على أرصفة الكوكب المقابل لكوكبنا تألق شموخُ أحرجت هيبته شروق الشمس ، و نضال هزَّصداه عروش الظلام والاستبداد فأسقطها عرشًا عرشا ،..ذاك الكوكب تحول إلى محطات للتلاقي والوداع ، الارتحال ثم ..الارتحال فلامكان على أرضه للهو أوالعبث ولاوقت للاختيار. هًمَم خالدة اخترق شدوها الموشى بلحن الموت سكون الذلة ، فحلقت طيورالجِنَانِ أسرابًا لتحط على طرقات الحق وفوق تلال الحرية لتعود أدراجها محملة بأرواح أجسادهم الطاهرة المتناثرة ،وتلك الدماء المراقة التي أتعب انسكابها ذرات الرمال هي فقط الآن ارتاحت في ذاك المكان الآمن من تلك الحويصلة ..أي كرامة يحظون بها ،وأي عزة أورثوها لمن خَلَفَهُمْ !؟. ومن زوايا الاستغباء وعلى الرصيف المقابل يقبع ذاك الزعيم مترصدًا، فيراقب ويقلب الصفحات والقنوات ليخرج عن صمته بضجيج الإصلاح والتغييرليسطر على ذاكرة الخزي قبح المخرج من عفن القرار . وعلى ماتبقى من الأرصفة المتكسرة يتناثر المطبلون يندسون ويعبثون ويحرقون ويقتلون ويسلبون ..وهم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. مهزلة تتكشف لنا أحداثها وأسبابها ومسبباتها لتصدمنا كل يوم بواقع كنا كلنا نعرف مآله ولكن الجميع ولأول مرة في تاريخنا العروبي تكاتف على أن يلتزم الصمت ..ينتظرون ويراقبون ويحللون ليعلقوا على استحياءً بسطر ونقطة آخره . فجر جديد يبزغ من السماء ليقضي على ليل الظلام الدامس الذي عاشوه دهورًا،وأرض جديدة ارتوى ثراها من دمائهم ،وكوكب يدور في فلكه لاهو الأرض ولا المريخ ولا الزهرة ..إنه كوكب الحرية الذي طالما كانوا يحلمون به .. ليتنفسوا على امتداده الهواء النقي ،ويعيشوا حياتهم كما يحلو لهم ويرسمون على مداراته وطنا وإنسانا. مرصد.. (الحرية ذلك التاج الذي يضعه الإنسان على رأسه ليصبح جديرا بإنسانيته ،فالحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حرّاً أو لا يكون حرّا).