صدور قرار تقاعد مدير مكتب التعليم بطريب والعرين الأستاذ حسين آل عادي    حرائق الغابات تلتهم 6 ملايين هكتار في كندا حتى الآن    رياح نشطة وأتربة مثارة في عدة مناطق    مساعدات غذاء وإيواء للنازحين من السويداء إلى درعا    الداخلية : ضبط (23167) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    بوصلة إيزاك تتحول من ليفربول إلى الهلال    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بحضور رئيس النادي    الاتحاد يضم الغامدي حتى 2023    إنقاذ 18 عاملًا في منجم ذهب بكولومبيا    الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    تراجع أسعار النفط    مقتل ثلاثة أشخاص في انفجار بمركز تدريب للشرطة في لوس أنجلوس    البرازيلي "شاموسكا" مدرباً للتعاون مجدداً    أمير الشرقية يدشّن المخطط العام لمطار الملك فهد الدولي... الأحد    إدارة "النصر"تعيّن البرتغالي"خوسيه سيميدو"رئسياً تنفيذياً    النصر: تعيين البرتغالي سيميدو رئيسًا تنفيذيًا مكلّفًا    أرقام رائعة تُميز ديفيد هانكو مدافع النصر المُنتظر    الهلال يدخل سباق التعاقد مع مهاجم نيوكاسل    للمسؤول … طريق لزمة – الوهابة في انتظار كاميرات ساهر والإنارة    "وِرث" و"السودة للتطوير" تطلقان برنامجًا تدريبيًّا لفن القط العسيري    2000 ريال تكلفة كتابة السيرة الذاتية للباحثين عن عمل    1.9 مليون مصلٍ بالروضة الشريفة وأكثر من 3.4 مليون زائر للنبي صلى الله عليه وسلم    المعيقلي: «لا حول ولا قوة إلا بالله» كنز من كنوز الجنة    حسين آل الشيخ: النميمة تفسد الإخاء وتورث العداوة    حساد المتنبي وشاعريته    حملات إعلامية بين «كيد النساء» و«تبعية الأطفال»    ميراث المدينة الأولى    أبعاد الاستشراق المختص بالإسلاميات هامشية مزدوجة    الجبل الأسود في جازان.. قمم تعانق الضباب وتجذب الزوار بأجوائها الرائعة    "هيئة الطرق": الباحة أرض الضباب.. رحلة صيفية ساحرة تعانق الغيوم عبر شبكة طرق متطورة    إنقاذ مريضة تسعينية بتقنية متقدمة في مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية    جراحة تنهي معاناة مريضة من آلام مزمنة في الوجه والبلع استمرت لسنوات ب"سعود الطبية"    تجمع مكة الصحي يفعّل خدمة فحص ما قبل الزواج بمركز صحي العوالي    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    مهند شبير يحول شغفه بالعسل إلى علامة سعودية    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    السعودية: نرفض كافة التدخلات الخارجية في سوريا    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    تعليم الطائف يختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي لأكثر من 200 طالب وطالبة    صدور بيان عن السعودية و 10 دول حول تطورات الأحداث في سوريا    المدينة المنورة تبرز ريادتها في المنتدى السياسي 2025    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بقاتل الدكتور عبد الملك بكر قاضي    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    بوتين لا ينوي وقف الحرب.. روسيا تواصل استهداف مدن أوكرانيا    ضبط 275 كجم مخدرات والإطاحة ب11 مروجاً    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبقري الأئمة
نشر في المدينة يوم 18 - 11 - 2011

إمام العباقرة، وعبقري الأئمة، له في العلم سبب، وفي البيت نسب، وفي المروءة حسب. سالت قريحته فتفجرت أنهار الحكمة من على لسانه، وساقت رياح التوفيق سحب علمه فسالت أودية بقدرها. ذاكرته أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين. الشافعي أخذ من الأثر روحه، ومن الفقه خلاصته، ومن البيان ناصيته، ومن الشعر حلاوته، ومن المجد ذروته.
قعد للعلماء القواعد فغضب عليه أعداء الشريعة؛ لأنهم رضوا بأن يكونوا مع القواعد. فخرت به قريش، وتبجحت به العراق، وخرجت إليه مصر. حاور محمد بن الحسن فقطع أزراره، ورد على المريسي فأطفأ ناره، وجاور أحمد فشكر جواره.
الشافعي لدنيا العلوم شمس، ولأبدان الأخبار عافية، ولليل المدلهمات قمر، في الشرع شعره، في الحق بذله، للآخرة طلبه، لله سعيه، لما خرج إلى البلاد لبست بغداد الحداد، وأمست في سواد. الألفاظ سكر، والقصيد درر، حفر لحدًا للملاحدة، وعزل في زنزانة الإحباط المعتزلة، ورد الأباطيل في وجوه أهل التعطيل، إن سألناه عن:
أهل الكلام: فبالجريد والنعال. وأهل السنة: روادُ الجنة. والفلاسفة: أهل سفه. ومالك: نجم الممالك. وأحمد بن حنبل: زرع سنبل. أتاه المال ففر منه إلى العلم، وأتته الدنيا فهرب إلى الآخرة. تعلم الفراسة في اليمن، فكشف أهل الزيغ والأفن، تدجج بالحجج فألجم الدجاجلة، وصال بالأصول على أعداء الرسول. درس الطب فمرض جسمه، وداوى الناس فزاد غنمه.
