في زمن كانت أكثر دول الإسلام تحت نيل الاستعمار وسيطرة فكر المستعمر , قامت باسم الله والتزمت بشرع الله وحملت على عاتقها هم الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ولم تنس نصيبها من الدنيا , ورماها الشرق والغرب بكيده على مدى ثلاثة قرون وفي مراحلها الثلاث فتعود في كل مرة أقوى مما كانت وأكثر عزيمة وإصرارا على تمسكها بمبادئها التي قامت عليها وخلال فترة حكمها الطويل كتب من كتب وأرجف من أرجف وراهن من راهن على عدم امتلاكها لمقومات البقاء وما مقومات البقاء مقومات البقاء عندهم تنحية الدين وتعدد الأحزاب والحريات المتجاوزة حدود الشريعة وحقيقتها فوضى دينية وأخلاقية توصف بالحرية ليس إلا . وأضاف أن الله جل وعلا شاء في هذه الأيام أن تهب العواصف على بلاد العرب وتميل بمن تميل ولما اقتربت العاصفة من حمى هذه البلاد إذا هي نسيم رقراق رخي وإذا أهل هذه البلاد أشد لحمة وأقوى تماسكا ويفخر حاكمها بشعبه ويغتبط الشعب بحاكمه وفي صحيح مسلم(خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنوهم ويلعنونكم) ويخطب الملك ويبتدئ بعد شكر الله بشكر العلماء وطلبة العلم , العلماء وطلبة العلم تلك الحلقة التي وصلت دوام الدولة بابتدائها وثباتها بنشأتها , حيث قامت هذه الدولة أول ما قامت بقيام عالم وثبتت بثبات علماء والحكام فيما بين ذلك يقومون بدورهم على بصيرة من الله وعلى هدى من كتابه .
وتابع بقوله //بعد ثلاثة قرون من قيام الدولة السعودية هلم نتساءل لماذا بقيت هذه البلاد آمنة في زمن فيه الخوف ولماذا اغتنت وهي في صحراء قفر وأرض فقر ولماذا اجتمع الناس فيها والتفوا في زمن التفرق والخلاف , إن لذلك أسبابا شرعية تردفها أخرى دنيوية , // الذين آمنوا ولم يلبسوا أيمانهم بظلم اولئك لهم الأمن وهم مهتدون // الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور // .
وأفاد فضيلته أن الله وفق هذه البلاد ومنذ أن قامت في دورها الأول بلزوم جماعة المسلمين والتمسك بالإسلام الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين , مما جعل للإسلام في هذه الديار بقاء بنقاء وهيمنة بصفاء وستبقى هذه البلاد قائمة ما أقامت التوحيد منصورة ما نصرت السنة عالية ما أعلنت العدل ولن نخاف عليها من نقص إلا إذا نقصت من عرى الدين ولن نخشى إلا ذنوبنا وتقصيرنا مع ربنا , إن الإسلام الذي قامت عليه هذه البلاد هو الإسلام الذي قبلته أجيال الأمة على مر القرون يسلمه سلفهم إلى خلفهم وعلماؤهم إلى متعلمهم نافين عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين ولأجل هذا كانت هذه البلاد بحكامها وعلمائها في مرمى سهام المتربصين وأفك الكاذبين , لقد نال علماء هذه البلاد الكثير من الطعن والتكفير كما نال حكامها صنوف من اللمز والتشكيك في المواقف السياسية والمبادرات والقرارات في محاولة للحد من تأثيرها الإيجابي في العالم ولإقصائها عن الريادة في أمور الدين وفضاء السياسة , وهو الأمر الذي هو قدرها ويمليه عليها مكانها ومكانتها وتتطلع إليه قلوب المستضعفين قبل عيونهم أملا في لملمة شمل وتطلع لمداواة جرح ورغبة في سد حاجة , ومواقفها وسيرتها شاهدة على الجمع لا على التفريق ورأب الصدع لا شق الصفوف وإن أي زحزحة لها عن هذا النهج هو إضافة إلى أنه خلل ديني فهو خيانة وطنية وتفكيك للعقدة التي ربطت الراعي بالرعية وهو توهية للحبل الممدود إلى السماء والى الله في عليائه حيث نستلهم منه الصبر والنصر والحفظ والعون في زمن كثرت عواصفه وحساده وأعاديه .فهل يعي ذلك من يريد تحريك مركب الوطن ليجافي شاطئ الاهتداء .حفظها الله قائمة بالإسلام منافحة عنه .
