الراجحي يدشن صالونه الأدبي الموسمي ويحتفي بضيوفه بمنتجعه بالرياض    رسالة سعودية: لا "لاحتكار الجنوب" ولا لفرض الأمر الواقع في "حضرموت والمهرة"    اجتماعات برلين تعيد التفاوض بين أوكرانيا وروسيا    جنوب السودان وكردفان تحت ضغوط المناخ والصراع    مسلح يقتل شخصين ويصيب تسعة في جامعة أميركية    أخضر "تحت 23" يهزم الإمارات ويبلغ نهائي الخليج    ‫رينارد: علينا التركيز والحذر    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس جمهورية الصين الشعبية تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين    تعليم منطقة الباحة يعلن تعليق الدراسة يوم غدٍ الاثنين    شقيق الإعلامي علي العكاسي في ذمة الله    جناح إمارة منطقة تبوك يوثق تنوع الإرث الطبيعي والتاريخي في معرض وزارة الداخلية بمهرجان الإبل    الوسط الثقافي يفجع برحيل صاحب الحزام    فقدان السمع مبكرا لدى المراهقين    مدير شرطة منطقة جازان يقدم التعازي لشيخ قبيلة العكرة في وفاة شقيقته    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الصين    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات على نفقة سموه الخاصة    الأمير سعود بن نهار يطلق جائزة الطائف للعمل المجتمعي والتطوعي في دورتها الثالثة    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة الأردن في نصف نهائي كأس العرب    شراكة مجتمعية بين أمانة القصيم وجمعية ماء    الأمير سعود بن نهار يُدشّن مشروع الحافلة الذكية لشركة الاتصالات السعودية بالطائف    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    أمير جازان يستقبل رئيس النيابة العامة بالمنطقة    المملكة تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في مدينة سيدني الأسترالية    ديبورتيفو ألاهويلنسي الكوستاريكي يتوّج بلقب النسخة الثانية من بطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على شخص لترويجه 11كيلو جرامًا من نبات القات    جدة والرياض.. بنية رياضية تعزز جاهزية كأس آسيا تحت 23 عامًا 2026    42 ميدالية سعودية في آسيوية الشباب البارالمبية    حضورٌ دوليٌّ رفيع في المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الأمم المتحدة للحضارات بالرياض    استعدادت لانطلاق النسخة الأولى من المؤتمر الدولي للأوقاف    هيئة الربط الكهربائي وجمعية طاقة مستدامة توقعان اتفاقية نحو مستقبل طاقة مستدام    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    مدينة الملك سعود الطبية تدشّن اليوم العلمي الأول لزراعة الأسنان لعام 2025    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    حركة الوجود    الغرور العدو المتخفي    لا تكن ضعيفا    رئيس بلدية صبيا يواصل المتابعة الميدانية لسير العمل في مشروع الكوبري    السجل العقاري يدعو الملاك لاستكمال التسجيل قبل 19 مارس 2026    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    أثر الذكاء الاصطناعي: لماذا مستقبل العمل هو الإنسان والآلة    أمير الرياض يستقبل رئيس المحكمة الجزائية المعين حديثًا بالمنطقة    محافظ الأحساء يكرّم عددًا من ضباط وأفراد الشرطة لإنجازاتهم الأمنية    تجمع القصيم الصحي يحصد ثلاث جوائز وطنية في الرعاية الصحية المنزلية لعام 2025    فهد الطبية الأولى عالميًا خارج الولايات المتحدة كمركز تميّز دولي لعلاج الجلطات الرئوية (PERT)    البحري شريك استراتيجي لمبادرة ويف لدعم تعافي المحيطات والنمو البحري المستدام    استمرار هطول الأمطار.. والدفاع المدني