يشهد المناخ الذي تعيش فيه المجموعات العرقية في البوسنة والهرسك تسمما بعدما عادت من جديد قضية تقسيم البلاد إلى مائدة النقاش، وذلك وفقا لما ورد في تقرير صحفي امسالاثنين. ويعكس قول الزعيم المسلم سليمان تيهيتش نهاية الأسبوع المنصرم:”إذا لم نتوصل لاتفاق فلن يبقى إلا خيار الحرب” فى هذه الأجواء المسممة. ويأتي هذا التصريح بعد فشل اللقاء الذي كان مقررا بين المسلمين والصرب والكروات للتباحث بشأن تعديل الدستور. ورغم أن رئيس البوسنة تيهيتش سارع لطمأنة مستمعيه مستدركا بالقول:”وهذا ما لا يريده أحد”، إلا أن هذه كانت المرة الأولى التي ترد فيها كلمة الحرب بشكل صريح بعد هذا الشوط الطويل من السلام. كان انسحاب رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك من اللقاء الذي جمعه مع تيهيتش و ممثلي الكروات في مدينة موستار البوسنية سببا في إلغاء الاجتماع رغم ما علق عليه من آمال عريضة. وكانت شروط دوديك التي حاول فرضها على مسلمي البوسنة تعجيزية بشكل يجعل من المستحيل على مسلمي البوسنة قبولها بأي حال من الأحوال لأن دوديك طالب بمنح الصرب حق الاعتراض “الفيتو” في جميع القرارات الهامة في البوسنة أسوة بالمسلمين والكروات. بل إن دوديك طالب بأن يسمح الدستور المعدل للجزء الصربي من البوسنة حق الانفصال عن البوسنة التي لا يتعدى سكانها أربعة ملايين نسمة. وأعرب دوديك عن تشاؤمه بشأن مستقبل التعاون مع البوسنة قائلا بصراحة:”بعد كل ما حدث لم أعد أؤمن بالبوسنة”. وعلى الجانب الآخر كان المسلمون قد تقدموا بدعوى لدى الهيئات البوسنية التي تخضع لسيطرتهم يتهمون فيها دوديك بالرشوة و باختلاس 72 مليون يورو. ورد دوديك على هذه الدعوى بالقول يوم الأحد إنها تمثل عدوانا سياسيا على وجود جمهورية صربيا في البوسنة. كما كرر دوديك للمرة الثانية تهديده بإجراء استفتاء في الإقليم الصربي ليخير سكانه بين الانتماء لصربيا أو البوسنة قبل أن يعلن انفصال هذا الجزء عن البوسنة. ولم تتراجع ضراوة العداوة بين مسلمي البوسنة الذين يمثلون نحو 50% من السكان و الصرب (33%) والكروات (15%) منذ انتهاء الحرب الأهلية بينهم والتي استمرت من عام 1992 حتى عام .1995 ويبدو أن الصواب قد جانب القائد المسلم تيهيتش عندما وصف الوضع الحالي بالقول أمس إن هناك رؤى غير قابلة للالتقاء للمجموعات العرقية الثلاث، تماما كما كان الوضع قبل اندلاع الحرب الأهلية الوحشية.