وبين أن دور العلماء وطلبة العلم يتأكد في استمرارهم في حراسة الدين والدولة ذلك أن أكثر ما بزغ من فتن داخلية على مدى القرن الماضي كان سببه انحراف في المعتقد تبعه ارتباط مشبوه بالخارج ثم يجد العدو في بعض ضعاف نفوس اولئك من يمتطيه ويستخدمه في زعزعة الأمن والاستنجاد بقوى أجنبية ويزين له الاستمداد من مرجعيات طامعة ببلاد العرب كارهة للعروبة , فعلى العلماء وطلبة العلم أن يقوموا بدورهم على الوجه الصحيح ليس في مناظرة اولئك والرد عليهم فحسب بل بدعوتهم وتألفهم وتبصيرهم بالهدى وكسبهم مواطنين صالحين , والصبر على ذلك وأن يتخصص علماء شرعيون في محاورتهم ودعوتهم , إن دعوة اولئك وهدايتهم للحق لولم يكن الإسلام يجبه ويقتضيه لكانت السياسة تطلبه وتستدعيه.
وأشار إلى أنه يزين للمغفلين تمزيق المجتمع إلى أشياع وأحزاب وفرق ومزع , ونحن في بلاد الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية لسنا في معزل عن العالم ولا بعد عن الحساد والأعادي وليست الأحوال واحدة ولا المواطنة متماثلة وإن كانت العامة من قد يجهل أو يستغل فإن هذه الظروف تستدعي الحزم والعزم والتصريح دون التلميح أن جناب الأمن والدولة والدين والوطن والاجتماع ووحدة الصف ليست مجالا للمساومة ولا عرضة للمناقشة إنها ليست مجرد خطوط حمراء بل هي خنادق من تعرض لها فيجب أن يحترق , فما دون الحناجر إلا الأيادي ولنا فيمن حولنا عبرة والعاقل من اتعظ بغيره , بلادنا بحمد الله أسست على تقوى من الله وشريعة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فهما دستورنا المسطور ومنهاجنا المأثور وفي كل مناسبة يؤكد ولاة أمرنا على التمسك بهما والالتزام بمنهاجهما , ولاشك أن الخطأ وارد والتقصير حاصل لكن الخطأ لا يعالج بالخطأ والمنكر لا يزال بما هو أشد منه نكرا , وقد من علينا برغد العيش والأمن في الأوطان والسلامة في الأديان وفجر كنوز الأرض وأسبغ علينا نعمه الظاهرة والباطنة بما لا يكاد يشبهه شيء على وجه الأرض .
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام (وتأسيسا على ما سبق فقد جاءت أوامر المليك الأخيرة تأكيدا لما صار عليه حكام هذا البلد من نشدان رغد للناس وحفظ أديانهم وحراستها على وجه لا يعرف له اليوم مثيل مما يستدعي تكرار الحمد والشكر لله المنعم ثم الشكر والدعاء لولاة أمر هذه البلاد وكيف وقد طلب خادم الحرمين الشريفين منكم الدعاء له فاللهم إرفع درجته وأعلي بالحق كلمته وأطل في طاعتك عمره وسدد رأيه وعمله وأتم عليه نعمتك وأسبغ عليه عافيتك).وأفاد أنه لايخفى ما يمر به العالم اليوم وبلادنا الإسلامية خاصة من حركات سياسية واضطرابات شعبية وفتن متلاطمة تتشابه صورها وتختلف أسبابها وأهدافها , تتدافع الحوادث وتتساوق حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا , والله وحده يعلم مآلات الأمور ومصائر الأمم وخبايا الدهور , ظروف وأحوال تتسارع أحداثها وتتسابق أخبارها وتدع الحليم حيرانا , والمعافى من عافاه الله , فتن لا يدري القاتل فيها لما قتل ولا المقتول فيما قتل هرج ومرج وخوف وقلق يستدعي من العقلاء حزما ومن العامة فطنة وفهما وكم من خائض بلا علم ومتكلم بلا فهم قد يذكي نار الفتنة وهو لا يشعر , الفتن تقبل أول ما تقبل ثائرة الغبار كثيرة الضجيج مشتبهة الحقائق مختلطة الوقائع لا يتبين فيها الطريق إلا من نور الله بصيرته وأصلح سريرته والتزم منهاج النبوة في التعاطي مع الأحداث , والله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند ورود الشهوات , وفي الفتن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (العبادة في الهرج كهجرة إلي) والدعاء مطلب ملح قال صلى الله عليه وسلم (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن) وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوما