في سابقة غير معهودة أن يجتمع 255 عالما ومن ضمنهم 11 من الحائزين على جائزة نوبل من أعضاء الأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية، وأطلقوا وثيقة استنكار ضد المشككين بنزاهة العلوم والأبحاث المتعلقة بتغير المناخ، تم نشرها في صحيفة الجاردين البريطانية بتاريخ السادس 6 من مايو 2010، وموثقة في السابع 7 من مايو في مجلة العلوم الأمريكية (AAAS) وعدة مواقع معنية بالمناخ، يأتي هذا التنديد التضميني والتشبيهي لوقف الرجوع لعصر تهديدات جون ماكارثي لمناهضة الشيوعية الواقع في حقبة الخمسينيات s1950 (End to McCarthy-Like Threats) الذي يتعرض له زملاؤهم من علماء المناخ، في استشعارهم أن العلماء يواجهون هجمة شرسة من إساءات مبطنة وملاحقات وتحقيقات ومساءلات ومطالبات بالتجريم، على خلفية تسريب معلومات عن أبحاث تغير المناخ ل 13 عاما مضت من عام 1996 إلى 2009 لمجوعة رسائل بريدية (ايميلات) بحجم 160ميجابايت تقريبا تفوق الألف (1000) رسالة بريدية (ايميل)، مع ما يزيد عن (3000) وثيقة، كما تنقلها الواشنطون بوست، تم نسخها في نوفمبر من العام المنصرم 2009 عن طريق لصوص الحواسيب الهاكر من وحدة أبحاث المناخ (CRU) في جامعة ايست أنجليا البريطانية (UEA)، والتي قامت عليها ضجة كبيرة بعد تسريب المعلومات تلك عبر الشبكة العنكبوتية، وفضح نزر قليل من الايميلات وإبرازها على أن معلوماتها تبين الخداع والتعظيم لقضية الاحتباس الحراري. التقارير الواردة ونتائج التحقيقات التي تنقلها مواقع الجامعات المعنية بالقضية والصحف الغربية العريقة كالجاردين والواشنطون بوست ونيويورك تايمز وغيرهم، يشيرون إلى أن هناك أربعة من العلماء والمختصين بالمناخ الواقعين في دائرة الاتهام والمشمولين بشكل أعمق بين ثنايا الايميلات المسربة من إرسال واستلام؛ واحد منهم وهو محور القضية ورئيس وحدة أبحاث المناخ CRU في جامعة UEA المدعو فيل جونز، وقد تم عزله عن منصبه إلى حين المراجعة والتحقيق في الأمر من عدة مؤسسات ولجان متخصصة، والذي لم يثبت عليه من خلال نتائجهم المعلنة خلال الربع الأول من هذا العام التلاعب بالمعلومات وأن سمعته لازالت سليمة ونزيهة، وآخران ضمن المحور هما تيم أوسبورن (مودلر حاسوبي للمناخ) ومايك هيوم ( رئيس مركز تندال لأبحاث تغير المناخ)، والمحور الرابع الخبير المناخي والملقب مايكل مان من جامعة ولاية بنسلفانيا (PSU)، وهو الأهم في القضية من جهة أخرى مقابلة للأول في اتهامه من خلال بعض مراسلاته مع زملائه في أبحاث المناخ في قضية التسريب الهاكر على CRU، ويعد مايكل مان أحد مؤسسي الرسم البياني للحرارة هوكي ستيك (Hockey Stick Graph)، وقد رفض التهم الموجهة له ولزملائه، مشيرا إلى تحريف الحقائق العلمية في الوثائق المسربة والمراسلات، وقد تمت تبرئته من الجامعة PSU في شهر فبراير 2010، إلا أن القضية بقت تحت نظر المحقق كين كونسيليني بما يخص الفترة السابقة لعمل مايكل مان في جامعة فيرجينيا، في النبش في الماضي وإثارة الشكوك حول تهرب وغش الأخير في دفع ضرائب الأبحاث، رغبة منه الاعتلاء حاكما للولاية في الانتخابات، وهو ما تتهمه به الجمعية