الدراما وصناعة الرأي

بعد أن أتحفتنا القنوات الفضائية إياها بمسلسلات رمضانية عن سيرة كل من ليلى مراد وأسمهان وإسماعيل ياسين وسعاد حسني ، ها هي إحدى القنوات الفضائية تستعد لعرض مسلسل تلفزيوني جديد خلال شهر رمضان سيتناول سيرة المغنية والممثلة صباح .
ما لنا نحن وسيرة حياة صباح ..؟ ألا تكفينا كل هذه القنوات الغنائية وكل هؤلاء المغنين والمغنيات الذين نراهم ليل نهار ، لنشاهد أيضا قصص حياتهم ومآثرهم وسجل بطولاتهم وعبقريتهم من خلال المسلسلات التلفزيونية ؟!
ليست لدي أية مشكلة مع الفن ، بل على العكس ، لكني لا أفهم إصرار رجال الأعمال من أصحاب شركات الإنتاج التلفزيوني على تسخير الدراما التلفزيونية لتغييب الناس ولفصلهم عن تاريخهم ولتحويل انظارهم عن معاناتهم وآلامهم وآمالهم ؟!
إن التاريخ العربي الحديث ، ناهيك عن القديم ، مليء بالشخصيات العظيمة وأصحاب المواهب الفذة . وسيرة كل واحد من هؤلاء يمكن أن تلهم المشاهدين الشيء الكثير . فلماذا نتجاهل أبطالنا ورموزنا وأدباءنا ومفكرينا وعلماءنا ، ونكتفي بالتركيز على تاريخ المغنين والممثلين دون أن نأتي على ذكر عيوبهم ، ودون ان نسند مهمة الكتابة لأهل الدراية والأمانة العلمية والتاريخية؟
طبعا سيحتمي أصحاب شركات الإنتاج وراء الحجة الكاذبة ( الجمهور عاوز كده ) .. وهي فرية رخيصة لا علاقة لها بالواقع . فلو كان الجمهور عاوز كده بالفعل ، لما سجلت نسبة مشاهدة فيلم عمر المختار أرقاما قياسية ، ولما وجد مسلسل ( الأيام ) الذي قدم سيرة طه حسين كل ذلك الإقبال والمتابعة اللتين حظي بهما عند عرضه قبل عقود ، ولما وجدت مسلسلات الأديب والسيناريست اللامع أسامة انور عكاشة كل ذلك الرواج والانتشار .
المسألة ليست مسألة نجاح جماهيري أو ربح مادي وحسب ، لأن هناك كما يبدو وكما تدل على ذلك الكثير من المؤشرات ، من يريد أن يجهّل الناس ويغيبهم عن واقعهم و يسعى إلى تأصيل القطيعة بينهم وبين تاريخهم . وإلا فما معنى كل ما يحدث ؟
الدراما وسيلة مهمة من وسائل صناعة الرأي وليست قالبا فنيا فقط أو وسيلة من وسائل الترفيه فحسب .
anaszahid@hotmail.com


للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 - Stc
635031 - Mobily
737221 - Zain