قال (اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم) وقد نهى الله عن نشر الشائعات وأمر برد الأمور إلى الشريعة وإلى العلماء . ودعا فضيلته أهل الحل والعقد من أهل الرأي والعلم والحلم والخبرة والدراية ممن تبين لهم وجه الصواب في هذه الفتن والنوازل إلى التدخل ليقولوا كلمتهم ويصدعوا برأيهم , لا ترهبهم سطوة السلاطين ولا ضغط الجماهير , يجب تلافي الأضرار والأخطار ومنع استشراء هذه الفتن واستمرارها والسعي إلى تحقيق المصالح ودرع المفاسد , وتقدير شر الشرين وخير الخيرين وعلماء كل بلد أدرى بحالهم , أما حين يعتزل العلماء والعقلاء الفتنة فلن تستقيم أمور الناس , صحيح أن من اعتزل الفتن سلم بيقين ولكن لمن يترك الناس ووسائل الإعلام تقود الأمة إلى مستقبل مجهول , الواجب الصبر والمصابرة ولزوم جماعة المسلمين والمحافظة على أمن بلاد المسلمين ووحدتها , وأن لا يكون المسلم معول هدم يوقع الفتنة من حيث يشعر أو لا يشعر , والله الله في الدماء إنها صيحة استنكار ونكير وتخويف بالله وتذكير من جوار الكعبة الشريفة وزمزم والمقام ألا يسفك دم ولا تثار فتنة واحذروا أن تتجه الرماح إلى صدور أهليكم ومواطنيكم , نداء إليكم من أمام الكعبة الشريفة حيث إهراق دم المسلم أعظم عند الله من هدمها , ولا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما , واعلموا أن أمة نزل البلاء في نواحيها واستهدفها العدو في دينها وأراضيها يجب أن تكون أبعد الناس عن اللهو والترف وأن تصرف جهودها وطاقتها للتقرب إلى خالقها وباريها وأن تخلص لله الدين وأن تقلع عن المعاصي والشهوات وتهجر الذنوب والمنكرات وأن تأخذ على يد السفهاء.
وفي المدينة المنورة أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم أن من أعظم مداخل أهل الباطل على المسلمين زعزعة الأمن في بلدانهم ، فإذا فقدوه انطفأت السبل ، وتفرقت الكلمة ، وحل الفقر ، وانتشرت الأسقام ، وسلبت الأموال والممتلكات ، وهتكت الأعراض ، وسفكت الدماء ، فيعم الجهل والخوف ، وينشغل الناس عن دينهم ، ويظهر أرباب البغي والإفساد ، وكل ما ابتعد الناس عن زمن النبوة ظهرت الفتن والمحن ، قال عليه الصلاة والسلام (إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اَللَّيْلِ اَلْمُظْلِمِ, يُصْبِحُ اَلرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا, وَيُمْسِي مُؤْمِنًا, وَيُصْبِحُ كَافِرًا) والثبات في مدلهمات الحوادث والأزمان عزيز ، ولا تظهر فتنة إلا ويسقط فيها رجال ، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بالتعوذ من الفتن قبل ظهورها وعند نزولها .
وقال الشيخ القاسم في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد النبوي إن من دواء الفتن عدم الخوض فيها وترك الأمر لأهله من الولاة والعلماء لعرضها على الكتاب والسنة ، قال تعالي (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) مبيناً أن الفتنة إذا أقبلت عرفها العلماء ، فإذا أدبرت عرفها العامة ولكن بعد الفوات ، والعلماء هم ورثة الأنبياء ولا غنى للحاكم والمحكوم عنهم في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ، فالله أمر بسؤالهم في جميع الأحوال ، فهم بأمر الله أمان للمجتمع من الفوضى والتطاول على الحاكم ، وهم الناصحون لولي الأمر المذكّرون له بما يرضي الله ، فمن أسس هذا الدين النصيحة لكل فرد وإن علا ، قال صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) وقد سلك السلف الصالح السبيل الأقوم في النصح للحاكم على ما جاء به الكتاب والسنة من غير تشهير به ولا تنقيص ، فهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب رؤساء العشائر والقبائل .
