السعودية.. دور حيوي وتفكير إستراتيجي    تعديلات واستثناءات في لائحة ضريبة التصرفات العقارية    «الجمارك»: استيراد 93,199 سيارة في 2023    وزير الخارجية: القضية الفلسطينية أولوية تُعبّر عن صوت الأمة الإسلامية وضميرها الحي    يسله وجيسوس يحذران المهددين من «الإنذارات»    بأمر خادم الحرمين.. تعيين 261 عضواً بمرتبة مُلازم تحقيق في النيابة العامة    «المظالم» يخفض مدد التقاضي و«التنفيذ» تتوعد المماطلين    الأرصاد: توقعات بهطول أمطار على أجزاء من منطقة الرياض    «مهندس الكلمة» عاصر تحولات القصيدة وغيَّر أبعاد الأغنية    ميدياثون الحج والعمرة يختتم يومه الثالث "يوم الماراثون"    «MBC FM».. 3 عقود على أول إذاعة سعودية خاصة    لا تظلموا التعصب    معالي الفاسد !    أنقذوا «سلة الحقيقة»    عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. طريق الاستقلال !    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    «كاكا» الصباغ صرخة سينمائية مقيمة    الأمم المتحدة تغلق ممر المساعدات إلى دارفور    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    تقدير الجهود السعودية لاستقرار السوق العالمية.. المملكة تعزز تعاونها مع أوزبكستان وأذربيجان في الطاقة    70 % نسبة المدفوعات الإلكترونية بقطاع التجزئة    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    بتنظيم وزارة الرياضة .. "الأحد" إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي    القيادة تعزي رئيس الإمارات وتهنئ رئيس بولندا    مجلس الشؤون الاقتصادية يشيد بالنمو المتسارع للاقتصاد الوطني    أبعاد تنموية    مليون وظيفة في «السياحة» عام 2030    وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود    منح تصاريح دخول العاصمة المقدسة    ضبط أكثر من 19600 مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    أمر ملكي بتعيين (261) عضوًا بمرتبة مُلازم تحقيق على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    مفاوضات هدنة غزة.. ترقب لنتائج مختلفة    «الأوروبي» يدين هجمات موسكو السيبرانية    "زرقاء اليمامة".. أول أوبرا سعودية تقدم تفسيراً لإحدى أقدم الأساطير    ملتقى الصقارين ينطلق في الرياض بهدف استدامة هواية الصقارة    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    انطلاق فعاليات «شهر التصلب المتعدد» بمسيرة أرفى    سفير خادم الحرمين في الفلبين يستقبل التوءم السيامي وأسرتهما    طريقة عمل بسكويت النشا الناعم بحشو كريمة التوفي    «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف»    النملة والهدهد    ضبط مواطن في حائل لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    الديوان الملكي ينعى الأمير بدر بن عبدالمحسن    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العتبات التقنية والتعالق النصي (1)
نشر في المدينة يوم 21 - 12 - 2011


(1)
يؤكد النقاد أهمية العتبات النصية في الفعل الشعري المعاصر يقول بسام قطوس: «وعتبة النص تحيط بالنص وعبرها تقتحم أغوار النص» (2) ويقول خليل الموسى: «العنوان إذن الرسالة الأولى أو العلاقة الأولى التي تصلنا ونتلقاها من ذلك العالم بصفته آلة لقراءة النص الشعري، وباعتبار النص الشعري آلة لقراءة العنوان، فبين العنوان والنص علاقة تكاملية» (3).
أما محمد عبدالمطلب فيرى أن العناوين تمثل «مؤشرًا ذا ضغط إعلامي موجه للمتلقي لمحاصرته في إطار دلالة بعينها « (4).
وتؤدي التقنية المعاصرة دورًا كبيرًا في صناعة هذه العتبات النصية الأولى المصاحبة لعناوين الدواوين المعاصرة، وصولًا إلى تلك الفضاءات الكتابية التي يعتمد عليها الشاعر من الإيقاعات البصرية والتشكيل الكتابي والنقط وصرع البياض والسواد، مما تعد التقنية الرقمية المعاصرة العامل الأهم في شيوع مثل تلك الظواهر في النص الشعري المعاصر.
(2)
تتشكل العتبات النصية في عدة مسارات تشكلية، ومنها العتبات المنفتحة، تأخذ عدة اتجاهات لها أبعادها الفنية ومعطياتها الدلالية. وهي تتخذ إضافة إلى أبعادها التقنية عدة اتجاهات دلالية يعنى بعضها بالقضايا العربية والإسلامية التي تتبدى كرسالة قصدية أولى من خلال صفحة العنوان، كالذي نجده في نموذج صناعة العنوان عند الشاعر عبدالرحمن العشماوي في ديوانه (القدس أنتِ)، الذي اعتمد فيه على صورة ضوئية (فوتوغرافية) عن بيت المقدس وقبة الصخرة، وقد عالجها بالتقنية حيث يبدو العنوان الكتابي (القدس أنتِ) متوسطًا وهج الصورة الضوئية التي جعلها شفرة الوعي بينه وبين المتلقي الذي يعي تمامًا دلالة هذه القدس، ولذا جعل العنوان منفتحًا على شتى الإجابات التي يمليها المتلقي، وكان يحسن أن يدعم العنوان بالنقط بعد مفردة القدس لتأكيد ذلك الانفتاح الدلالي الذي قصد إليه وجعل للمتلقي حرية ملئه بما يغني عن ذكره وتحديده، فهي القدس التاريخ والديانة والألم والحب وغيرها، والعنوان كما نرى -شكل رقم (1)- متداخل تمامًا مع الصورة التي تعبر عن شيء من إفاضات العنوان الكتابي وتشي بكثير من التفاصيل في صورة ضوئية ظاهرة لا غموض فيها.
