انتهى عصر "إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب"، وبدأ عصر المسؤولية المشتركة، وعصر الشفافية مع المراجعين، وعصر محاسبة المقصرين، لقد بدأنا عصر "إذا كان السكوت من ذهب فالكلام من ألماس"، عصر يجب أن نكرر فيه الكلام، مرة واثنتين وثلاثاً، حتى يتضح، وحتى تفهم الناس كامل الحقيقة. الخطأ في عدم الرد على ما تنشره وسائل الإعلام أمر معروف لأنه ببساطة يخالف الأمر السامي، وبذلك يعتبر مخالفة إدارية عابرة، ولكن كم لدينا من مخالفات لم يسأل عنها أحد، ولم ينتبه لها أحد، فماتت، لكن اعتبار السكوت عن الرد على وسائل الإعلام المحلية، جريمة إدارية، والنظر إليه على أنه بداية مشروع فساد إداري، هذا أمر جديد يستحق المناقشة والشكر. فقد لفت إنتباهي مؤخراً إخضاع هيئة الرقابة والتحقيق المتحدثين الرسميين في الوزارات والمصالح الحكومية الممتنعين عن الرد على وسائل الإعلام للاستجواب؟ بالطبع يأتي تحرك فروع هيئات الرقابة والتحقيق تنفيذاً وتفعيلاً لمقتضى الأمر السامي الكريم، ويشير الخبر إلى أن تساؤلات كتاب الرأي في الصحافة المحلية يجب أن تخضع للاستفسار الفوري من الجهة التي يشير إليها الكاتب وذلك، لمعرفة الإجراءات التي تمت من الجهة للرد عليها بشكل واضح وحقيقي، ويؤكد الخبرأن جميع ما ينشر في وسائل الإعلام يتم رصده داخل فروع الهيئة لمتابعة الردود. إذا صدقت هيئة الرقابة والتحقيق في هذا التوجه، ومع تقديرنا لهذه الخطوة، فنحن أمام عدد من الإشكاليات عند التنفيذ، الأول كم الوقت المناسب والمنطقي، الذي تنتظره الهيئة للرد قبل اعتبار السكوت جريمة؟ وثانياً ليس كل ما ينشر في وسيلة إعلامية يتم الرد عليه في نفس الوسيلة، فيجب على الهيئة مراقبة كل الوسائل، منعاً للإحراج، وثالثاً ليس كل ما ينشر صراحة يرد عليه بنفس الصراحة ولكن أحياناً يتم إعداد الردود بصورة عمومية، خصوصاً إذا كان المتحدث الرسمي إعلاميا مخضرما، ورابعاً لو كان الخبر يحتمل التأويل، ورفعت الجهة الحكومية قضية أخلاقية ضد الكاتب؟ يجب على الهيئة أن تنتصر له، وتدافع عن براءته، لأنه كان مجرد وسيلة لبيان الحقيقة للجمهور.