فريق لمنظمة الصحة العالمية يتعرض لهجوم في أوكرانيا    أمير منطقة حائل يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026م    ترامب يدافع عن قيود جديدة على الصحفيين    ارتفاع أسعار الذهب    أمير منطقة الجوف يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكرة القدم إلى كأس العالم 2026    حقائق رقمية تُزين مشوار تأهل المنتخب السعودي لكأس العالم 2026    السديس يتفقد استعدادات الرئاسة لانطلاق ملتقى مآثر الشيخ عبدالعزيز بن صالح    السواحه يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب إلى كأس العالم 2026    وزير الأمن الإسرائيلي يقتحم الأقصى    70 مليار دولار لانتشال غزة من تحت الركام    الأمم المتحدة تطالب بفتح جميع المعابر الى غزة    كود الطرق السعودي نقلة لتفعيل مواصفات السلامة    206.2 مليار ريال أصول الصناديق    تحت رعاية أمير الرياض.. نادي الطيران يكشف تجارب مبهرة لمعرض 2025    للمرة السابعة في تاريخه.. الأخضر السعودي يتأهل إلى مونديال 2026    توقّع بتوهّجات شمسية الأيام المقبلة    مدارس الرياض تحصل على «التميز»    إحباط تهريب 74 كجم حشيش و45 ألف قرص إمفيتامين    إعادة فتح برنامج فرص لشاغلي الوظائف التعليمية    إسناد تشغيل وصيانة محطات تنقية «السدود» و«الجوفية» لهيئة المياه.. مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة وتنظيم صندوق التنمية الوطني    "الصحراء والبحر" يلتقيان في معرض "آل خليفة"    برشلونة يخوض الكلاسيكو بقميص المغني شيران    كيف ينظر العماني للقراءة؟    محلك «صفر»!    ارتفاع مؤشر تاسي    ترأس اجتماع لجنة الحج والعمرة.. نائب أمير مكة: مضاعفة الجهود لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن    نائب أمير مكة المكرمة وأمراء يواسون آل نصيف    إنقاذ عشريني من «فطريات أنفية» خطيرة    عبر نموذج ذكي يعزز دقة التشخيص وجودة الحياة.. «التخصصي» يرسخ ريادته في طب الأعصاب    وجبة «برغر» إسبانية بسعر سيارة    حاضرون وداعمون    اللعب على المصطلحات: صراع اللغة في زمن الإبادة    حينَ تَتكلَّمُ الرِّياضُ... يَصمُتُ الإملاء    1.18 مليون موظف بالقطاع العام    الرجال حسموها    ما بين التراث والتاريخ قصة مؤسسة    غازي القصيبي في الدوحة    مشاركة الجموع عطّلت العقول بالركض خلف الترندات    رونالدو يصبح أفضل هداف في تاريخ تصفيات كأس العالم    سالم الدوسري: تأهل يدل على قوة منتخب السعودية    المملكة أوقفت الحرب في غزة وتسعى لدولة فلسطينية    عون يأمل وقف العمليات الإسرائيلية لبدء التفاوض    بوصلة السلام    قولوا آمين يا هيئة التأمين!    متعة الترفيه    "جمانة" تحقّق ميدالية برونزية مع المنتخب السعودي في البطولة العربية المدرسية لكرة القدم    القبض على (7) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (120) كجم "قات"    ختام الآيات ومناسباتها وعلاقتها بما قبلها    بيئة العمل في المصانع السعودية نحو التحول الرقمي    محافظ تيماء يستقبل مدير المعهد الصناعي الثانوي وفرع الكلية التقنية بتيماء    أمير الشرقية يصدر قراراً بتعيين البقعاوي محافظاً للنعيرية    مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة والمراجعة    أمين العاصمة المقدسة يرأس الاجتماع الثالث للجنة الأعمال البلدية والبيئية لتعزيز التكامل التنموي بمكة    الكلمة الطيبة.. محفّزة    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    الوطن أمانة    «الحياة الفطرية»: إجراءات شاملة لصون الطيور المهاجرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة حزب “الكنبة”
نشر في المدينة يوم 21 - 07 - 2011

تلقيت على هاتفي النقال رسالة من ثلاث كلمات اكتفى صاحبها بالسؤال التالي: « .. وآخرتها يا أستاذنا؟!.. آخرة ماذا؟.. لا أعرف.. من هو صاحب الرسالة؟! لست متأكداً من هويته.. بعد قليل جاءني صوته على الهاتف يسأل مجدداً:لماذا لم ترد على سؤالي؟ سألته: من أنت؟ لاكتشف أنه كاتب صحفي صديق يبدي اهتماما في مقالاته على مدى أسابيع بتطورات الأوضاع في مصر وتونس ومناطق الثورات العربية.. ثم شرح لي كيف أنه بات في حيرة من أمره يريد أن يعرف «آخرتها» أو نهاية المشهد الحالي في مصر وفي تونس وفي غير عاصمة عربية طالتها موجة الثورة أو حمى التغيير.