يحذر    كورال المركز الوطني للفنون المسرحية في الصين تقدم عروضا في مركز إثراء بالسعودية    مانشستر سيتي في اختبار صعب أمام كريستال بالاس    وسط حصيلة متزايدة لضحايا غزة.. استشهاد فلسطيني متأثرًا بجراحه في خان يونس    وسط انتقادات واشنطن لقرار أممي.. مؤتمر دولي لبحث إنشاء «قوة غزة»    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    تعزيز الأمن الغذائي المستدام    ضبط 19.5 ألف مخالف    يسرا اللوزي تستعد بمسلسلين لرمضان    أمسية شعرية وطنية في «جدة للكتاب»    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً    العزاب يغالطون أنفسهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية وراء كل متسوّل
نشر في المدينة يوم 11 - 04 - 2012

مايدور بشارع لدينا، يجعلك تتوقف كثيراً ، تارة تدمع عينك حزناً على ماتراه وأخرى تفقد السيطرة على أعصابك أمام إلحاح المتسوّلين، فمن خلال حديثنا مع بعض المتسوّلين والمواطنين والمسؤولين وجدنا أن السعوديين والسعوديات لا تتجاوز نسبتهم 1% من المقبوض عليهم في مراكز إيواء المتسوّلين و 99% منهم غير سعوديين ويقيمون داخل البلاد بطريقة غير نظامية، فنسبة المحتاجين بينهم لا تتجاوز 2% فيما نجد الباقين يمتهنون التسوّل لأنها تدرّ مبالغ خيالية عليهم، ولعل ما يثير القارئ الكريم ما قاله أحد المسؤولين: بأنهم يجدون البعض من المتسوّلين داخل أحياء وشقق جيدة ولديهم أثاث فاخر!! ما قاله المسؤول يؤكد ماحدث للمواطنة التي وجدت أن مَنْ تتبرع لها غير محتاجة وهي أغنى منها، تحزن كثيراً عندما تجد المواطن هو المساهم الأول في نقلهم وتوفير السكن لهم والمتصدق عليهم بل يجعلك تسأل نفسك: هل نحن شعب ساذج ؟ القضية تجعلني أتكلم باسهاب لكنني أريد منك عزيزي القارئ أن تسرح بخيالك مع قصص هؤلاء المتسولين وتصرفات بعض المواطنين فإلى الحصيلة التالية :
في البداية يقول الشيخ صالح بن محمد الجبري خطيب جامع أم الخير أن الرسول صلِّى الله عليه وسلم غرس في أصحابه عزة النفس وعلو الهمة، والترفع عن دنايا الأمور، فحثهم على أن تكون يدهم هي العليا، استعفافاً عمّا بأيدي الناس، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفد ما عنده قال: «ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله، ومن يتصبّر يصبّره الله، وما أعطي أحد من عطاء أوسع من الصبر»
وذكر الجبري أن الأمر وصل بالنبي صلِّى الله عليه وسلم أن جعل عدم سؤال الناس ضمن المبادئ التي يبايع عليها أصحابه رضي الله عنهم، فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: « كنّا عند رسول الله صلِّى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة، فقال: «ألا تبايعون رسول الله صلِّى الله عليه وسلم٬ ولنا حديث عهد ببيعة، قلنا: قد بايعناك! حتى قالها ثلاثاً، وبسطنا أيدينا فبايعنا، فقال قائل: يا رسول الله، إنا قد بايعناك فعلام نبايعك؟ قال: «أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وتصلوا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا» وأسرّ كلمة خفية، قال «ولا تسألوا الناس شيئاً» وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلِّى الله عليه وسلم قال : من يتكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاَ وأتكفل له بالجنة؟ فقال: أنا يا رسول الله فقال: لا تسأل الناس شيئاً، فكان لا يسأل أحداً شيئاً.
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل سؤال الناس وعنده ما يكفيه حرام على المسلم، لما في ذلك من تعريض النفس للهوان والمذلة.
