يتابع الجمهور سنوياً تقارير فوربس، لأغنى عشرة في العالم، وأغنى عشرة في العرب، ويقولون ياليت لنا مثل ما أوتي قارون؟ ومن أشهر كتب الاقتصاد العالمي، كتاب أغنى رجل في بابل، الذي يعتبر مرجعاً في الاقتصاد، للمؤلف جورج كلاسون، كتبه قبل قرن من الزمان، يحدد فيه مواصفات أغنى رجل، فيه ثلاث خصال ذهبية، يعيش بنفقات أقل مما يكسب، ويطلب النصيحة من المؤهلين والخبراء، ويجعل المال يعمل لصالحه، لذلك يحذَّر الاقتصاديون اليوم من إهمال الادخار، والعيش بنفقات أكثر مما نكسب. إن إطلاق العنان لطلبات القروض الاستهلاكية أصبح ثقافة سائدة، في ظل توجه البنوك بشكل كبير إلى رفع مخصصاتها الائتمانية لجذب المزيد من عملاء القروض، مما يجعل الجميع يريد أن يعيش بنفقات أكثر مما يكسب، ويستفيد من التسهيلات البنكية المغرية، لذلك لا نتعجب، عندما أعلنت البنوك أن صافي أرباحها للربع الثاني من هذا العام هو 10 مليارات ريال، أي خلال 3 أشهر فقط، وهذه جاءت بشكل كبير من الديون، أو ممن يريد أن يعيش بنفقات أكبر مما يكسب. بلغ حجم القروض الاستهلاكية، حسب تقرير مؤسسة النقد، خلال نفس الفترة 277 مليار ريال، مما يوضح أن هناك علاقة مضطردة بين تشجيع الناس على الاقتراض، وهو ما تقوم به البنوك بكفاءة، وبين تعظيم الأرباح الصافية لهذه البنوك، مما يسبب الغنى الفاحش لفئة قليلة والفقر المدقع للأغلبية. هذا الفخ ينذر بمخاطر على الاقتصاد، زيادة القروض وتراكمها وأثرها السلبي على المجتمع والاختلالات التي تحدثها للاقتصاد مثل تنامي الاقتصاد الخفي وظهور بيوت تمويل عشوائية سواء على مستوى الأفراد أو المنشآت، لإنقاذهم من القروض بقروض أخرى، وتنتهي بالعجز عن السداد الذي يسبب تفكك المجتمع والوقوع في أزمة مالية تشبه ما حصل في أمريكا ومنطقة اليورو. وفقاً لبيانات مؤسسة التأمينات الاجتماعية للسعوديين المسجلين لديها فإن 58% رواتبهم أقل من ثلاثة آلاف ريال، وهؤلاء بحاجة للقروض، وموظفو الدولة نصفهم في المراتب الدنيا، وهؤلاء بحاجة للقروض، لذلك ستظل سياسة الإقراض الشخصي متسيدة، إلى حين.