قلت له إن سؤاله مثير للحيرة، ومحفز لمشاعر القلق، وأنه يعكس حالة نفاد صبر مبكرة، ورحت أطمئنه – رغم قلقي- بأن ليس ثمة ما يدعو للقلق لأسباب كثيرة قلت له أن من بينها ما يلي:
أولاً: أنتم رومانسيون تتعجلون القطاف ولا تريدون التسليم بأن ما حدث ويحدث هو تجربة جديدة وفريدة في التاريخ العربي كله،لا يحكم حركتها بالطبع قانون واحد جامد، وليست لها بالضرورة نهاية درامية واحدة أو متطابقة.
ثانياُ: أن آخر عهد التاريخ الإنساني بالثورات الشعبية كتلك التي تشهدها الآن بعض الدول العربية، ربما كان قبل عشرات السنين، فضلا عن أن ساحة تلك الثورات الشعبية كانت في أوروبا الشرقية قبل أكثر من عقدين، وأن ثمة اختلافات تتعلق بطبيعة الثورة، وبدوافعها، وبثقافة البيئة التي شهدتها في شرق أوروبا، وبمن قامت لتطيح بهم، وبمن قاموا بدعمها، كل تلك العوامل لا تسمح باستنساخ النموذج او استخلاص الحلول الأوروبية الجاهزة، لمواجهة استحقاقات ثورات عربية تختلف كثيرا، بدوافعها، وبظروفها، وبمنطلقاتها الثقافية والفكرية.
ثالثاً: أن هذا الاختلاف لم يستتبعه فحسب، حرمان الثورات العربية من نموذج تترسم خطاه، أو من دليل استرشادي يشرح أفضل الطرق لانتاج الثورة او لاستخدامها كآلية للتغيير، وإنما استتبعه ايضا بروز قوى وتيارات خرجت في أعقاب الإطاحة بالنظام في مصر وفي تونس تبشر بدولة الخلافة وتفتش بين الصفوف عن «الخليفة المنتظر» فيما كانت قوى وتيارات أخرى تتمسك بأهداب حلم الدولة المدنية الحديثة، فيما كان الجميع مختلفين فيما بينهم حول مفاهيم اساسية تبدو بديهية مثل ، معنى «الدولة» وما المقصود ب «المدنية» وماذا تعني «الحداثة» في هذا السياق.
رابعا: أن ثمة طبيعة ميزت مفهوم الثورة الشعبية في القرن الحادي والعشرين، مستلهمة ثورة تقنيات الاتصال ، سمحت لقوى الثورة بالتجمع والاحتشاد في عالم افتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هذه القوى فوجئت على ما يبدو في ساحات اللقاء بميدان التحرير في مصر وسائر الميادين الأخرى، بأنها تتعارف وتلتقي لأول مرة، وأن ثمة مسافات واقعية تفصل بين رموزها وافرادها، لم يسمح الفضاء الالكتروني عبر الانترنت، لا بالتعرف عليها، ولا باكتشافها في لحظات الاحتشاد المبكر، حتى بدا الثوار في لحظة اللقاء كعروس تشاهد عريسها لأول مرة في ليلة الزفاف بمخدع الزوجية.. وهكذا فلم تكن ثمة فرصة لتعارف حقيقي دون حواجز، ولا كانت هناك فرصة لانتخاب رموز وقيادات تمنح الثورة رأساً وعينين، وتتيح لها فرصة امتلاك الرؤية لمشروع سياسي ما، سوف يتم بناؤه بعد الانتهاء من هدم قواعد النظام القديم.
