لعل البعض ما يزال يذكر مقال أبراهام بورج - رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق ورئيس الوكالة اليهودية السابق أيضًا - في "الجارديان" البريطانية قبل نحو تسع سنوات بعنوان "نهاية الصهيونية" الذي اعتبر فيه أن الكيان الصهيوني أصبح على شفا الانهيار، بعد أن أصبحت إسرائيل دولة بلا قانون تقوم على الفساد والظلم، مؤكدًا على أن دولة بلا قانون لا يمكن أن تعيش. بورج عاد يوم الخميس الماضي يؤكد في مقال جديد له في "الجارديان" أيضًا تحت عنوان "أنا صهيوني لكنني مع المقاطعة" على أنه وسط الظلام الدامس الذي يخيم على عملية السلام في الشرق الأوسط أصبح بالإمكان رؤية شعاع من النور يلوح في الأفق، في إشارة إلى تنامي فاعلية سلاح المقاطعة لإسرائيل الذي تتبناه بريطانيا منذ بضع سنين، وإمكانية أن يشكل هذا السلاح ورقة ضغط فاعلة لوقف الاستيطان الذي يعتبر العائق الأكبر أمام عملية السلام. وهو يوضح فكرته تلك بالقول إنه منذ العام 2009 شرعت بريطانيا في تطبيق إجراءات في ضوء قوانين حماية المستهلك الأوروبي للتأكد من أن بضائع المستوطنين التي توضع على رفوف السوبرماركات البريطانية لا تحمل الملصق "صنع في إسرائيل"، لأن تلك المستوطنات تقع خارج نطاق الخط الأخضر، الأمر الذي يعني عدم شرعيتها، وأنها محاولة لمحو الخط الأخضر، واعتبر بورج أن التسليم بأن تلك المستوطنات التي تقع في المناطق الفلسطينية بأنها جزء من إسرائيل، ينطوي على قدر كبير من التضليل. أشار الكاتب في مقاله أيضًا إلى إمعان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في العمل على محو معالم هذا الخط، معتبرًا أنه ليس من العداء للسامية أو لإسرائيل في شيء القول إن المستوطنين وأنصارهم من مسؤولي الحكومة الإسرائيلية، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، هم الأعداء الحقيقيون لمستقبل إسرائيل المهدد بالفناء. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مقال بورج هذا الذي يؤيد فيه مقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية جاء على إثر اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي (مايو 2012) الذي أبدت فيه عدة دول أوروبية، ومنها الدانمارك، استعدادها لاقتفاء أثر مبادرة المقاطعة البريطانية. واعتبر بورج أنه على عكس ما يظنه البعض، فإن الدول الأوروبية عندما تتخذ مثل هذه المواقف فإنها في واقع الأمر تخدم مصالح إسرائيل وتعزز الخط الأخضر: أي الحد الفاصل بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية التي تحتلها، وهو ما يمكن أن يخدم عملية السلام التي تقوم على أساس حل الدولتين.