رأت محكمة التمييز في مكةالمكرمة أن جزاء الآخرة أهم من تكريم موظف رفض رشوة. وقالت أن مطالبة موظف في المحكمة الجزئية في مكةالمكرمة بتكريمه لرفضه رشوة بمليوني ريال غير مبرر. ورغم اعتراف المحكمة بأن ما قام به الموظف «عمل جليل ينبئ عن يقظة الضمير»، إلا أنها أرتأت أن «جزاء الآخرة أبقى». وكانت المحكمة الإدارية بمكة قد قضت برفض الدعوى التي تتضمن مطالبة الموظف بتكريمه بمبلغ خمسة ملايين ريال. وكشفت صحيفة الحياة أن وثيقة الحكم تقول «إن التعويض لا يكون إلا عن خطأ سبب ضرراً موصلاً إليه بنتيجة لا تتخلف عنه، وفي الحادثة لم يصدر خطأ من «الوزارة» (المدعى عليها) موجب للتعويض، الأمر الذي يكون معه طلب المدعي خليقاً بالرفض». أننا لا نختلف هنا مع منطوق الحكم. فما قام به الموظف هو نوع من الإحسان. والمحسنون لهم أجر عظيم عند الله، قال تعالى: } هل جزاء الإحسان إلا الإحسان{ [الرحمن: 60]. وقال: } إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً { [الكهف: 30]. وقال: }وأحسنوا إن الله يحب المحسنين{ [البقرة: 195]. لكننا نعيش في عالم «غير» لا تلعب فيه المثاليات إلا بقدر معلوم، وهو ما يستوجب تطبيق قاعدة أن يكون «الجزاء من جنس العمل». إن القضاة لا يحلون محل الله سبحانه وتعالى في توزيع الجزاء والثواب، فهذا أمر أحتفظ به الله لذاته جل وعلا، بل وظيفة القاضي هي الحكم بموجب أنظمة تهدف التعامل مع قضايا تحدث على الأرض وليس في السماء! لذا يجب أن تكون هناك قاعدة لمثل هذه التعاملات كوضع نسبة مئوية، 10% مثلاُ من مبلغ الرشوة أو الضبطية في حالة التهريب .. وهكذا. وهو ما يمكن أن يُشكل حافزا للموظفين القائمين على مواقع حساسة لرفض الإغراءات. فيجتمع لهم بهذا الوزاع الديني والمكافأة الدنيوية معاً .. فتكون فرصة السعي للحياتين، والفوز بالحسنيين: «جزاء الآخرة» و .. «جزاء الدنيا».