خامساً: أن فئة «المؤلفة قلوبهم» ممن خرجوا للحاق بركب الثوار عقب الإطاحة بالنظام السابق، قد استعجلوا جني ثمار ما بعد سقوط النظام، ولهذا خرجت مظاهرات ذوي المطالب الفئوية تستعجل مطالب مثل رفع الرواتب، وتحسين الأجور، وتوظيف العاطلين، وخرج آخرون محتجين على ما اعتبروه تأخيرا من الثورة في انجاز «العدالة الاجتماعية»!!..
وهكذا فهؤلاء «المؤلفة قلوبهم» وهم الكثرة الغالبة ممن يصفهم المصريون ب» حزب الكنبة» أو الأغلبية الصامتة، باتت تظن أن الثورة التي لا تحقق العدل الاجتماعي بضربة واحدة، تستحق أن يغادروا «الكنبة» من أجل إسقاطها.
سادساً: أن ما يحدث هو حراك ما بعد الموجة الأولى للثورة،بعدما اتسع الفضاء الذي امتد اليه هذا الحراك، وأن ثمة موجات متلاحقة تتجمع الآن في أعقاب الموجة الأولى ، بعضها سوف يكمل عملية «الهدم الثوري « الضرورية، لكن بعضها الآخر قد يطيح في طريقه ببعض قوى الثوار أو حتى ببعض انجازات الثورة.
سابعاً: أنه ينبغي الإدراك مبكراً بأن هذا هو شأن الثورات الشعبية، فهي ليست مشروعا واحدا للهدم وإعادة البناء حمله أحد الجنرالات فوق دبابة وضمنه «البيان رقم واحد»، وإنما هى عملية ديناميكية تبدأ ب «القتيل رقم واحد» مع سقوط أول الضحايا في صفوف الثوار، وتستمر في بلورة رؤيتها، وامتلاك مشروعها، ضمن حراك «ثوري»،و في فضاء ثورى ، تتحدد أبعاده، ويتقرر وزن كل القوى السياسية فيه، طبقاً لنتائج صراعات الرؤى والتصورات لدى أصحاب المشروعات الإصلاحية، أوالرؤى الثورية.
ثامناً: أن «الخوف من التاريخ» ربما كان وراء ما يبدو من تردد في خطى القوى التي عهد اليها الثوار بحماية الثورة، وهو ما بدا جليا في مداخلة هاتفية لأحد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مع أحد برامج «التوك شو»، فالرجل تحفظ على المساس بنسبة الخمسين بالمائة عمال وفلاحين في الدستور الجديد بدعوى أنه لا يجوز المساس بأحد أهم مكتسبات ثورة يوليو 1952، ناسيا أن ثمة ثورة شعبية أكبر وأهم بكثير قد أطاحت ضمن ما أطاحت ب»نظام يوليو»، وقد برر الجنرال مخاوفه بالقول: ماذا سيقول عنا التاريخ؟! وكأنما حجز موقع مميز في صفحات التاريخ رهن بما لم نفعله وليس بما فعلناه، وهو نفس منطق النظام الذي أطاح به ثوار التحرير، حين كان يردد أنه «يكفي أن الرئيس (السابق طبعاً) قد جنب البلاد خوض حروب أو مواجهات جديدة. فكان صاحب الفضل فيما لم يفعله، ولم يكن صاحب فضل بما فعل.
تاسعاً: لهذه الأسباب ولغيرها كثير مما لا يتسع المجال لعرضه، فأنا لا يقلقني ما يحدث، ولا أراه تهديدا لفرصة تغير كبير لاحت سواء في مصر أو في تونس، وإن كان أكثرما يثير القلق هو صعوبة إدارة ثورة ما تزال في «طور المراهقة»، وهو ما يتطلب قدرا من الصبر وقدرا من الحلم ليس أكثر.. فما يعتور الثورة الآن هو مجرد « طور» سوف تتبعه بالضرورة وبالمنطق أطوار أخرى تحمله الى آفاق النضوج.
[email protected]
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (31) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 - Stc
635031 - Mobily
737221 - Zain


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.