الأميركية لأساتذة الجامعة (AAUP) في استغلاله الوضع المتأزم للخروج بنتائج تدعمه في حملته، إضافة لتضمين الجمعية وتحذيرها من صدى عصر تهديدات جون ماكارثي لمناهضة الشيوعية. الحالة المهزوزة التي مرت منذ سرقة المعلومات إلى اتهام AAUP للمحقق كين، تشير إلى بداية شبه انفلات الثقة العلمية والأكاديمية، وهي تعكس عن قرب مدى الرغبة الحقيقة في إعادة الوضع إلى سابق عهده من خلال الوثيقة المبرمة الأخيرة من أعضاء الأكاديمية الوطنية للعلوم الأمريكية، وهي تحكي الكثير من السرد الدفاعي عن نتاج العلماء والنظريات التي يتبعونها في قضية تغير المناخ، في رؤية متداخلة بين التأييد للتوجهين معا اللذين يتبعانه العلماء، الأول بما يتعلق بامتداد وتوسع الكون منذ بداية تكوينه من الذرة المفردة أو البيضة الكونية المتناهية الصغر (Singularity) تلك النقطة المفردة التي جاء منها الكون بعد انفجارها كما يزعمون في نظرية الانفجار الكبير (Big Bang Theory)، والتي يبني البعض عليها التغير المناخي من جهة، وقناعتهم بصحتها إلى حين ثبوت خطئها، في تبرير غير منطقي في حقيقته وغير مقنع لجوابهم أن أصلها وأساسها أي النقطة المفردة يكمن في جوهرها، وهو ما يراوح في تفنيدها البعض باتهام معتقديها محاولة الرجوع إلى خلق الكون من الطبيعة في الفرضية الإلحادية عند داروين بالطرق العلمية، وأخذ البعض في توجيه نفس الاتهام لتجربة سيرن (CERN) في المختبَر الأوروبي لفيزياء الجسيمات، والواقع في منطقة الحدود المشترَكة بين فرنسا وسويسرا في زيادة سرعة حزمة من الجسيمات بالاستعانة بأعلى طاقة ممكنة داخل “مصادِم (أو معجِّل أو مسرِّع) (Large Hadron Collider (LHC)) للجسيمات من أجل تهشيم البروتون أحد مكونات النواة في الذرة التي تم تهشيمها من قبل والذرة أيضا لمحاكاة “الانفجار العظيم” الذي منه وُلِدَ الكون، وآخرون نفوا التشبيه بالانفجار العظيم؛ لان التهشيم يخالف ما تضمنته نظرية الانفجار التي تتحدث عن هيئة الكون بعد الانفجار بنحو ربع ثانية، وبغض النظر عن المغزى الذي يتخذه البعض، إلا أنه مدخل جديد وأفق علمي فيزيائي كبير دخل فيه القرن 21، أما التوجه الآخر الذي ذُكر في الوثيقة، هو القناعة في مشاركة الإنسان في التغير المناخي بالتزامن مع التوجه الأول في زيادة التأثير على المناخ، وأن العلماء من خلال أبحاثهم لا يجدون بُدا في إخفاء بعض المعلومات لحين التثبت من صحتها، وهم معرضون للخطأ كأي بشر في الاجتهاد ومحاولة الوصول إلى الحقيقة، بل لا يمكن ومن الخطأ أن يكون هناك فرض لرأي واحد مما هو ضد العملية البحثية والإبداعية، والدليل الذي يستند عليه العلماء في تبرئة المتهمين يكمن في موضوع التصدي لتهم الإخفاء المقصود والمراوغة أو الخدعة التي انتشرت إبان التسريب من خلال التركيز على وثيقة واحدة من وثائق جامعة UEA، والتي كانت بسبب إزاحة نقاط منخفضة خارج الرسم البياني هوكي ستيك للحرارات، وبالتعظيم والتهويل في التلاعب بها لتحريف الحقائق من قبل CRU كما حُوِّر وانتشر، وهو ما ينفيه العلماء ويبررونه بعمليات معالجة البيانات واختزالها في تجاهل النقاط الخاطئة والمشكوك في صحتها.