وهو دأب الشاعر العشماوي في عناوينه عمومًا، تلك التي يحمّلها رسالة أولية واضحة المعالم والدلالة، تربط جمهوره ومتلقي شعره مع الديوان من أول الأمر.
الديوان موجه إلى القدس في عنوانه الكتابي وفي صورة الغلاف الفوتوغرافية، وتراه يسير في ذات الخط في غلاف الديوان الأخير، حيث جاء بصورة الغلاف الضوئية وعالجها تقنيا مع نص أدبي عن القدس يقول فيه:
يا قدس يا حسناء طال فراقنا
وتلاعبت بقلوبنا الأشجان
يا قدس صبرًا فانتصارك قادم
واللص يا بلد الفداء جبان
حجر الصغير رسالة نقلت على
ثغر الشموخ فأصغت الأكوان
يا قدس، وانبثق الضياء وغردت
أطيارها وتأنق البستان
يا قدس والتفتت إلي وأقسمت
وبربنا لا تحنث الأيمان
والله لن يجتاز بي بحر الأسى
إلا قلوب زادها القرآن (5)
والنص الذي اعتمده الشاعر على صفحة الغلاف الأخيرة له دلالاته القيمية المرتبطة بصفحة الغلاف الأولى وبعنوان الديوان المكتوب (القدس أنت)، ونرى الشاعر يسعى من صفحة الغلاف إلى توجيه المتلقي إلى وجهة الديوان التي تتناول القدس بحرقة تمثلت في تكرار مفردة (القدس) على مساحة الغلافين ست (6) مرات، إضافة إلى الدلالة المتشظية للصورة المرفقة مع الديوان.
ومن الملاحظ أن الأبيات التي وضعها على صفحة الغلاف الأخير ليست من نص (القدس أنت)، بل من نص آخر له بعنوان (يا قدس) (6) أما العنوان (القدس أنت) فهو عنوان قصيدة طويلة في هذا الديوان جعل عنوانها (القدس أنت)، يعبر فيها عن القدس بصورة حكائية بدأها بوصف حالتها البائسة بصورة رامزة، يقول فيها:
عصف الرصاص بأمها وأبيها
وبزوجها الغالي وكل بنيها
نثروا أمام الدار مخ صغيرها
«وتفننوا»في صنع ما يؤذيها
هدموا منازلها ولم يدعوا لها
دارًا لها في أرضها تؤويها (7)
ثم يصل بعد ذلك إلى كشف هذه المرأة الرمز، في قوله:
أرأيت، كيف تجمعت في قصتي
صور الأسى، حتى بكى راويها
أنا من أسمّى «القدس» كيف نسيتني
أنسيت أرملة شكى شاكيها (8)
ولعل ما دفع الشاعر إلى اختيار أبيات يضعها على غلاف ديوانه الأخير من قصيدة أخرى هو ذلك الترابط العضوي الظاهر في قصيدته (القدس أنت)، التي تحكي قصة فلسطين وقد صورها في هيئة أرملة سليبة في مسرد نصي متماسك قد يخل به اقتطاع أبيات من سياق لوضعها على الغلاف الأخير، بما قد لا يحقق رؤيته ورغبته في إيصال رسالة الغلاف، فاتجه لنص آخر لا يقل تعبيرًا دلاليًا عن هذا النص.
والديوان في عمومه يحمل دلالات التخصصية الفكرية الموجهة بدءًا من عتبته النصية الأولى، وصولًا إلى نصوص الديوان التي تمثل في جملتها قصيدة واحدة كبيرة عن القدس السليب، وتتأكد رؤيته تلك من خلال عناوين بعض نصوصه التي يتضح منها أن الشاعر حينما أصدر هذا الديوان جعله خالصًا للقدس، ومن تلك النصوص: (أنا مسرى نبيكم، الطريق إلى الأقصى، يا قدس، يا فارس الحجر الأشم، أضواء الحجر الفلسطيني) وغيرها من العناوين الكاشفة عن وجهة الديوان وعن انسحابات العنوان على بنيات النص الشعري.
--------------
(1) أفدت في هذه التسمية من كتاب د.علوي الهاشمي (ظاهرة التعالق النصي في الشعر السعودي الحديث) الرياض. 1992م.
(2) سيمياء العنوان (مكتبة كتانة، إربد، الطبعة الأولى 2001)، ص 45.
(3) قراءات في الشعر العربي الحديث والمعاصر (منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2000)، ص 73.
(4) مناورات الشعرية (دار الشروق، القاهرة، الطبعة الثانية، 1417ه، 1996 ) ص 77-78.
(5) ديوان القدس أنت، مكتبة العبيكان الطبعة الأولى 1424 -2003، صفحة الغلاف الأخيرة.
(6) انظر النص في ديوانه ص 55-67.
(7) القدس أنت، ص 8.
(8) القدس أنت، ص 11.
(*) أكاديمي وعضو مجلس إدارة أدبي أبها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.