لم تتقاعس جريدة سعودية عن نشْر خبر اكتشاف أثر خرطوش رمسيس الفرعوني في تيماء السعودية، وهو منقوش على صخرة واقعة على مسار طريق تبيّن أنه هو الذي سلكته قوافل الفراعنة لنقل بضائع البخور والمعادن الثمينة بين الجزيرة العربية ومصر!. وقد فرحت هيئة السياحة والآثار بهذا الاكتشاف، وأعلنت عن تقديم جوائز مالية لكلّ من يكتشف أثرًا مهمًا مثله، أمّا أنا ففرحتُ أكثر منها، فهكذا.. تُحترم آثارُنا التي حقّرها بعضُنا، وسعوا لطمسها بسبب مخاوف مُعشِّشة فقط في مخيّلتهم، فظلّت آثارنا بلا قيمة كتلك التي لغيرها في الدول الأخرى، رغم أنها من أنفس الآثار على مرّ التاريخ!. لكن هذا ليس بيت القصيد، بل هو عن طرق التجارة، ويا لها من صدفة جميلة، إذ في نفس زمن الاكتشاف، بعث لي قارئٌ كُنيته (أبو هاشم) اقتراحًا اقتبسه من ندوة عُقِدَت في قناة النيل المصرية، وشارك فيها مختصّون، عن اقتراح شقّ قناة بحرية من الخليج العربي إلى البحر الأحمر في عمق البرّ السعودي، لنقل البترول والبضائع، بدلًا من الاعتماد الكلّي على مرور السفن عبر مضيق هرمز في الخليج العربي الذي قد يُغلق في حالة الحرب، وهذه القناة، أو الطريق التجارية، حسب الندوة، ستختصر المسار البحري بين قناة السويس والخليج العربي بآلاف الكيلومترات، وستُجنِّبنا القرصنة الصومالية، ومحاولات الهيمنة الإيرانية على الخليج العربي، كما ستدرّ دخلًا ماليًا إضافيًا على المملكة، وستُوظّف مواطنينا العاطلين، وستُضْفي مواصلات بحرية داخلية، وستُحسِّن البيئة، وستُنشِّط السياحة، وأضيف أنا إنها ستكون كخرطوش رمسيس: معْلَمًا لخدمة الحضارة الإنسانية!. وأنا هنا لا أطالب بتنفيذ هذا الاقتراح، بل أستغرب غياب مجلس الشورى عن مناقشة جدواه، فسعودة خرطوش رمسيس بواسطة ابتكار كلّ ما يخدم اقتصادنا ويُرسِّخ أمننا هو واجبٌ وطني، ولا عيب في تقليد الفراعنة، وتهيئة الطرق التجارية الرابطة بالخارج، فهي روح الحضارات القديمة، كما الجديدة، ولنا في ذي القرْنيْن مثلًا، إذ برّر القرآن الكريم وسيلة تفوّقه على الأمم، من مغرب الشمس إلى مشرقها، في (3) كلمات هي: (ثُمّ أتْبَعَ سَبَبَا)، والتي يُستفاد منها أنّ تهيئة الطرق الاقتصادية والآمنة هو المجد والسؤدد والرفاهية!.