فإذا كان سؤال الناس بوجه عام بهذه الصورة، وغير حاجة بهذا الترهيب النبوي فكيف بنا ونحن نسمع حكاية عيسى المتسول و هى الأكثر غرابة بين رفاقه الذين يضمهم مركز ايواء الاطفال المتسولين بل كانت الصدمة كبيرة حين أصرّ عيسى على ألا يفتح فمه ويكمل حكايته إلا إذا أخذ ريالاً هذا يعنى فى أبسط دلالاته أن « عيسى» قد تدرب تدريباً مؤسسياً على أن يستغل كل الظروف من أجل جمع كل المال لكى يرضى عنهم من يقوم على تشغيله فى التسول والصّادم فى الأمر أنها كانت أمه!!. وقبل العودة إلى تفاصيل حكاية عيسى التى حتمًا تختلف عن حكايات الآخرين بحكم التنوع فى الخبرات والجغرافيا والجنس وطرق التسول التى لا تفتقر إلى أفكار خلاقة .. توجد ثمة تساؤلات مشروعة من قبيل : هل نحن شعب ساذج لا يدرك هذا الخيط الرفيع بين حب الخير والاستغفال .. وبين الرغبة فى مساعدة الآخر والتورط فيما يمس أمن الوطن وبين السعى للتربح وارتكاب المخالفة التى ربما لو توقفنا قليلاً قبل الاقدام عليها لاعتبرها ضميرنا أقرب ل « الخيانة» العظمى . لنؤجل التساؤلات إلى أن نقرأ الحكايات:
كريم واكرم ومهربان سعوديان
كريم لا يزال يذكر مشهده، هو وتسعة آخرين من بينهم شقيقه الأكبر أكرم.و حين امتطوا ظهور الحمير وعبروا الحدود إلى جازان ليدفع كل منهم خمسين ريالاً للمهرب ... كان ذلك بالنسبة له هى المرة الأولى أما أكرم فقد دخل المملكة قبلها ست مرات لهدف واحد وهو التسوّل .. وفى جازان كان بانتظارهم رجل سعودى اتفق معهم على تهريبهم إلى جدة ب2000 ريال .. أما وسيلة التهريب فكانت شاحنة محملة بملابس وبطاطين اندس المتسوّلون العشرة وسطها حاملين مؤونة الطريق ليصلوا إلى حى الرحيلى بجدة بعد 12 ساعة الذي يعرف مخارجه ومداخله أكرم
العصابة في منزل سعودي
انصرف الآخرون وانضممت أنا وأخى إلى 11 فتاة أعمارهن بين 3 و17 سنة إحداهن متزوجة ومعها طفلة تركهما زوجها حين قبض عليه وهو يتسوّل ، استأجرنا من رجل سعودى بيتاً شعبياً وبدأنا العمل فى اليوم التالى .. انقسمنا إلى فريقين الاول يعمل من الثالثة عصرا إلى الثالثة فجراً .. والثانى فى الفترة المتبقية من اليوم.. وتوزعنا كل ولد مع فتاة وكان أخى الأكبر مع البنت المتزوجة يعملان معاً وينامان فى غرفة واحدة مع طفلتهما، سألته عن حصيلة يوم عمل فقال : البنت يتراوح دخلها ما بين 900 إلى 1200 ريال أما الولد فيعود آخر اليوم ومعه من 300 إلى 700 ريال.
من التسوّل إلى السرقة
نظرت إليه استحثّه أن يكمل فقال : بعد ثلاثة اشهر عمل اقترحت علينا احدى البنات أن نسلب محافظ الناس الذين نتسوّلهم، اقتنعنا وقمنا بتطبيق الفكرة على الفور وملخصها أن نستوقف الشخص فإذا استجاب لنا وأخرج محفظته وأعطانا ثم اعادها إلى جيبه نقوم بنشلها بولقد قبض علينا الأمن وبحوزتنا 14 ألف ريال كانت حصيلة يوم واحد .