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن من تعظيم الإسلام للجماعة أنه أمر بقتل من أراد تفريقها ، ولا دين إلا بجماعة ، ولا جماعة إلا بإمامة ، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة ، وقد أدرك الصحابة رضي الله عنهم ذلك ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذهبوا إلى سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة له عليه السلام ، ولما بايعو أبابكر رضي الله عنه عادو إلى تجهيز الرسول صلي الله عليه وسلم من غسل وتكفين ودفن ، فقدموا اختيار الخليفة على دفنه صلى الله عليه وسلم لعلمهم أن المجتمع لا يصلح ولو ساعة بلا وال ، موضحاً في ذات السياق أن من معتقد أهل السنة والجماعة طاعة ولي الأمر بالمعروف وإن كان ظالماً ، ومن رأى من وليه تقصير أو ظلم فهو مأمور بالصبر على بغيه ، منهيّاً عن معصيته والخروج عليه ، وعلى هذا النهج العظيم سار سلف هذه الأمة .
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن الإسلام جاء بدرء كل مفسدة عن الأفراد والشعوب ليبقى الجميع يداً واحدة متلاحمة ، نابذين كل فرقة واختلاف ، فأخذ بهذه القاعدة علماء أهل السنة والجماعة ، فاجتنبوا الشذوذ والخلاف والفرقة ، ونهوا عن كل وسيلة تدعو إلى منابذة السلطان أو الخروج عليه ، والصحابة رضي الله عنهم أجمعو على تحريم هذا ، فكل تظاهر ، سواء كان بسلاح أو خلا من سلاح ، فهو محرم في ديننا ، وأجمع العلماء على تحريم الخروج علي ولاة الأمر وإن بدر منهم ظلم أو قصور ، مشيرا إلى أنه لم يخرج أحد على إمامه إلا وقد ندم ، وكان مفسدة خروجه أعظم من الصبر عليه ، وما خرج أحد على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولّد على فعله من الشرّ أعظم من مما تولّد من الخير .
ومضى الشيخ القاسم يقول إنه في حشد الناس والتنادي بجمعهم والتكالب ضد إمامهم شتات لشمل الأمة ، وتفرّق لكلمتها ، وإثارة للفتن والفساد ، ويوقعها في خنوع وكروب وجوع وحروب ونهب وسفك دماء وتحقيق لغاية الأعداء ، ومن يتحمّل إثم سفك الدماء والقتل وترمّل النساء وهتك الأعراض وسلب الأموال ونهب الخيرات ، فكل تظاهر على الحاكم فهو محرم وإن أذنت به أنظمة وضعية لمخالفتها لما جاء به الإسلام ، ولما كانت هذه البلاد بفضل الله محكّمة لشرع الله عز وجل ، مستنيرة بآراء العلماء , عم فيها بفضل الله الأمن والرخاء ، وخابت فيها ظنون الأعداء ، وتلاحمت فيها يد المحكوم مع الحاكم .
وفي نهاية خطبته خاطب إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين قائلا (أيها المسلمون إن دين الإسلام دين اعتدال وأمان ، موافق للفطرة والعقول ، ولا ينفع للشعوب سوى الإسلام ، فبه الأمان والسكينة وهو وقاية من الفرقة والاختلاف ، وإذا سلكت الشعوب منهج أهل السنة والجماعة في معتقداتها مع خالقها ومعاملتها مع الخلق اطمأن الراعي والرعية ، فلا خروج ولا فوضى ولا اضطراب ، وإذا ابتعد الناس عن الدين دخلت الأهواء في النفوس ، واختلفت الآراء ، وتفرقت الكلمة ، وعم البلاء ، وفي زمن الفتن يتأكد العلم الشرعي وتغرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة والشباب والكهول ، لتكون درعاً حصيناً في وجه أهل الباطل وشهوات الأعداء ، ومما يديم نعمة الأمن والرخاء لدى الشعوب الإكثار من أنواع الطاعات ، وأحب عبادة إلى الله عز وجل إفراده بالعبادة ونبذ الإشراك به ، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسس إصلاح المجتمع وترسيخ هيبة السلطان في رعيته ، ومما ينزل السكينة على الشعوب ويجعلها تنبذ الفوضى والاضطراب قراءة القرآن الكريم) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.