غراس بذرة صغيرة، وُلدت من رحم عطاء لا ينقطع، وصبر لا يفتر، وتضحية لا حدود لها. غراس نموذج حديث لجيل جديد، لم يعتده أمثالي ممن تجاوزهم الزمن أو يكاد. غراس شعلة مضيئة في حدث جميل يؤسس لفتية وفتيات المستقبل عبر براعم اليوم. وفي نهاية الأسبوع الماضي، قُطفت إحدى هذه الثمرات اليانعات، فكان مؤتمر غراس الأول تحت رعاية كلية دار الحكمة، وهي حقًا بيت للحكمة ودار للتربية وضياء للمجتمع. عن هذا الملتقى الرائع يقول الابن العزيز: (إنَّ أصلَ فكرة إقامة مؤتمرٍ خاصٍ بالأطفال هي فكرةٌ عظيمةٌ بحدِّ ذاتها، جديرةٌ بالإشادة من أساسها، فكم هو بديعٌ أن يُلتفت إلى الجوانب التي أعرض عنها المجتمع، والمجالات التي قصَّرت فيها المؤسسات، فنسد فيها النقص، ونشغر تلكم الثغرة، إنه خيرٌ من عملٍ مكررٍ لا يعدو أن يكون رقمًا مضافًا إلى العشرات غيره، إنه عملٌ إسلاميٌ أصيل، وجهدٌ قيميٌ نبيل، ونظرةٌ تربويةٌ عميقة، أن نعتني بالطفل ونلتفت إليه، نلتفت إليه باعتباره قائدَ نهضة وصانعَ حضارة، أن نرعاه من اليوم، لنحصد غدًا جني غراسنا، ونقطف ثمرة بذلنا). ويضيف حازم: (وإنَّ ما قدمه نادي غراس من خلال مؤتمره الخاص بالأطفال هو امتدادٌ للتربية المحمدية السامقة، وإحياءٌ لجوانبَ من الحضارة منسية، كيف لا وهو يحمل بين طياته العديد من العطايا، والكثير من المخرجات، لعل من أبرزه غرس الثقةِ في الطفل المسلم، وزرع روح العطاء في نفسه، ليعلم أنه قادرٌ على أن يقدم شيئًا، ويفعل شيئًا، وليس هو لمجرد اللعب والمرح، وهذا يُشعِر الطفل بالكفاءة والجدارة، والإمكانية والقدرة، مما يسهم في تحقيق احترام الطفل لذاته، وثقته في إمكاناته، وذلك بناءً على احترامِ الآخرين له، إذ إن كثيرًا من الأخطاء والمشكلات التي ننتقدها على الأطفال ساهمنا نحن كمجتمع في ظهورها عندهم، عندما لم نتح لهم الفرصة ليأخذوا موقعهم الصحيح في ساحة الحياة، ولنسأل أنفسنا: كم مرةً حطمنا عندهم فكرةً، أو نزعنا منهم ثقةً، أو سفهنا لهم رأيًا). ويختم قائلًا: (يا أخواتنا في فريق غراس: لقد فكرتن فجددتن.. ورسمتن فأجدتن.. وخططتن فأتقنتن.. ونفذتن فأبدعتن).