لا نقاط تفتيش
معاذ دخل المملكة مشياً على الاقدام .. كانت معه والدته اتجها إلى جدة فى سيارة أخذ صاحبها أربعة آلاف ريال واتفق معهما أن يقولا أنهما عائلته فى نقاط التفتيش .. وطوال الطريق إلى جدة لم تستوقفهم أى نقطة تفتيش .. وعندما وصلا كان أقاربهما قد جهزوا لهما سكناً دفعوا ايجاراً له 500 ريال كل شهر .. وظل معاذ ووالدته يعملان فى أمان عاماً كاملاً إلى ان عاد يوماً من اشارة المرور التى يتسوّل بجوارها ليجد أن أمه ليست فى قبض عليها غادر السكن على الفور حين لجأ لزميل له يعمل فى نفس الاشارة فسكن معه ثلاثة اشهر كان يكسب فيها يومياً ما يتراوح ما بين 200 و300 ريال.
عيسى هو آدم
عدنا إلى عيسى البالغ 14 عاماً لم نفهم من كلامه سوى كلمة أمى التى كان يصرخ بها وهو يعرّى ظهره..جاء من نيجيريا مع احدى السيدات وأربعة أطفال قامت عصابة هناك بتشويه أطرافهم وزوّدتهم بجوازات سفر مزورة وتأشيرة حج مزورة أيضاً... ومعهم السيدة التى يقول عنها أنها أمه وهى فى الحقيقة ليست كذلك وصولا إلى مكة لتتولى تشغيلهم بجوار الحرم المكى مشترطة على كل منهم أن يعود اليها بألف ريال والا فمصيره الضرب على ظهره وأطرافه.. ويقضى نظام العمل - الذى تطبقه زعيمة العصابة وتراقب تنفيذه بشكل صارم بألا يشترى الطفل من دخله طعاماً أو شراباً لكن لا مانع من أن يتسولهما .. ويتذكر عيسى أن أقل مبلغ حصل عليه يوماً كان 500 ريال ويومها خضع للعقاب الشديد أما أفضل دخل فكان 1300 ريال.. وظل عيسى يعمل لمدة ثمانية أشهر قبل أن يقبض عليه وكانت حصيلة الأشهر الثمانية 185 ألف ريال!.
المفاجأة جاءت على لسان عيسى فقد سبق له أن دخل المملكة لنفس الغرض وتم ترحيله.. ولأن الدخل مغرٍ فمهما كانت الصعوبات فإن عيسى ينوى العودة مرة أخرى باسم آخر اختاره من الآن وهو آدم .
متسوّلة الكنز
يقول خالد علوى : لدينا منزل شعبى استأجرته سيدة عجوز رقيقة الحال .. فكانت تدفع الايجار شهراً وتتعثر لشهور إلى أن انتهى بنا الوضع إلى اعفائها من الدفع نهائياً خصوصاً وأن حديثها عن ظروفها كان يدمى القلب وقالت لنا : إن الله لم يرزقها بأولاد وبناتها لا يسألن عنها. وتعاطف الجميع معها فمنهم من يسدد فواتير الكهرباء وآخرون تكلفوا باحضار الطعام والشراب وهكذا لمدة عشر سنوات لنفاجأ ذات يوم على خبر وفاتها بسكتة قلبية وحزن الجميع عليها وبعد وفاتها جاءت بناتها وتبرّعن بكل ما فى المنزل ولم يكن سوى سرير صغير ومكيف وثلاجة وقطعة موكيت وبعض الملابس.. وشرعنا فى ترميم المنزل وعمل الأرضية سيراميك لنقوم بتأجيره لكن قبل أن يحدث ذلك فوجئنا بعودة بناتها يطلبن دخول المنزل لأن والدتهن تركت لهن وصية عند أحد الاقارب ذكرت فيها أنها تركت لهن أشياء مدفونة فى أرضية إحدى الغرف.. لم نصدق خصوصاً وأننا كنا نعرف ظروف هذه السيدة وعلى مضض وافقنا بشرط أن يعدن أرضية الحجرة إلى وضعها بعد الحفر واستخراج ما ترك لهن .. وكانت المفاجأة التى حكاها عامل الحفر أن ماهو مخبأ أكياس بها نقود وذهب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.