المروءة عنده: ولولا الشعر بالعلماء يزري. التواضع: أحب الصالحين ولست منهم. ميزة الشافعي: التفرد، ومنقبته التجرد، تفرد في الفهم، فعصر من زهر الذهن رحيقًا، وتجرد للحق فنسج من بز الشريعة ثوبًا سابغًا. فاح طيب ذكره في الأنوف فيا فرحة من شم، وهزم الباطل فكأنه شم عطر منشم. الشافعي شهاب ثاقب، أحرقت به شياطين الإنس، ولهم عذاب واصب.
يا ابن ادريس أيها الشهم الاجل أنت سيف الحق في العلياء سل
مسكين من جادل الشافعي وناظره، مسكين من عارضه وكابره، مسكين من عرفه وما ذاكره. درس محمد بن إدريس علوم محمد صلى الله عليه وسلم فترك علمًا لا يغسله الماء، ولا تطفئه الريح، ولا يلفه الظلام، ولا ينسيه الدهر، الرسوخ في يسر، العمق في سهولة، الأصالة في إشراق، البراعة في نصوع. أهل فارس يعرفونه، وأهل الصين يذكرونه، وأهل الأندلس يمدحونه، وأهل الباطل يبغضونه. إذا مرجت الآراء بزغ رأي الشافعي كالنجم الثاقب، إن تكلم أسكت الخطباء، وإن أنشد صمت الأدباء، أحب الملة فأمهرها روحه، وعشق العلم فأعطاه عمره، وأخلص للرسالة ففاضت لها نفسه، فهو عاشق المثل، سامي المقاصد، رجل المروءات، ناشر السنة بين أهلها، وناصرها على أعدائها، وحافظها لمحبيها، وشارحها لناقليها. إذا ارتحل بكى المحل، وإذا انتقل شيعته المقل. أنار بالوحي عقله، وجمع علم من قبله، وقال معاصروه: ما رأينا مثله:
وإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
ورث أنوار الرسالة، فألف للأمة الرسالة، مات أبوه فكفلته الأم، فقدم للناس كتاب الأم. إذا نطق الشافعي فكأن السيل أقبل، والفجر بزغ، والنور سطع، صحة مخارج، حلاوة لفظ، قوة حجة، براعة دليل، سلامة إنشاء، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. في الفقه إمام، في النقل حجة، في النسك علم، في اللغة أستاذ، في الذكاء آية. سرت به أمه من غزة فسبحان الذي أسرى، وعاش في مكة لينفع أم ألقرى.
الشافعي لم يستند إلى النسب ولو أنه مطلبي، ولم يتكل على الجاه فهو أبي، ولكنه أخذ بأسباب الخلود، وهجر أسباب الفناء، فأمات في حياته النفس الأمارة، وأحيا بوفاته النفس المطمئنة، فنوديت: ((ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً)) إذا كانت الحياة بالبساط والسياط والسلطة والسطوة فأين أصحابها بعد موتهم: ((هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا))
عاصر الشافعي خمسة ملوك، عاشوا أغنياء وهو فقير، هم في حشيم وخدم وهو في غربة وعزلة، بقي وذهبوا، ذكر ونسوا، عاش وماتوا؛ لأنه أمات الدنيا في حياته، وأحيا الآخرة قبل وفاته، وهم أشربوا في قلوبهم عجل العاجلة، وأخروا في بطاقة أعمالهم الآخرة، ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف.
عند الشافعي: اتباع الأثر عبادة، الوقوف مع النقل عقل، توقير الصحابة عقيدة، رد الشبه جهاد، تعليم الناس ربانية، ترك المعاصي هجرة، أهل الحديث: رءوس، المبتدعة: سفلة، علم الكلام: غي، المنصب: ذل، الدنيا: دنيئة. بدا إلى البادية فهذ شعر هذيل. كان رأسًا وسواه ذيل. احتسى علم مالك، ومص فهم أبي حنيفة، وجمع بين النثر والشعر والرواية والدراية، والعقل والنقل.
الشافعي عروبة حجازية، وفصاحة عراقية، ورقة مصرية، أعجب ما فيه روح التجديد في المذهب القديم. وقدم التأصيل في مذهبه الجديد.
سخر الشعر للشريعة، والنحو للوحي، والرأي للرواية، والتعليل للتأويل، حملته الهمة فأضناه الطلب، وخلع الدنيا فلبس تاج القبول، خاف الدنيا والدنايا، وجانب الشيطان والشر والشهوة والشبهة.
إن خطب أطنب وأطرب، وأتى بكل أطيب. وإن أفتى شفى وكفى وأوفى. فلج خصوم الإسلام، ونكس رايات الأقزام، وأبقى ذكره للأيام، دمغ الضلال، واكتسح الجهال، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال. انكسر به ظهر الجبرية، وثلم به قدر القدرية، وأخرجت حججه شبه الخوارج، واهتز في يده سنان السنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.