التربية أساس التقدم، وعنوان الرقي، ورمز التحضّر. بها تتفاخر الأمم وتتباهى الشعوب، وبنتاجها تصل إلى غاياتها وتحقق أهدافها العلمية والعملية. والمربون هم أساس في منظومة العمل التربوي، فهم قادة الميدان، ولذا ما أجمل رفع شعار: (معلمو الأجيال أنتم فخرنا)، الذي ينم عن إدراك لمكانة المعلم المربي، ودوره البارز في العملية التربوية ومكانته في إعداد المخرجات التي يطمح إليها المواطن ويحتاجها الوطن. هذه المقدمة المقتضبة هي ما تحقق في (الملتقى التربوي الأول لمعلمي ومعلمات منطقة المدينةالمنورة)، الذي تم افتتاحه مساء الأحد الماضي واستمر ثلاثة أيام، واختتمت فعالياته يوم أمس الأول الأربعاء، ونظمته باقتدار الإدارة العامة للتربية والتعليم. وكم كان السرور بالغًا بعقد مثل هذا الملتقى؛ فالمعلم يحتاج إلى التكريم مع أنه لا يسعى إليه ابتداءً، فهو يربي جيلًا ويتعامل مع عقول، وينشأ سواعد الوطن ويصنع الرجال، وله حقوق على وزارته ومجتمعه؛ ولذا فهو أحق بالتكريم من غيره، ويكفيه فخرًا أنه من ورثة الأنبياء، حامل لشعلة العلم وقائد لراية التعلم ورمزًا للحلم ومتحملًا للمشاق والألم. وإنه لمن المؤسف ما يدار بين الحين والآخر من أمور وما ينشر من أخبار تسيء إليه أو تحاول التقليل من شأنه والنيل من مكانته، وقد كفانا الشاعر الرد على كل ذلك عندما قال: قالوا عن التعليم صنعة مفلس قعدت به النكبات عن إمداده ونسوا بأن الله علم آدم جل الإله معلمًا لعباده والأنبياء معلمون تراثهم علم شفى الإنسان من إلحاده وقد لفت النظر في هذا الملتقى شموليته، وتنوع فعالياته حيث فاقت 45 فعالية للجنسين، والجميل أن جميع المحافظات في منطقة المدينةالمنورة قد شاركت، مما يعني حراكًا ثقافيًا بارزًا، وكان الوفاء سمة بارزة؛ حيث تم تكريم مدراء التعليم السابقين، وتكريم حوالى 400 معلم ومعلمة، وهذا مدعاة إلى بذل المزيد من خلال عنصر التحفيز. إن مثل هذه الملتقيات لها مردود إيجابي على العملية التربوية بشكل عام، ابتداء من الطالب ومرورًا بالمعلم وانتهاءً بالمنهج والبيئة التعليمية، فهي تثري الساحة وتنشر ثقافة يحتاجها الجميع، وبنظرة واحدة على البرنامج المصاحب يتضح كل ذلك. وقد أحسن القائمون على الملتقى عندما أطلقوا عليه الملتقى الأول، وهو ما يعني ضمنًا أنه سيتبعه ملتقيات، وهذا بلا شك فكر رائد ينم عن إستراتيجية وتخطيط ذي مهنية عالية، ولذا فإن الجميع -في تصوري- سيترقبون الملتقى الثاني، لأن من دقق فيه يجد بوضوح أن النجاح قد تحقق له. وهمسة في أذن وسائل إعلامنا أن تبرز مثل هذه الملتقيات، لما لها من أثر على المتلقي، فهي تظهر مكانة التربية بشكل عام وتعطيها أركانها ومكانتها. ومناشدة لرجال الأعمال أن يدعموه برعايتهم لجميع فعالياته مستقبلًا، وقد حان الوقت لاستثمار مثل هذه الملتقيات؛ ولأن تقوم الشركات والمؤسسات التجارية بدورها في خدمة المجتمع، وليس البحث عن الربحية فقط. وهذه تهنئة للقائمين على الملتقى لنجاحه، مع أمل بأن تعمّمه الوزارة على جميع المناطق، فالمعلم يمثل مفخرة للوطن، وهو معدّ الجيل وصانع رجاله، فهل تفعل وزارتنا الموقرة؟! [email protected]